بمشاركة 85 دولة.. انطلاق أعمال مؤتمر موسكو للأمن العماد شوا: مكافحة الإرهاب تتطلّب الابتعاد عن المعايير المزدوجة شويغو: سـورية هـي الـخط الأمـامـي في مـواجـهـة تنظيم “داعش”

 

استحوذ ملف مكافحة الإرهاب على الجزء الأكبر من كلمات المشاركين في أعمال مؤتمر موسكو الدولي السادس للأمن، الذي افتتح أمس بمشاركة 85 دولة، وذلك في ضوء تمدد الإرهاب وتهديده أمن العالم وسعي بعض الدول لاستخدامه كوسيلة في تنفيذ أجندات سياسية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا في رسالة للمشاركين في المؤتمر إلى توحيد الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، مشدداً على أن محاربة هذا الخطر في الشرق الأوسط وتسوية الأزمات تتطلبان وضع مقاربات متزنة وموحدة.

وفيما دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تشكيل تحالف دولي واسع لمكافحة الإرهاب، مبيناً أن استخدام المعايير المزدوجة لبعض الدول يحول دون تشكيل هذا التحالف، ولفت إلى أن بلاده تسعى لتطوير مساري أستانا وجنيف حول تسوية الأزمة بشكل منسق، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن الإرهاب الدولي يبقى الخطر الرئيسي الذي يواجهه العالم وأن سورية في مقدمة الدول التي تحارب تنظيم داعش الإرهابي، لافتاً إلى أن بلاده تعمل مع حلفائها من أجل الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ولإقامة حوار بين الحكومة السورية و”المعارضة” لحل الأزمة.

وسط هذه الأجواء جددت الصين موقفها الرافض للتدخل في الشؤون الداخلية السورية، وأكدت أن الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل بلاده دون أي تدخل خارجي، في حين أكدت إيران أن الأوضاع الميدانية في سورية تتقدّم إلى الأمام في دحر الإرهابيين، وشدد الدكتور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني على أهمية تعزيز التنسيق بين سورية وإيران وروسيا في محاربة الإرهاب والعمل على دفع المسار السياسي بما يحقق مصالح الشعب السوري دون أي تدخل خارجي.

وفي التفاصيل، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة للمشاركين في المؤتمر تلاها أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف إلى توحيد الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، مشدداً على أن محاربة هذا الخطر في الشرق الأوسط وتسوية الأزمات تتطلبان وضع مقاربات متزنة وموحدة، وتابع: إن مؤتمر موسكو الذي تحول إلى تقليد سنوي يعالج أجندة واسعة من القضايا المهمة، وأنا على ثقة بأن نقاشات مفتوحة وصريحة وبنّاءة خلاله ستقدّم فرصة جيدة للمشاركين لتبادل الخبرات ما يسهم في توثيق الشراكة فيما بيننا.

وفي كلمة أمام مؤتمر أكد نائب وزير الدفاع العماد محمود عبدالوهاب شوا أن مكافحة الإرهاب تقتضي تطبيق قرارات الشرعية الدولية واعتماد سياسة عادلة بعيداً عن المعايير المزدوجة في تصنيفه وإيجاد تدابير كفيلة باجتثاثه من جذوره وذلك عبر إزالة مظاهر الهيمنة والتسلط والكف عن التوسع الاستعماري أو استخدام الإرهاب كسلاح سياسي مع احترام الخصوصيات القومية والثقافات المغايرة ومحاسبة الدول الراعية والداعمة والمموّلة له، وشدد على ضرورة تعزيز التعاون المشترك والجاد بين الدول كافة للقضاء على الإرهاب لكونه يهدد كل بقعة من جغرافية هذا العالم بأسره وتبني مسارات عدة سياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية وأمنية لمنع الترويج الفكري والإعلامي للفكر الإرهابي والمتطرف.

