من عندهم الجوائز ومن عندنا اللهاث..

أسعد عبود

الجوائز ومنحها وما يعتريه من استنساب قد يبتعد إلى هذه المسافة أو تلك عن الموضوعية وصولاً إلى عراضات المنح التي قد تتواضع إلى حدود ضيقة

وقد تفحش إلى حد أن تصبح محط اهتمام العالم وموعد انتظار للبشر، كان دائماً مثيراً للتساؤلات والاعتراضات المحقة بجد.‏

منح الجوائز مقترن دائماً بتوافر المال اللازم لتحفيز الأحصنة في ميدان السباق وإقامة العراضة التي توفر مزيداً من الدعاية الجاذبة. هذا لا يعني بالضرورة إدانة. أبداً ففي ذلك كله محفزات مهمة للإبداع الذي عرف تاريخياً صلة وثيقة مع المال لا يمكن لأحد نكرانها، لقد حافظت قصور الأمراء وصالونات الأثرياء وبيوت المال على الارث الفني للبشرية بشكل أكيد وإلى مستوى بعيد، لم يكن ذلك فقط من أجل خدمة الفن بل من أجل الاستعراض على هامشه.‏

جاءت الجوائز لتجسد حالة اهتمام أقل تكلفة تقوم على مبدأ الاختيار المحدود غير القادر بالتأكيد على تتويج حقيقي لأبطال الخلق والارتقاء!!. لكنها بالتأكيد استطاعت أن تحفز الجهد البشري في هذا الاتجاه وتكرمه، كما هي حفزت اللهاث وراءها.‏

بتقديري إن من طبيعة ممارسة الاختيار لمنح الجوائز استحالة العدالة فيها. بعيداً عن كل جائزة تمنح هنا لمستحق ربما.. أو غير مستحق.. هناك مئات المبدعين والمتفردين تحجب عنهم. وقد تمنح لهم متأخرة.. بعد الموت مثلاً.. ولا ينقصها العراضة رغم وفاة المبدع بعيداً عن الانظار.. كما في مزادات بيع التحف الفنية الابداعية.‏

ارتباط الجوائز بالمال جعلها وديعة بأيدي المالكين لهذا المال، فإن بدت انها محفوظة في أيدي مؤسسات ذات علاقة، تكون غالباً ممثلة لمالكي المال، وعندما تدخلت الدول ممثلة بالمؤسسات التي تملكها لمنح الجوائز أخذت طابعاً ممثلاً لطبيعة هذه الدول. ووضعت في أطر وشروط واعتبارات تناسب رغباتها وسياساتها.‏

أي وضعت الجوائز في خدمة سياسات المانحين فافتقدت إلى درجة بعيدة دلالاتها الموضوعية.. ومنعاً للمبالغة.. نقول: إن المانحين أذكى من حصار الجوائز بالارتهان السياسي كلياً فتترك فرصاً حقيقية لجوائز حقيقية تمنح لمستحقين حقيقيين. الحياة والاستمرار لا يمكن أن تقومان على الكذب فقط.. لا بد من أن يتخلل هذه المسيرة نقاط ارتكاز موضوعية يحفظ لها امكانية الاستمرار.‏

التوظيف السياسي للجوائز ليست حكاية نكتشفها اليوم… هي قائمة وقديمة قدم تاريخ الجوائز لكن هذا التوظيف تفشى كثيراً وابتعد أكثر عن الموضوعية مع استفحال الجشع الرأسمالي واندفاعه باتجاه السيطرة.‏

هكذا أحضرت أسماء وغيبت أخرى.. هكذا تواجدت مؤسسات وعزل غيرها.. وتكررت الشكوى من أشخاص ومجتمعات.. والذي أراه: إن الشكوى يجب أن تكون من ضعف أبطالنا ومؤسساتنا وغياب موضوعيتنا التي تتركنا دائماً نترقب المكافأة من أصحاب المال والقرار، ونلهث طويلاً خلف ما يمكن أن نحلم به من دكاكين منح الجوائز.‏

لكن…‏

أن تصل الوقاحة في منح الجوائز الفنية ذات الشهرة العالمية إلى منظمات مسيسة متطرفة إلى درجة التورط في الارهاب رغم ضحالة شأنها فهذا يجعل العقل يتذوق كثيراً من الحزن وتخفق لديه إمكانية السؤال والتساؤل… كما في منح اوسكار سينما من الولايات المتحدة إلى عصابة الخوذ البيضاء.. والأنكى أن تسجل هذه الجائزة على انها سياسة توسع وخروج بالاوسكار باتجاه الدول الفقيرة والشعوب التي يرونها منحطة.‏

 

اخبار الاتحاد