«الأمعاء الخاوية» سلاح جديد يفجره المقاومون في وجه طغيان الاحتلال، إذ جسد الأسرى والمعتقلون في سجون الكيان الإسرائيلي في إضرابهم المفتوح أسمى معاني الوحدة الوطنية ومن خلاله استطاعوا إيصال رسالتهم إلى العالم وإطلاعه على الطبيعة الخطرة لإرهاب «إسرائيل» وعنصريتها، وتأكيد حقهم في الحياة ومقاومة سالبي الحقوق ومحتلي الأرض، فأشعل تحركهم هذا ثورات الغضب رفضاً للاحتلال وممارساته الإجرامية، وتضامناً مع رسالتهم في تحريك الضمير والوعي للانتفاض في وجه الغاصب وإرهابه، وإيقاظ من تاه في غياهب ما سموه «الربيع العربي» بأن البوصلة هي فلسطين.
إضراب الحرية والكرامة بدأه الأسرى والمعتقلون في سجون الاحتلال الإسرائيلي احتجاجاً على ممارساته القمعية والتعسفية بحقهم، وهم ماضون في إضرابهم ولن يثنيهم شيء عن متابعته حتى تحقيق أهدافه في نيل الحقوق كاملة، وهذه الحقوق هي حقوق مشروعة لهم وللشعب الفلسطيني، فكان لنبل رسالتهم أن امتدت إلى خارج سجونهم، وتكاثر عدد المتضامنين واتسع حجم التضامن والتفاعل الشعبي معهم في كل مكان من العالم الحر تأييداً لهم ولأهدافهم.
رسالة المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني تحمل بعدين أساسيين، الأول إنساني والثاني سياسي، ففي البعد الإنساني أراد المضربون أن يبلغوا المجتمع الدولي الغافل عن حقائق الممارسات الإسرائيلية اللاأخلاقية وغير القانونية بحق الشعب الفلسطيني من حملات الاعتقال التعسفية والأحكام المجحفة بحق الأسرى والمعتقلين، وما إلى ذلك من واقع مرير يكابده الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال وخارجها، أما البعد السياسي للإضراب فيكمن في وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في الدفاع عن الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني في ظل احتلال غاشم يمارس أبشع أنواع القهر والظلم، من سياسة التجويع والحصار والقمع ومصادرة الأراضي وقطع الأشجار وتوسيع مستوطناته في انتهاك فاضح للقوانين والقرارات الدولية، من دون أي تحرك واضح لردع «إسرائيل» ووضع حد لغيّها.
في ظل غياب المنظمات الدولية والحقوقية تعمد «إسرائيل» بشكل ممنهج للتعتيم على ممارساتها بحق الأسرى والمعتقلين في سجونها، وتمنع تسريب أي معلومة عما يجري داخل معتقلاتها من خلال منع التواصل مع الأسرى وعدم سماحها لوسائل الإعلام بالدخول إلى السجن ونقل معاناة المعتقلين، رغم مناشداتهم المتكررة لإنقاذ حياتهم وصحتهم من الخطر الذي يهدد وجودهم، لكن لا أحد يسمع، فهل يمهد الإضراب الطريق لإعلان الانتفاضة المنتظرة؟.