الياس مراد:امريكا وحلفاؤها أفشلوا خطة أنان

«الرئيس بشار أعلن أمام مئات الآلاف من السوريين قبل نحو شهرين في ساحة الأمويين عندما نزل هو وزوجته وابناؤه، قائلاً: «نحن نتحمل المسؤولية ولا نتهرب من هذه المسؤولية أبداً. وأكد السوريون اكثر من مرة أن رئيسهم الدكتور بشار الأسد يحظى بأغلبية ساحقة ومطلقة وليست أغلبية نسبية من الشعب السوري والشارع السوري، وهو الذي يقرر بعد انتهاء ولايته في العام 2014 ما اذا كان سيجدد هذه الولاية ام أنه لا يجددها. وباعتقادي، لو أنه

قرر عدم تجديد ولايته لنزل الشعب السوري بملايينه مطالباً إياه ليكون رئيساً لسوريا وقائداً لشعبها لأنه يمثل وحدة البلد ووحدة الوطن. وكل ما يُسمع من أصوات في الخارج لا يؤثر على المواطنين السوريين قيد أنملة. والدستور السوري الجديد يتحدث عن ولايتين فقط للرئيس وفي 2014 تنتهي الولاية الحالية للرئيس بشار الأسد وهو الذي يقرر بعدها. ولكني اقول، لو قال الرئيس انه لن يجدد للولاية الثانية فأن الشعب السوري سيجدد له رمزاً للبلاد ووحدة البلاد والشعب السوري». هذا ما قاله أمس الأربعاء د. الياس مراد رئيس نقابة الصحفيين السوريين في مستهل مقابلة خاصة لـ»الصنارة» من قلب دمشق.

«الصنارة»: يبدو لي من كلامك أنكم تحتفلون وتعقدون جلسات واجتماعات وتستعدون للأنتخابات وكأن لا شيء حاصل في الخارج، الى هذا الحد الصورة لديكم هي غير ما نراها في الإعلام، كيف هي الحال عندكم إذن؟

مراد: أكيد هي غير ما يصورها الإعلام. كان لدينا الآن جلسة لمؤتمر الحزب (حزب البعث) التحضيري لدراسة الترشيحات داخل الحزب لترشيح مرشحين لمجلس الشعب. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ العمل الحزبي. كان سابقاً يتم اختيار المرشحين بقرار من قبل قيادة الحزب، أو بعض القيادة، الآن سيتم اختيار المرشحين الحزبيين بالانتخاب المباشر من قبل أعضاء حزب «البعث» ومن ثم يتم طرحهم للإنتخاب المباشر من قبل الشعب.

«الصنارة»: هذا على الصعيد الإعلامي، ما نريد أن نعرفه هو الواقع على الارض، خاصة في ظل ما يتكرر من حديث حول خطة أنان وامكانيات تطبيقها على الارض؟

مراد: في المحافظات السورية، دمشق، حلب، الحسكة، دير الزور، الرّقة، اللاذقية، طرطوس، السويداء، القنيطرة والآن درعا، جميع هذه المحافظات ليس فيها أي شيء. ما عدا بعض الأحياء في مدينة حمص وبعض مدن ادلب الصغيرة، اما مدينة ادلب فهي مستقرة. هناك بعض الأعمال يقوم بها بعض المتسللين الفارين الى تركيا وبعض من لبنان حيث تحصل بعض الاشتباكات. وما تبقى فالحياة عادية ويعيش الناس حياتهم بشكل عادي.

صحيح أنه في ذروة الأزمة كانت هناك أحداث في غالبية المحافظات اما الآن فالأمر تغيّر وعاد الى طبيعته، وفي كل المدن هناك حياة طبيعية، ما عدا كما ذكرنا في بعض الأحياء في المدن التي ذكرتها.

«الصنارة»: تتحدثون عن حياة طبيعية والناس كما نرى في المحطات التلفزيونية الرسمية، يشكون حدة الغلاء وأنفلات الأسعار؟

مراد: معركتنا ليست وجود الغلاء او انعدامه. المعركة على البلد نفسها هل تكون البلد أم لا تكون. ولكن بالنسبة للغلاء هناك سببان واضحان فبعض التجار رفعوا أسعار بعض السلع المستوردة ارتباطاً بسعر الدولار وهذا طبعاً أثر على الأوضاع، اما المنتوج المحلي فأكثريته يتم تصديره كالعادة رغم كل ما يتم الحديث عنه من حصار. وحتى الآن أيضاً سوريا لا تزال تصدر لأكثر من 40 دولة في العالم. هنا ايضاً لا بد أن نشير الى المواد المنتجة محلياً وتستغل محلياً، لا شك أن الأوضاع الأمنية في بعض الحالات أثرت وهذا ايضاً انعكس على الأسعار وهذه الأمور تتم ملاحقتها ومتابعتها.

