د.خلف علي المفتاح
العدوان الأميركي على سورية فجر الجمعة الفائت يشكل تصعيدا خطيرا للأوضاع في سورية والمنطقة والعالم على وجه العموم ويدفع بالأمور إلى مزيد من التصعيد وما لذلك من تداعيات خطيرة على الأمنين الإقليمي والدولي إلى
جانب إن ذلك العدوان الموصوف جاء انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة وتأكيدها احترام سيادة واستقلال الدولة السورية.
إن قيام الولايات المتحدة الأميركية بقصف مطار الشعيرات تحت ذريعة إن طائرات مقاتلة قد انطلقت منه وقصفت بلدة خان شيخون رواية تدعو للاستغراب والاستهجان وخاصة أن الحادثة المشار اليها لم يمض عليها سوى يومين ولم يجر أي تحقيق أو تقص للحقائق حولها وما زال مجلس الأمن يجري نقاشات حول ما يمكن الاتفاق عليه للوصول إلى حقيقة ما جرى وتحديد المسؤوليات وفق ذلك ما يعني إن النيات والقرار بالعدوان كان قد اتخذ والموضوع يتعلق بالتوقيت وخلق المناخات المناسبة بهدف التغطية عليه.
لقد أعلنت الجمهورية العربية السورية وعلى لسان وزارة الخارجية وكذلك بيان القوات المسلحة أن سورية لا تملك أسلحة كيماوية ولم ولن تستخدمها سابقا ولا في المستقبل وهي ملتزمة بكل المواثيق المتعلقة بذلك وهو ما أكده مندوبها في الأمم المتحدة في مطالعته في جلسة مجلس الأمن المتعلقة بهذا الخصوص قبيل العدوان ومع ذلك كله جرى القيام بذلك العدوان الذي يبدو واضحا انه غير مرتبط بمزاعم استخدام أسلحة كيميائية وإنما له أهداف وغايات أخرى لا تخفى على أحد ولاسيما أنه جاء تصدي وسائط دفاعنا الجوي للطائرات الصهيونية التي اخترقت مجالنا الجوي وتم إسقاط إحداها وإصابة الأخرى ما شكل صدمة لدى المؤسسة العسكرية الصهيونية التي اعتقدت أن سورية لم تعد قادرة على مواجهة العربدة الصهيونية بعد العدوان الإرهابي عليها منذ ست سنوات ونيف إضافة إلى جملة الانتصارات النوعية التي حققها جيشنا العربي السوري في حلب وشرق دمشق وريف حماة وغيرها من مناطق الصراع والمواجهة على الجغرافية السورية وحالة الاستعصاء التي دخل فيها محور العدوان على الشعب العربي السوري وبداية التحول في مواقف بعض الدول من الأزمة بعد اطلاع قطاعات واسعة من الرأي العام العالمي ومعرفتها حقيقة ما يجري على الساحة السورية من إرهاب مدعوم وممول ومحتضن من قوى خارجية إقليمية ودولية وازنة.
لقد اثبت ذلك العدوان الذي يشكل شكلا من أشكال إرهاب الدولة أن أميركا شريك وداعم للإرهاب والإرهابيين وليست محاربا له كما تدعي لأنها هاجمت جيشا الكل يقر بأنه يواجه داعش والنصرة وغيرهما من عصابات إرهابية مصنفة في قرارات صادرة عن مجلس الأمن ولاسيما القرار ٢٢٥٣ لعام ٢٠١٥ وما سبقه من قرارات ذات صلة بالإرهاب إضافة إلى أن ذلك العدوان جاء خارج أي غطاء من مجلس الأمن لا بل انه يخالف آلية اتخاذ نوع كهذا من القرارات ضمن المؤسسات الأميركية ذاتها إضافة إلى أن ذلك العدوان جاء رسالة تشجيع للعصابات الإرهابية وضوء اخضر لها كي تستمر في إرهابها وإجرامها بحق الشعب العربي السوري ويعطيها جرعة معنوية بعد سلسلة الهزائم التي ألحقها بها بواسل قواتنا المسلحة في ساحات المواجهة المتعددة على الجغرافية السورية ما يعني الدفع بالمشهد العنقي إلى الواجهة وتراجع المشهد المتعلق بالتسوية السياسية سواء كان في استنه أو جنيف وهو ما يصب في مصلحة القوى المتضررة من المسار السياسي والساعية للعسكرة والعنف وفي مقدمتها العصابات الإرهابية وداعموها ورعاتها الإقليميون والدوليون ولاسيما السعودية وقطر وتركيا وفرنسا وغيرها من مستثمري الإرهاب.
إن العدوان الأميركي على سورية لن يزيدها إلا إصرارا على محاربة الإرهاب وداعميه وإلحاق الهزيمة النهائية بهم وخاصة انها تحظى بدعم وشراكة في حربها تلك من قوى وازنة في طليعتها روسيا وايران والمقاومة الوطنية اللبنانية وتأييد واسع من القاعدة الشعبية وقطاعات واسعة في العالم المتضررة من الإرهاب ولاسيما في الدائرتين العربية والإسلامية بعد تكشف الأهداف الشريرة للإرهاب ومشغليه ومستثمريه في أوروبا وأميركا وغيرها من دول أو أنظمة ارتضت لنفسها أن تلعب أدواراً كهذه قذرة تتناقض مع مصالح شعوبها وتصب في خدمة المشروع الأميركي الصهيوني الرجعي المتحالف عضويا مع المشروع الاخواني الإرهابي الذي يريد أن يجعل من الإسلام غطاء لأشكال جديدة من الاستعمار والهيمنة على شعوب المنطقة والعالم.