يونس خلف:
أثبت القطاع العام عبر عقود طويلة بأنه ضامن للاستقرار في سورية ليس لأنه فقط مؤسسات ومنشآت ومعامل بل هو أيضاً خدمات للمواطنين، ولعل أحد أشكال الخدمات تقديم مؤسسات الدولة لمواد استهلاكية بأسعار معقولة لحماية المواطن
وبنفس الوقت تخفيض الأسعار من قبل كل من يفكر بالاحتكار أو استغلال المواطن وإن كنا نتفق أن التدخل الايجابي حتى الآن ليس بالمستوى الذي يلبي حاجة ومتطلبات المواطن. إلا أن الأمر المتفق عليه أيضاً في واقع الحال هو أن بعض مؤسسات الدولة لا تزال مستمرة في عجزها عن تأمين الاحتياجات الأساسية من المواد وبالتالي من حق المواطن أن يسأل لماذا تعجز هذه المؤسسات عن تأمين المواد والسلع الأساسية في حين هي متوفرة لدى أشخاص يتحكمون بالسعر وبالتوزيع وفي الوقت الذي يريدون.؟ ولماذا يستطيع سماسرة نقل هذه المواد من مكان إلى آخر ولا تستطيع المؤسسات العامة أن تفعل الحد الأدنى من ذلك.؟ وبوضوح وصراحة أكثر فإن شماعة الظروف الصعبة وتداعيات الأزمة لا تبرر التقصير لبعض المؤسسات لأن هناك أعمال ومهام ممكنة والسبب الوحيد في تراجع الأداء أو توقف العمل هو عدم تحمل المسؤولية وغياب الشعور بهذه المسؤولية لدى بعض الذين جاؤوا عن طريق الخطأ إلى مواقع المسؤولية. ومثل هؤلاء مستمرون رغم أن دفاتر يومياتهم مليئة بالضعف واللامبالاة والاستهتار وبذلك هم أحد أهم أسباب ضعف وترهل بعض مؤسسات القطاع العام في حين هناك الكثير من الأمثلة عن مؤسسات من القطاع العام استطاعت أن تتغلب على كل الصعاب وتستمر بالأداء الأمثل ، بينما الذين جعلوا من الأزمة شماعة لتقصيرهم يشكلون عامل إعاقة لحل الأزمات بدلا من حلها وبذلك يبدو واضحا أن مرحلة الأزمة أفرزت وبشكل علني أصحاب المصالح الخاصة والمتاجرة بكل شيء . صحيح أن الذي يحدث ويظل أحياناً خارج دائرة الاهتمام ليس مهمة جهة واحدة فقط وإنما هو مسؤولية مشتركة ويحتاج إلى عمل وطني ونهوض عام بالإحساس بالمسؤولية وتكاتف كل الشرفاء والمخلصين لكشف كل الممارسات الخاطئة وتجاوز حالات الترهل واللامبالاة والنهوض بمستوى الأداء في مختلف القطاعات لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية واستثمار ما هو متاح من إمكانات بالشكل الأمثل، إلا أننا اليوم أحوج ما نكون إلى كوادر وخبرات تستطيع قيادة المؤسسات وتطويرها بالمبادرات المستمرة ومحاسبة المقصرين في أي مفصل منها مبتعدين عن الأنانية والذاتية والمصالح الضيقة، وتكون هذه الإدارات فاعلة ومؤثرة وتمتلك روح المبادرة وقادرة على حمل المؤسسة ولا تكون عبئاً عليها لا سيما وأنه أصبح معروفاً أن نجاح أية مؤسسة أو إدارة في تحقيق أهدافها وبلوغ المستوى المطلوب من التطور والازدهار في أدائها مرتبط إلى حد كبير بالقيادة الإدارية الناجحة ذلك لان هذه القيادة تعتبر بمثابة الأداة الهامة والضرورية التي يتم بواسطتها تعبئة وتنسيق جهود إمكانات المؤسسة المادية والبشرية للوصول بها إلى تأدية مهامها بالشكل الأمثل.
اليوم نحن أحوج ما نكون إلى تفعيل المحاسبة وكشف المسيء أمام الرأي العام لمعاقبة من يسيء أولاً وكسب الرأي العام والفوز بثقته ثانياً. فهل حان الوقت لوقفة صريحة مع الذين يسيئون لبعض مؤسسات القطاع العام ويشكلون عامل إعاقة في ممارسة دوره ومواجهة التحديات وتعزيز ثقة المواطن بأنه الضمانة الحقيقية؟!