«الصنارة»: الإعلان الرسمي السوري استجاب لخطة كوفي أنان لكن على الارض لا يزال الأمر بعيداً عن التطبيق، لماذا هذا التردد؟

مراد: التطبيق قائم بالأصل. لكن الجهات المستفيدة من عدم التطبيق وهي الأميركان وتركيا والسعودية وقطر أفشلت هذه الخطة مع الأعلان عنها مباشرة وقبل البدء بتنفيذها على الارض وهي تعتبر وجود عشرة عناصر حفظ النظام في سيارة مصفحة لحمايتهم، تعتبر ذلك اسلحة ثقيلة أما الأسلحة الثقيلة المتعارف عليها دولياً فهي الدبابات والمدافع وهذه غير موجودة في المدن السورية، هناك ناقلات جند حامية للجنود، نعم. أضف الى ذلك ان مدينة درعا مدينة حدودية والمدن والمواقع الحدودية على الحدود التركية ومع لبنان حيث التهريب للأسلحة وللمقاتلين، الأمر الأكيد هو أن تكون قوات مسلحة سورية في هذه المواقع، لكن في المدن الرئيسية (دمشق، حلب وغيرها) لا توجد فيها اسلحة ثقيلة.

«الصنارة»: أي حسب ما أفهمه من اقوالك فإن الحكومة السورية تطبق خطة أنان والطرف الآخر (المسلحون) لا يقومون بذلك؟

مراد: خطة أنان تحدثت عن 10 نيسان و48 ساعة بعد العاشر من نيسان. وقد أعلن أنان مسبقاً أن هناك قوات سورية خرجت من المدن. ولكن حسب الاتفاق ايضاً جاء أن الحكومة السورية لا تخلي المدن من قوات حفظ النظام، لتعود قوات مسلحة بمساعدة وتسليح قطر والسعودية وتملأ شوارع هذه المدن من جديد وليعود الخطف والقتل وانعدام الأمن والأمان، ليدخلوا الساحات ويذبحوا الناس ويشردوهم من بيوتهم. نحن امام مجموعات مختلفة من المسلحين ولسنا أمام مجموعة واحدة. أضف الى ذلك اللصوص والحرامية الذين صاروا جزءًا من المشروع المعارض وارتكبوا جرائم قتل وخطف وأصبحوا فعلياً جزءًا من مشروع معادٍ للأمن والإستقرار في البلد.

«الصنارة»: من أين خُلقت هذه المجموعات المسلحة؟

مراد: هناك دائماً مجموعات خارقة للقانون وهاربة من العدالة، فمَن الذي بدأ بحرق قصور العدل والاعتداء على الأماكن الرسمية المتعلقة بملاحقة المجرمين والجنائيين؟! لقد بدأ هؤلاء بعملياتهم الارهابية ومن ثم إشتغل على تنميتهم السعوديون والقطريون، وجنودهم لأعمال مسلحة ضد السلطة والنظام.

«الصنارة»: ما يجري اليوم من موقف سوريا على خلفية اللقاء في موسكو بين وزيري الخارجية السوري والروسي (المعلم ولاڤروڤ) الى أي حد هناك توافق بين الجانبين والى أي مدى تعولّون على هذا التوافق؟

مراد: الطرفان، الروسي والسوري يقفان معاً ضد التدخل الأجنبي في الشأن السوري، كنا سابقاً نعتبر العرب طرفاً غير أجنبي، اليوم انعكس الحال وصرنا أيضاً نعتبر الطرف العربي طرفاً أجنبياً. بمعنى أن مَن يدعو للتسليح والتدخل الخارجي مرتبط بشكل مباشر بالمشروع الأجنبي. وهنا مهم جداً الأشارة الى الاتفاق السوري الروسي والتفاهم والتنسيق الكامل بين الطرفين في كل الخطوات وهذا الأمر معروف وواضح منذ بداية الأزمة وحتى الآن.

نحن الآن ندعو المعارضة الموجودة في الداخل الى حوار تنتج عنه حكومة موسعة ومشاركة فعلية وتعددية حزبية فعلية بعد صدور قوانين العمل الحزبي، فحتى الآن هناك 10 أحزاب جديدة اضافة الى العشرة الموجودة. أي ان هناك 20 حزباً الآن في سوريا. وتدرس لجنة ترخيص الأحزاب منح تراخيصها لمجموعة أحزاب جديدة ايضاً.

