د.خلف علي المفتاح
تسعى الحكومة التركية إلى اللعب بورقتين اثنتين على درجة عالية من التناقض وهما الاستثمار في الإرهاب من جهة والادعاء بمحاربته من جهة أخرى بل وطلب الدعم الدولي في ذلك
وبنظرة فاحصة للمشهد الإقليمي في بعده العنفي والصراعي سيما بعد بروز تنظيم داعش الإرهابي يكتشف المتابع الحصيف والمحايد والموضوعي حجم التناقض في الموقف التركي حيال ما يجري ولعله من نافلة القول الإشارة إلى أن الحكومة التركية وعلى رأسها رجب طيب اردوغان كانت الداعم والحاضن والمستثمر الأساسي في الإرهاب فالأراضي والأجواء والمطارات والأجهزة الأمنية التركية استخدمت بشكل كامل لاستقطاب وجلب الإرهابيين من كل أصقاع الدنيا عبر المطارات والمياه والحدود المفتوحة وتدريبهم ونقلهم وتزويدهم بالأسلحة كي يمارسوا كل أنواع القتل والتدمير والتخريب في سورية إضافة لتوفير الظروف والتغطية على سرقاتهم ونهبهم للمصانع والمعامل والبترول والمحاصيل الزراعية السورية وتسويقها عبر الأراضي التركية أو بيعها في الأسواق الخارجية ولم تقف الأمور عند تلك الحدود بل مارست السلطات التركية كل ما يخالف القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم وقواعد حسن الجوار بمواجهة الدولة السورية سواء كان ذلك بانتهاك الأجواء أم العدوان المباشر على الأراضي السورية وانتهاك سيادتها والسيطرة على أجزاء من أراضيها وشراكتها الكاملة مع العصابات الإرهابية بمسمياتها المختلفة في الاعتداء على بعض المناطق في الشمال السوري.
لقد قدمت الحكومة التركية نفسها كضامن للعصابات الإرهابية ووكيل عنها في لقاءات آستنة وغيرها في حين أنها تدعي الحرب على الإرهاب وتمارس سيناريو مفضوح ومكشوف مع عصابات داعش والنصرة حيث قامت تلك العصابات بعمليات استلام وتسليم لبعض المناطق التي سطت عليها في شمال وشرق حلب في مسرحية مكشوفة لا تخطئها عين اعتقادا منها ان سيطرة القوات التركية ومن معها على تلك المناطق سيحول دون استعادتها من قبل الجيش العربي السوري وهو اعتقاد خاطئ وسخيف لأن قواتنا المسلحة الباسلة أخذت على عاتقها وفي صلب مهامها وواجباتها الوطنية استعادة كل ذرة تراب من أراضي الجمهورية العربية السورية وبسط سلطة الدولة الشرعية عليها وإزالة كل مظاهر العدوان على السيادة السورية تحت أي مسمى كان وأي قوة أو حالة تشكلت بفعل العدوان الإرهابي على الدولة السورية مستغلة انشغال الجيش العربي السوري في بعض المناطق كأولوية في اطار استراتيجيته في مواجهة العدوان الإرهابي.
إن الصمت الدولي على العدوان التركي على الأراضي السورية وانتهاك القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالأزمة والتي تحث جميعها على احترام السيادة السورية ووحدة أراضيها وشعبها ومرجعية الشعب العربي السوري في اي خيار سيادي يتعلق بالسلطة وشرعيتها وتمثيلها له وانها انعكاس لإرادته الحرة المستقلة هذا الصمت يثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول انسجام المجتمع الدولي مع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي وضرورة احترامها ومحاسبة أي دولة تنتهكها وتضرب بها عرض الحائط وهنا تصبح الحكومة التركية خارجة عن الشرعية الدولية ما يوجب اتخاذ مواقف حاسمة تجاهها وإجبارها على سحب قواتها من الأراضي السورية التي سطت عليها خلافاً لكل قواعد الشرعية ومبدأ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها.