الدول التي تدعي أنها صاحبة الدعوة إلى الحرية والديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان تسمح لنفسها بانتهاك حرمة الحريات الخاصة ليس لمواطنيها فقط ، أو لدول عدوة ومنافسة ،
بل امتد بها الأمر للدول الصديقة والحليفة بمؤسساتها ومواطنيها .وبعد فضائح تسريبات «وكالة الأمن القومي» الأميركية، جاء دور الاستخبارات الألمانية اذ كشفت مجلة دير شبيغل الألمانية أن وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية بي ان دي تجسست على صحفيين في عدد من وسائل الإعلام الأجنبية منذ عام 1999.
وأوضحت المجلة في تقرير نشرته أول أمس واستندت فيه إلى وثائق من تحقيق للبرلمان الألماني عن دور الاستخبارات الألمانية في عمليات مراقبة وتجسس واسعة النطاق قادتها الولايات المتحدة ان وكالة بي ان دي تجسست منذ عام 1999 على صحفيين من عدة دول ومن وسائل اعلامية عدة بما فيها رويترز وهيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي وصحيفة نيويورك تايمز كما قامت بادخال خمسين رقم هاتف وفاكس وبريد الكتروني لصحفيين مدرجين على قائمتها للتجسس.
واعربت هيئة الإذاعة البريطانية عن انزعاجها من المعلومات الواردة في تقرير دير شبيغل فيما انتقدت منظمة «مراسلون بلا حدود» المعنية بشؤون الصحفيين تجسس الاستخبارات الألمانية على وسائل الإعلام معتبرة ذلك «اعتداء فادحا» على حرية الصحافة.
وجاء تقرير دير شبيغل في وقت تستكمل فيه لجنة التحقيقات البرلمانية الالمانية تحقيقها المتعلق بعمليات التجسس الامريكية في المانيا ومراقبتها عددا من المسؤولين والدبلوماسيين الالمان بمن فيهم المستشارة انجيلا ميركل.
يذكر أن موظف الاستخبارات الأمريكية السابق إدوارد سنودون كشف النطاق الدولي الواسع لعمليات الرقابة والتجسس التي تقوم بها وكالة الأمن الأمريكية وتلقيها الدعم من الاستخبارات الألمانية ومن جهاز مراقبة الاتصالات التابع للمخابرات البريطانية.
وكانت مجلة «ديرشبيغل» تحدثت في وقت سابق عن وثائق أمريكية سرية تؤكد أن الولايات المتحدة تتنصت على نصف مليار من الاتصالات ورسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية في ألمانيا شهرياً من بينها الهاتف المحمول للمستشارة ميركل، وأن ألمانيا مصنفة لدى أجهزة الاستخبارات الأمريكية بأنها هدف استخباري مماثل للصين رغم أنها تعتبر أهم حلفاء واشنطن في أوروبا . وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد نشرت تقريراً مهماً بخصوص التصنيفات الاستخباراتية الأمريكية للدول حيث جاءت ألمانيا مع كل من فرنسا والنمسا وبولندا وبلجيكا في المرتبة الثالثة . أما المرتبة الثانية فتضم دولاً أقرب إلى الولايات المتحدة تاريخياً وهي الدول الأنجلوساكسونية خاصة بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، أما المرتبة الأولى فهي لأجهزة الاستخبارات الأمريكية التي يبلغ عددها 16 جهازاً .