«الصنارة»: في سوريا الآن 20 حزباً تقول لحزب البعث «نعم سيدي»؟

مراد: لا، نحن الآن في ظل قانون التعددية الحزبية، وهناك أحزاب جديدة تم ترخيصها، بعضها معارض وآخر ليس له موقف سلبي من النظام بعد صدور التعددية الحزبية، انما تعمل هذه الأحزاب في إطار عملية البناء بشكل عام، وعندما تكون الإنتخابات في 7 أيار القادم فالحزب الذي يحصل على الأغلبية سيشكل الحكومة. واذا حصل «البعث» على هذه الأكثرية سيتعاون الجميع معه واذا لم يحصل على أغلبية سيتعاون هو مع الجميع وسيكون ذلك مضطراً من أجل تشكيل الحكومة القادمة.

«الصنارة»: كرجل إعلام ورئيس نقابة الصحفيين السوريين، كيف تقرأ العرض الإعلامي لما يجري مقابل ما يقدمه ويعرضه الإعلام السوري للمشهد القائم في سوريا، نفتقر احياناً للرد السوري الإعلامي الشافي والكافي فهل أنتم والقيادة راضون عن الوضع؟

مراد: هناك تغطية اعلامية، وهناك قوى إعلامية تعمل مع المسلحين، التغطية الإعلامية أن يكون حوار كما نتحدث الآن وأن يتم عرض الحوار وينشر دون زيادة أو نقصان وبحيادية. أما أن تقوم محطات بمشروع وتطلب من الناس القيام بكذا وكذا، وتعلن عن عمليات تفجير قبل حصولها فأنها لم تعد بعدها محطات إعلامية، بل أصبحت شريكة في العمل وشريكة في مشروع إستهداف سوريا. اما من ناحية الإعلام العالمي فهناك 70 محطة تلفزيونية تعمل في سوريا الآن 30 منها بدأ عملها ونشاطها الإعلامي لدينا بعد اندلاع الازمة لتناول الازمة السورية من موقع الضد وليس من الموقع الإعلامي. والجزيرة والعربية وفرانس 24 التي كانت ذات رؤيا إعلامية وينظر اليها على أنها حيادية اصبحت اطرافاً في الشأن السوري. بدليل أن تناول تلك المحطات للشأن السوري على مدار 24 ساعة يومياً كاملة ولا شُغل لها الا الشأن السوري وتنقل الشكل السلبي فقط وضد القيادة السورية. وبالتالي فهذا ليس عملاً إعلامياً حيادياً.

وقد شاهدنا الإعلاميين الفرنسيين والاميركيين الذين دخلوا الى الأراضي السورية تهريباً من الأراضي التركية واللبنانية وغادروا تهريباً رغم وجود تصاريح رسمية من الحكومة السورية ليدخلوا ويعملوا ويغادروا سوريا بشكل رسمي وعلني.

أما بالنسبة للإعلام السوري فأنه يحاول أن يقوم بواجبه بشكل جيد وينقل الحدث وما من مشكلة حصلت حتى الآن لم يتم نقلها، ربما لا يدخل في التفاصيل المثيرة التي تستهوي البعض، نعم لا يقوم بذلك أما التغطية لما يجري في البلد فيقوم الإعلام السوري بتغطيته كما يجب.

«الصنارة»: وهناك صحفيون دفعوا حياتهم، كان آخرهم الشهيد علي شعبان مصور «الجديد»؟

مراد: علي شعبان شهيد وقد قدمنا التعزية لأسرته، والرواية حول استشهاده لم تتضح كلياً حتى الآن، هناك تفاصيل متعددة وأهل الشهيد علي شعبان لم يتهموا احداً، بل هناك قوى سياسية لبنانية معينة رغبت أن تلعب على الموضوع. وقد استمعت الى الرواية التي نقلها زميله على التلفزيون وقال إننا وصلنا الى الهجّانة السورية وتوقفنا معهم وتحدثنا معهم وقالوا لنا صوروا وذهبوا وبعدما ذهب الهجّانة كان اطلاق رصاص.

هنا يجب تدقيق الرواية، وهل إطلاق الرصاص كان متبادلاً وهل يُعقل أن يقول البعض إن اطلاق الرصاص استمر لساعتين على السيارة، هل يُعقل ذلك! ولم يُصب الشخصان المرافقان والمصاب الوحيد هو الشهيد الذي أصيب بأول رصاصة!!

