صحفي فرنسي: يجب التحاور مع الرئيس الأسد لحل الأزمة السورية

أكد الصحفي الفرنسي “رينو جيرار” أن “السياسة الخارجية لفرنسا آخذة بالتدهور، فهي لا تحترم أسس أي دبلوماسيّة، فالواقعيّة جعلتها في عجز تام. خصوصاً وأنها لم تنجح في تعريف عدّوها الرئيسي. فهي -الحكومة الفرنسية- تعتقد أن الدبلوماسيّة هي التعامل بنفس الوقت مع روسيا أو إيران من جهة والجهاديّة السنية من جهة أخرى”.
وفي لقاء أجرته معه صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية حول كتابه “ما هي دبلوماسيّة فرنسا”، أوضح “جيرار” أن فرنسا ارتكبت خطأً برفضها عدم التحاور مع بعض المحاورين تحت ذريعة افتقادهم للاحترام. وبالرغم من ذلك، من الضروري التحدّث مع كل أطراف العالم دون فرض أحكام مُسبقة إذا كنّا نريد إيجاد حلول للأزمات الحالية. دبلوماسيّتنا ارتكبت أخطاءً كبيرة بانجرارها نحو واشنطن وتصلّبها الشّديد إزاء موسكو، وموقفها العدائي جدّاً من إيران خلال مفاوضات من عام ٢٠١٣ حتى ٢٠١٥، في وقتٍ كانت فيه الولايات المتحدة الأميركية نفسُها تسعى للتهدئة مع طهران.
وفيما يخص المسألة السّوريّة، قال الصحفي الفرنسي: “نجد تعارضاً بين ثلاث مقاربات: المثاليّة والواقعيّة والتّهكّم. المثاليّة ترفض التّحاور مع الرئيس بشار الأسد وتتّهمه بأنه ديكتاتور، بالمقابل يدعم التّهكّم نظام الرئيس بشار الأسد الّذي يرفض التّحدّث مع المعارضة، ويتّهمهم بأنهم إسلاميون متشدّدون (وهو اتّهام صحيح بكل معنى الكلمة)، في حين أن التّفكير الواقعي يفترض تنحية نفورَهما جانباً والتّحدّث مع كل الأطراف دون حُكم مُسبق وإقصاء”.
وتابع جيرار بالقول: “عند هذه النقطة أُحيلكم إلى أعمال المُستشرق ميشيل سورات. يوجد شرخ في المجتمع السّوري، من جهة يوجد مؤيّدي النّظام العلماني، من جانب آخر توجد كتلة من الطبقات الشّعبيّة السنيّة التي تريد إقامة نظام إسلامي. كل معسكر يُمثّل وجْه من المجتمع السوري. بالتالي، من المستحيل حل الأزمة السّوريّة دون التحاور مع الرئيس بشار الأسد وأعدائه من الإخوان المسلمين والسلفيّين.
وأكد على أن الواقعيّة وحدها من تستطيع إنقاذ سورية. ينبغي التّحاور مع الرّئيس بشار الأسد لأن هذه الحرب مُؤلمة بِحق، فالرئيس الأسد ينتمي إلى عائلة تتواجد في السلطة منذ ٤٦ عاماً، وهو مدعوم من روسيا وإيران، ويُمثّل جهاز الدّولة ويتمتّع بقوّة ضاربة عسكريّاً وبتأييد شعبي كبير، بالتالي هو لاعب حتمي في الحل، وبما أن السياسة تُبنى على أساس الوقائع، فيجب التّحاور معه ومع أعدائه من الإخوان المسلمين والسّلفيّين، حتّى لو كان ذلك مزعجاً لنا، إذا كانت الحرب طويلة ودمويّة إلى هذا الحد، فلأن الرئيس الأسد والمسلّحين يُمثّلان كلاهما وجهي المجتمع السوري المتنوّع جدّاً: إذاً، لن يكون هناك مخرج للأزمة إذا لم نتحاور مع الرئيس الأسد أو مع التنظيمات المسلّحة.
وشدد “جيرار” بالقول: “إذا لم نتحدّث مع الرئيس الأسد فلن نحقّق السّلام أبداً، وسيستمر حمّام الدّم، يجب أن تبذل قُصارى جهدها للتّحدّث مع دمشق، الأمر الّذي يستلزم إعادة فتح السفارة هناك، ومع التنظيمات المسلّحة في آنٍ معاً، ثم جمع الأميركيين والرّوس على طاولة المفاوضات، إلى جانب القوّتين الإقليميتين الوحيدتين القادرتين على فرض ثقلهما في الأزمة وهما تركيا وإيران”.
يشار إلى أن “رينو جيرار” هو صحفي ومراسل حربي فرنسي منذ العام 1984، كما يعمل كباحث جيوسياسي ومؤرخ إخباري دولي، وهو أيضاً أستاذ العلوم الاستراتيجية في معهد العلوم السياسة في باريس، ومن مؤلفاته المشهورة “عودة إلى بيشاور، منشورات غراست ٢٠١٠” و”العالم في حرب”، ونشر مؤخّراً كتاب “ما هي دبلوماسية فرنسا”.

اخبار الاتحاد