الهلال وعباس يلتقيان وفد جبهة الأحزاب الوطنية التونسية: دمشق قلب العروبة مهما اشتدت المؤامرات والضغوط
بسام عمار- عمر المقداد:
التقى الرفيق الأمين القطري المساعد للحزب المهندس هلال الهلال، أمس في مقر القيادة، وفد نواب الجبهة الشعبية للأحزاب الوطنية التونسية، برئاسة عبد العزيز بن الحبيب القطي.
وقال الرفيق الهلال: نقدّر لكم زيارة بلدنا في هذه الظروف الصعبة التي نخوض فيها أشرس حرب عرفها التاريخ البشري، وهي بالنسبة لنا حرب العزّة والكرامة، لأننا ندافع فيها عن سيادة وطننا، وحرية قرارنا السياسي، وندافع فيها عن الكرامة العربية التي تشوّهت، للأسف، جراء تصرّفات بعض من يدّعون العروبة، وهي منهم براء، وتحت غطائها ينفذون الأجندات والمخططات الامبريالية والعدوانية بحق شعوبهم أولاً وشعوب المنطقة ثانياً.
وأضاف: تقديرنا الأكبر زيارتكم مقر حزب البعث، هذا الحزب العريق بتاريخه النضالي والكفاحي، وأهدافه ومبادئه، ومشروعه الوطني والقومي، والذي كان مستهدفاً منذ الأيام الأولى لهذه الحرب، إلا أنه ورغم هذا الاستهداف مازال قوياً ومصدر قوته جماهيريته على الصعيد الوطني، واليوم هو مطلب الشعوب العربية التوّاقة إلى الحرية والاستقلال، مشيراً إلى أن أبواب سورية ستظل مفتوحة أمام الإخوة العرب، وستبقى دمشق قلب العروبة النابض، مهما اشتدت المؤامرات والضغوط، التي لن تثنيها عن مواقفها الوطنية والقومية، وستظل تقدّم الدعم والعون لكل الشرفاء العرب، وستبقى القضية الفلسطينية بوصلتها الرئيسية.
وأكد الرفيق الهلال أن ما تتعرّض له سورية اليوم من عدوان سببه مواقفها الوطنية والقومية، مبيناً أن هذا العدوان فشل أمام صمود الشعب ووحدته الوطنية، وقوة جيشه العقائدي، الذي يسطّر أروع الإنجازات، حيث أن هناك مناطق تعود كل يوم إلى حضن الوطن، وليس هناك أي منطقة مستعصية عليه، إضافة إلى حكمة السيد الرئيس بشار الأسد الذي قاد البلاد خلال الأعوام الماضية من عمر العدوان بكل شجاعة واقتدار، هذا القائد الذي بادره الشعب بالمحبة والتقدير من خلال الانتخابات الرئاسية التي شهدت إقبالاً أذهل الصديق قبل العدو، وأظهرت رقي وديمقراطية شعبنا العربي السوري.
وقال الرفيق الهلال: إن ما يجمع بين بلدينا الكثير من القواسم المشتركة والأهداف والتقاليد وأواصر المحبة التي لم تنقطع يوماً بين الشعبين، ونحن نكن للشعب التونسي ولمواقفه القومية الداعمة لنا في حربنا ضد الإرهاب كل المحبة والتقدير، وهذا الموقف يشابه مواقف الكثير من الأحزاب والنقابات والمنظمات العربية القومية التي وقفت معنا منذ اليوم الأول للعدوان علينا، وعبّرت عن مواقفها بأشكال مختلفة، ولم تقطع زياراتها التضامنية إلينا، رغم اختلاف وجهات نظرنا مع القيادات السياسية لبلدانها، مشدداً على أن الرهان الأول في سورية هو على الشعوب والأحزاب القومية وليس على القيادات السياسية، لافتاً إلى أن الشعب السوري ورغم الإجرام الذي تعرّض له من الإرهابيين القادمين من تونس إلا أنه لا يعدهم من الشعب التونسي، بل فئة شاذة عنه، معبّراً عن أسفه لأن الكثير من الشباب التونسي درس في الجامعات السورية، كغيرهم من الطلبة العرب، بدون أي مقابل، واحتضنتهم سورية كما تحتضن أبناءها، إلا أنهم ردّوا الجميل لها تخريباً وإرهاباً، مشدّداً على أهمية أن تلعب الأحزاب دوراً كبيراً في عملية توعية الشباب التونسي حول حقيقة الحرب على سورية.
ودعا الأمين القطري المساعد إلى ضرورة تعزيز العلاقات البرلمانية بحيث تصل إلى أعلى المستويات، وتبادل الزيارات وتنسيق المواقف لخدمة القضايا العربية، وأضاف: إن مجلس الشعب يمثّل كل السوريين، وهو يعبر عن تنوّع الحياة السياسية، مبيناً أن حزب البعث ورغم فوزه بالأغلبية البرلمانية إلا أنه رفض الاستحواذ وأشرك الأحزاب والقوى الوطنية والمستقلين في المجلس والحكومة، موضحاً أن قانون الأحزاب قانون حضاري، وتمّ من خلاله ترخيص العديد من الأحزاب الوطنية ضمن أسس وأهداف واضحة، وشدد على أن صمود سورية أسقط المشاريع الاستعمارية التي كانت مرسومة للمنطقة، وأسقط مشروع “الإخوان المسلمين” وكل الحركات والمجموعات الإرهابية التي تعمل تحت غطاء الإسلام والإسلام منها براء، والتي تنفذ اليوم أجندة خارجية لخدمة المشروع الصهيوني.