هذه الروايات والتفاصيل بحاجة الى تدقيق أكثر، وعلى كل حال انا لا انفي ولا اثبّت. وكل ما اقوله إن الاتهام بهذه القضية الخطيرة يجب أن لا يصدر مباشرة، لأنه في ذلك سيكون منحازاً وسياسياً.

الصحفي الفرنسي جين جاكيه اصيب برصاصات الجماعات المسلحة وعندما بدأت الحملة على سوريا إتُهم الجيش السوري وعندما شكلت سوريا لجنة تحقيق اصرّ ساركوزي وجماعته أن يأخذوا جين جاكيه دون تحقيق ومُنع زملاؤه فيما بعد من كتابة ما حصل له في باريس بعد ذلك.

«الصنارة»: مع كل ما سمعناه من الروس والصين وسوريا وكوفي أنان، هناك تحذيرات وتهديدات بتدخل تركي، الى أي مدى تأخذ القيادة السورية هذا الخطاب التركي على محمل الجد؟

مراد: لم نسمع تهديداً رسمياً بشن حرب من تركيا على سوريا، ولكن منذ سنة ونحن نسمع تهديدات وانذارات ومواعيد ومناطق عازلة و..و… و. ومع ذلك اعتقد أن هذا الموضوع اصبح من ورائنا، الا اذا خرج مجنون يريد أن يدمر المنطقة ويدمر بلده فسيقدم على مثل هذه الخطة وخلاصة القول، اقول لك بكل صراحة ووضوح وأمانة إن الشعب السوري مطمئن ويعيش حياته بشكل طبيعي وكل ما نسمع في الخارج، لا أقول مئة بالمئة بل أقول اكثر من 99٪ منه كذب، وكل ما يُنقل على الإعلام المشوَّّه والمشوِّه من مسيرات إعلامية، هذه تم تصويرها في غرف مغلقة ومراكز مغلقة وبعض المسيرات اثبتنا أنها مأخوذة من الخارج ومركبة ومفبركة. وانا اجزم لك أن بعض المصورين جاءوا الى سوريا قبل الأحداث بأسبوعين وقد زاروني هنا ليتوسطوا لبعض القضايا وأتوا لسوريا ليصوروا شوارع دمشق وشوارع المحافظات ليركبوا الأفلام عليها لاحقاً.

وقد حُقق مع بعضهم وجاءوا اليّ للتدخل في شؤون الشكاوى وبعضهم من لبنان وبعضهم من الاردن وآخرون من العراق.

«الصنارة» أنتم كما هو معلوم عشية الإنتخابات في 7 أيار فهل المواطن السوري يستطيع الذهاب الى التصويت والادلاء بصوته بطمأنينة؟

مراد: طبعاً، وكنت اتمنى لو شاهدتم الجماهير السورية في 7 نيسان وخروج مئات الآلاف الى الشوارع في كل المدن والمحافظات وكانت 4 أيام عطلة (خميس، جمعة وسبت وأحد) ولم يخرج أحد من عمله ليقولوا «خروج منظم». طبعاً هناك أحداث فردية هنا وهناك ولكن بشكل عام الاوضاع الأمنية مريحة.

«الصنارة»: مع ذلك هناك انقسام في الشعب السوري بشأن الموقف العام من الأحداث وكذلك الموقف من النظام ورأس النظام؟

مراد: انا لا اقول أن هناك انقساماً على الحالة الوطنية، قد يكون اختلاف في وجهات النظر على قضايا مختلفة وبنسبة متقاربة جداً بين الغالبية والأقلية ولكن على الوطن ليس هناك إنقسام. والمواطنون السوريون احسوا وشعروا أن هناك مؤامرة وخطراً على بلدهم. وليست المسألة مسألة نظام ولا هي مسألة رئيس او مسألة حزب. فعندما أقر الرئيس بشار الأسد تعديل المادة الثامنة من الدستور خرج المغرضون بقصص أخرى تتعلق بالنظام. وتغيير المادة يعني تغيير المنظومة الشرعية وتغييراً في بنية النظام الشرعية والحزبية لأن التعديل يعني إنهاء التفرد الحزبي بالحكم مع ان «البعث» يكن متفرداً فمعه أحزاب اخرى ضمن الجهة الوطنية. بعض الناس يقولون 9 أحزاب مع حزب «البعث» هذا غير صحيح، فالشيوعيون لا يمكن أن يكونوا مع»البعث» مئة بالمئة أو تابعين للبعث وهم حزب أقدم من البعث وهذه حقائق ووقائع. أما انهم قبلوا أن يكونوا في تحالف وطني مع البعث فهذا صحيح وهو تحالف وطني.

اخبار الاتحاد