وأضاف العماد شوا: “إن الإرهاب الذي ضرب منطقتنا والعديد من الدول منذ سنوات ليس حدثا طارئاً أو نابعاً من فراغ وإنما هنالك أسباب حقيقية لا تخفى على أحد هي التي وقفت وراءه وعوامل مصلحية خطرة وسعت انتشاره وأطراف معروفة ومعلومة لدى الجميع عملت ومازالت تعمل على دعمه وبذل الإمكانات لذلك خدمة لأجندتها ومشاريعها وأهدافها، وأشار إلى أنه لولا وجود منابع فكرية ساهمت في تغذية الفكر المتطرف لما انتشر ذلك الانتشار السريع وخاصة في السنوات الأخيرة ولما توسع انتشاره في الكثير من المجتمعات، داعياً إلى إيجاد روادع وضوابط قانونية محكمة ودولية جامعة لمنع انتشار الفكر المتطرّف، وأضاف: “إن عدم الاتفاق دولياً على تعريف واضح للإرهاب يحدد مظاهره وأسبابه يفسح المجال لاحتضانه وتبنيه لدى الكثير من مشغليه.. ومباشراً كان الاحتضان أم غير مباشر فالأمر سواء فهو ما يمكّن بعض المنظمات الإرهابية من التحرّك والتنقل تحت غطاء من الشرعية الممنوحة وعبر قوى معينة”. وأكد العماد شوا أن تناقضات المواقف من بعض الدول تجاه الإرهاب وعدم مشاركتها الجادة في مكافحته ومنع انتشاره من أخطر عوامل اتساعه وتفاقم أخطاره، إضافة إلى الكيل بمكيالين من بعض الدول تجاه دول أخرى أو شعوبها والانتقائية في معالجته أتاحت فرص نمو وانتشار الإرهاب، ودعا إلى تضافر الجهود الدولية المشتركة للخلاص من الإرهاب من خلال تجفيف مصادر تغذيته، مشيراً إلى أن عدم القيام بذلك سيزيد الأمر سوءاً وسيعم الخطر الجميع نتيجة التكاثر الكثيف لجماعات الإرهاب وتوالدها من بعضها جراء الانشقاقات المستمرة بينها وهو ما نشهده اليوم في سورية مع التزايد الملحوظ من الانشقاقات في صفوف التنظيمات الإرهابية وظهور مجموعات جديدة بأسماء مختلفة لكنها على السواء تحمل الفكر التكفيري المتطرف ذاته ولا تختلف في ممارستها وجرائمها عن التنظيمات الأم التي انشقت عنها، وأوضح أن الإرهاب المؤدلج ممثلاً بتنظيم القاعدة ووليدها المتطرف المعروف بداعش ليس منظمة قطرية يمكن لمطامعها أن تتوقف عند حدود البلد ذاته وإنما هو إرهاب أممي يرتكز على أهداف وبرامج لا تعترف بالحدود والأقطار، وأشار إلى أن مواجهة الإرهاب الأممي العابر للحدود والقارات لا يمكن أن تتم إلا بوجود إرادة دولية جادة وتنسيق دقيق بين مختلف الأجهزة الأمنية في دول العالم على نحو يكفل درء خطر الإرهاب عن الجميع.

وأكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال افتتاح أعمال المؤتمر أن الإرهاب لا يزال يشكل خطراً أساسياً يهدد العالم ما يتطلب إعادة رسم الاستراتيجية الشاملة لمحاربة الفكر الإرهابي لتنظيم داعش، وأوضح أن سورية هي الخط الأمامي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي وأن روسيا اتخذت قرارات لتقديم المساعدات العسكرية لسورية بما فيها الجوية كما أنها تعمل مع حلفائها من أجل الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ولإقامة حوار بين الحكومة السورية و”المعارضة”، مبيناً أن العدوان الأمريكي الأخير على سورية يعد خرقاً فظاً للقانون الدولي ويشكل تهديداً للقوات الروسية هناك وأن الجانب الروسي يتخذ الإجراءات الضرورية لضمان أمن العسكريين الروس، وشدد على أنه من الضروري اتخاذ القرارات الدولية والتدابير المناهضة للإرهاب الذي يهدد العالم.