وأكد الرفيق الهلال أن سورية ماضية في حربها ضد الإرهاب بالتوازي مع العملية السياسية، وأنها لم ولن ترضخ لأي تهديد أو ابتزاز بشأن سيادتها الوطنية، لأن هذا الأمر خط أحمر لا نقاش فيه، مشيداً بتضحيات ودعم وموقف الحلفاء، وبانتصارات محور المقاومة أمام هزائم محور العدوان.
وتمّ خلال اللقاء التأكيد على أهمية دور الأحزاب الوطنية والقومية في تعزيز تطلعات أبناء الأمة العربية وكفاحهم للتحرّر من الهيمنة والاستعمار الحديث وبناء مشروعهم القومي العربي الاستقلالي، وضرورة تطوير قنوات الاتصال والتعاون بين هذه الأحزاب، وتبادل الخبرات من أجل تحقيق الأهداف المشتركة.
وعبّر أعضاء الوفد عن سعادتهم بزيارة مقر حزب البعث، مؤكدين أن الهدف من زيارتهم التضامن مع الشعب والقيادة السورية في حربهما ضد الإرهاب وللمباركة بالانتصارات التي تحققت في العديد من المناطق، ونقل رسالة تضامن ومحبة من الشعب التونسي للشعب السوري، مشيرين إلى أنهم سينقلون حقيقة ما يجري في سورية إلى مجلس النواب والحكومة ورئاسة الجمهورية، وإلى كل مكوّنات المجتمع، وسيعملون على تعزيز التواصل بين البلدين والشعبين الشقيقين، والضغط على الحكومة لإعادة العلاقات الدبلوماسية إلى وضعها الطبيعي.
وأشاد أعضاء الوفد بتضحيات الجيش العربي السوري، وبالقيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد، مؤكدين أن انتصار سورية هو انتصار لكل الأحرار والشرفاء العرب وللمقاومين في العالم.
ويضم الوفد أعضاء من أحزاب: نداء تونس، والجبهة الشعبية، ومشروع تونس، والاتحاد الوطني الحر، وناشطين سياسيين.
عباس: أهمية دور النخب السياسية لتنوير الرأي العام العربي
كما التقت رئيسة مجلس الشعب الدكتورة هدية عباس الوفد البرلماني والحزبي التونسي، وأكدت أهمية وقوف الشعوب العربية جنباً إلى جنب تجاه المحن، خاصة بعد محاولة تغييب العدو الأخطر الجاثم على أرض فلسطين وتوجيه ضربة قاسية للأمان والاستقرار في أكثر من دولة عربية، ولفتت إلى أن الغرب الاستعماري أشغل الجيوش العربية بعد خلقه التنظيمات الإرهابية المتعددة، وفي مقدمتها “داعش” وجبهة النصرة، لينعم العدو الاسرائيلي بالهدوء. وشددت الدكتورة عباس على أهمية دور النخب السياسية في تنوير الرأي العام العربي، وقيادته نحو الوحدة الداخلية والأمان الاجتماعي، وتسخير الطاقات كافة للبناء، وتعزيز القدرات في مواجهة الأخطار المتزايدة، وعلى أهمية توطيد العلاقات والتعاون بين البلدين في سبيل مكافحة الإرهاب، معتبرة أن تونس تتشارك مع سورية الجرح ذاته، إذ تم تغرير عدد من شبابها لكنها اليوم استعادت عافيتها ونهجها العروبي.
ولفتت الدكتورة عباس إلى صمود الجيش العربي السوري وإرادة الشعب وحكمة قيادته في كسر شوكة الإرهاب وداعميه ومموليه، وتحقيق الانتصارات في حلب وتدمر وغيرها بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء كإيران وروسيا والمقاومة اللبنانية، وأكدت أن طريق محاربة الإرهاب يسير جنباً إلى جنب مع طريق الحوار والمصالحات الوطنية التي ترعاها الحكومة لعودة الذين غرر بهم إلى حضن الوطن.
من جانبه بيّن رئيس الوفد التونسي أن هدف الزيارة تأكيد فهم الشعب التونسي لحقيقة المؤامرة وتضامنه مع سورية في حربها ضد الإرهاب، وعمق العلاقات بين شعبي البلدين، وتوجيه رسالة للجميع بأن قطع العلاقات مع سورية نقطة سوداء في تاريخ تونس ورغبة الوفد في إصلاح ذلك.
ورأى رئيس الوفد أن كل تونسي رفع السلاح بوجه السوريين رفعه في وجه الشعب التونسي، مبيناً أن الوفد لدى عودته إلى بلاده سيقوم بالعديد من الخطوات للدفع من أجل إرجاع العلاقات مع سورية على كل المستويات، وأن الوفد سينقل للشعب ووسائل الإعلام التونسية حقيقة الوضع في سورية.
كما أكد أعضاء الوفد التونسي وحدة مصير البلدين، وأن ما جرى في سورية ليس “ثورة” إنما يمثّل مصالح الصهيونية العالمية لتغيير البوصلة بعيداً عن فلسطين، مؤكدين أهمية النهوض بواقع الشعوب ومكافحة الإرهاب من خلال تنسيق الجهود عبر إنشاء لجنة تحقيق برلمانية تتعاون للعمل على كشف وتفكيك الشبكات الإرهابية التي أجرمت بحق الشعبين السوري والتونسي.