قلق «إسرائيلي» من استفزاز كوريا

 

– توقّفت تعليقات بعض المحللين العسكريين الاستراتيجيين «الإسرائيليين» أمام الردّ الكوري الشمالي على تصريحات وزير الحرب أفيغدور ليبرمان الذي وصف القيادة الكورية بمجموعة مجانين يقفون مع سورية وإيران. وقالت إنّ الردّ لم يتضمّن مجرد تصعيد سياسي بتأكيد الوقوف الكوري الثابت مع الفلسطينيين وسورية وإيران، بل تضمّن تهديداً صريحاً بعقاب لا يرحم، ودعت لأخذه على محمل الجدّ.

– يُدرج المحللون لتفسير قلقهم ثلاثة أسباب رئيسية، الأول أنّ الموقفين العقائدي والسياسي للقيادة الكورية يجعلانها تصنّف «إسرائيل» عدواً، فكوريا تنطلق من توصيف عقائدي لـ«إسرائيل» ككيان استيطاني عنصري قائم على اغتصاب حق الشعب الفلسطيني بأرضه، وتتلاقى مع توصيف إيران لـ«إسرائيل» بالغدّة السرطانية المصطنعة الواجب اقتلاعها، ولو من منطلقات مختلفة غير دينية، وسياسياً تعتبر كوريا أنّ «إسرائيل» هي مخلب قطّ يحركه الأميركيون لحماية مصالحهم ويعتبرون «إسرائيل» ضمن شبكة الأهداف الأميركية المطلوب استهدافها في أيّ مواجهة مفترضة مع الأميركيين، بل تأتي قبل الأهداف العسكرية والنفطية الأميركية في الخليج ضمن بنك الأهداف الكوري.

– السبب الثاني، وفقاً للمحللين القلقين، هو أنّ القيادة الكورية التي تبدو جهة لا تقيم الحسابات تظهر عبر تاريخها أنها من أكثر القيادات دقة في حساباتها، ولذلك على القيادة «الإسرائيلية» أن تنتبه إلى احتمال رغبة كوريا بتفادي استهداف الولايات المتحدة الأميركية في أيّ جولة تصعيد عسكري قد تقع بين واشنطن وبيونغ يانغ، لأنها تريد أن تبقي الباب مفتوحاً للتفاوض، وتعلم أنّ أول صاروخ كوري يسقط على الأراضي الأميركية سيعني حرباً لا تنتهي إلا بدمار كوريا وخسارتها للحرب، لأنّ الأمر لا يحتمل بالنسبة لأميركا تسوية بعدها تضعها في موقع ندّي مع دولة صغيرة بحجم كوريا، ولذلك يجب التحسّب لكون «إسرائيل» واحدة من الأهداف العسكرية الكورية في حال التصعيد مع أميركا التي لا يترتّب على قصفها إقفال طريق التفاوض مع واشنطن، عدا عن كونه يُحدث موضوعياً تغييراً في موازين القوة لحساب الحليف الإيراني لكوريا الذي سيكون جاهزاً للتحريض على ذلك الخيار، ودفع الكلفة المالية اللازمة لاعتماده من بيونغ يانغ، وربما يكون قصف «إسرائيل» المتعجرفة قد أصبح خارج الخطوط الحمراء لكلّ من بكين وموسكو، وبالتالي لا يسبّب لبيونغ يانغ أزمة كمثل أهداف أخرى أشدّ التباساً وأخطاراً.

– السبب الثالث، وفقاً لهؤلاء المحللين، هو أنّ صعوبات تقنية قد تعترض المساعي الكورية لامتلاك القدرة على بلوغ صواريخها الباليستية الأراضي الأميركية، كما تقول تجاربها الحالية لصواريخ تتخطّى الأربعة آلاف كليومتر، لكن تجاربها السابقة أثبتت تمكّنها من إنتاج وتجربة صواريخ باليستية تحمل رؤوساً متفجّرة تقليدية وقابلة للتزوّد برؤوس نووية بمدى يبلغ البحر الأبيض المتوسط ويجعل «إسرائيل» ومنشآتها الحيوية في مطال اليد الكورية، وبمثل ما قد يتسبّب العجز الكوري عن بلوغ مرحلة القدرة على استهداف الأراضي الأميركية بدفع واشنطن لمزيد من الاستقواء قد يدفع أيّ استفزاز أميركي القيادة الكورية لاعتماد أقوى فرص الردّ المتاح، وهو استهداف «إسرائيل».

– تخلص التحليلات إلى إسداء نصيحة للقيادات «الإسرائيلية» بالنأي بالنفس عن السجال الأميركي الكوري، والتزام الصمت. فالظرف لا يحتمل التعجرف والتعالي، والواقعية تستدعي التحفظ وتجنّب الوقوع في أخطار لا مبرّر لها في حرب هي ليست حرب «إسرائيل».

اخبار الاتحاد