وأكد شويغو ضرورة التعاون بين واشنطن وموسكو في محاربة الإرهاب معيداً إلى الأذهان أن موسكو لا تتخلى عن محاولات إقامة التعاون مع واشنطن والتحالف الدولي الذي تتزعمه الأخيرة لكن هذه المساعي لم تنجح حتى الآن في التوصل إلى تفاهم وأن الخلافات السياسية ما زالت تشكل عقبات أمام تشكيل تحالف واسع.

بدوره دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال افتتاح المؤتمر إلى تشكيل تحالف دولي واسع لمكافحة الإرهاب، مؤكداً أن الإرهاب اتخذ أبعاداً لا مثيل لها في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن إطلاق عملية أستانا يسهم في تسوية الأزمة في سورية، ودعا إلى إقامة العلاقات الدولية على أساس المساواة في الحقوق واحترام السيادة واستقلال كل الدول واستئناف الثقة المتبادلة.

من جهة ثانية أكد وزير الخارجية الروسي خلال مؤتمر صحفي مع وزير خارجية النظام السعودي عادل الجبير في موسكو أمس: إن مبادرة إطلاق اجتماعات أستانا كان لها دور حاسم في التحفيز لاستئناف عملية جنيف ونحن نريد أن نطوّر العمليتين الاثنتين بشكل منسق، لافتاً إلى أن هدف عملية أستانا إيجاد آليات لاحترام نظام وقف الأعمال القتالية الذي تم التوصل إليه.

ورداً على سؤال حول الخلاف بين روسيا والنظام السعودي بشأن الأزمة في سورية قال لافروف: نحن نعرف أن هناك تبايناً في الموافق بيننا وبين السعودية ومع ذلك نتفق على إيجاد حل للأزمة في سورية، مؤكداً أنه لا بد من إشراك جميع الأطراف السورية والقوى الخارجية التي لها تأثير على تلك الأطراف باستثناء التنظيمات المصنفة إرهابية على لوائح مجلس الأمن كتنظيمي داعش وجبهة النصرة، وأشار إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي ينصّ على المبادئ الأساسية لتسوية الأزمة في سورية بما في ذلك المبدأ الذي يؤكد أن الشعب السوري هو الوحيد الذي يحدد مستقبل بلاده كانت السعودية قد شاركت بالجهود الدولية لصياغته، موضحاً أن كيفية تطبيق هذه المبادئ هي موضوع النقاش بين الحكومة السورية وكل أطياف “المعارضة”.

من جهة أخرى أكد ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية أن تسوية الأزمة في سورية بصيغة أستانا ستتواصل سواء بمشاركة المجموعات المسلحة أو غيابها، وقال: إن هدف أستانا هو تعزيز نظام وقف الأعمال القتالية وبالطبع فإن عملية التسوية بصيغة اجتماعات أستانا ستستمر حتى في حال عدم حضورهم.

في الأثناء جدد السفير شيه شياو يان مبعوث الصين الخاص إلى سورية موقف بلاده الرافض للتدخل في الشؤون الداخلية السورية، ودعا شياو يان في تصريحات للصحفيين في بروكسل الأطراف الخارجية التي تحاول تغيير الحكومة في سورية إلى أخذ الدروس من العراق وليبيا وقال: علّمتنا الخبرات السابقة أن التغيير البسيط في نظام الحكم سيجلب كارثة للبلاد كما حدث في العراق وليبيا وأماكن أخرى.

وفي طهران أكد الدكتور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني خلال لقائه الدكتور عدنان محمود سفير سورية في طهران أن الأوضاع الميدانية في سورية تتقدم إلى الأمام في دحر الإرهابيين، مشدداً على تعزيز التنسيق بين سورية وإيران وروسيا في محاربة الإرهاب والعمل على دفع المسار السياسي بما يحقق مصالح الشعب السوري ويحافظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها واحترام إرادة السوريين في رسم مستقبل بلادهم دون أي تدخل خارجي، وجدد استمرار بلاده في دعم سورية حكومة وشعباً في حربها ضد الإرهاب وتعزيز صمود الدولة السورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد حتى استعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها وإنجاز الحل السياسي من خلال الحوار بين السوريين أنفسهم.

اخبار الاتحاد