على أبواب جنيف

على أبواب جنيف

بقلم: يوسف أحمد

 

المكان هو سورية التي تبقى دائماً قلب العروبة النابض وعقلها المتوثب.. هو سورية التي يلفحك في كل زاوية في حاضرها وكل لحظة من تاريخها عطر العروبة.

سورية التي شكلت دائماً ذاكرة الأمة العربية وسجل يومياتها.

سورية التي واكبت أمجاد العروبة وتحمّلت آلامها وتنكبت مسيرة آمالها وأحلامها.

والزمان هو زمان سيادة الرئيس بشار الأسد، هذا القائد الذي ما سعى لمديح، ولكن الإنصاف لصفاته التي لا تعدّ ولمُثله العليا التي لا تُحصى أتاه طوعاً من أعدائه قبل محبيه.

هذا القائد الذي تجد ملايين السوريين.. بل ملايين هذه الأمة في شخصه الضمانة الكبرى لكل ما تبقى للأمة العربية من حلم في الكرامة، وصبر على المكاره، وأمل في المستقبل وإيمان بأن سورية التي يقودها في أحلك أزمانها لا يمكن أن تذلّ أو أن توقّع صك هزيمتها واستسلامها.

لأنه يقرأ التاريخ…لأنه مشبع بتجاربه.

لأنه يملك سر خلود القادة العظام في تاريخ الشعوب.

والتاريخ هو ذاكرة الشعوب وهويتها وجذور انتمائها.

وأحداثه هي التجارب وحفظ هذه التجارب هو الذي يجنّب الإنسان الإعاقة بفقدان الذاكرة… من هنا نحاول أن نجمع ذاكرة أمسنا لتصبح رصيد يومنا في معركة توجهنا نحو المستقبل.

 

ومحاولة الرئيس الأسد جمع الذاكرة السورية هو ربط لماضي سورية مع حاضرها.. هو خبرة الماضي في تصرف الحاضر.. هو تجربة الماضي تغني عن تكرار الأخطاء في الحاضر.. هو الخلفية التي يُبنى المستقبل على أساس القواعد المستخلصة من تجاربها.

فالغد يوم آخر، فلنتساعد لحفظ تاريخه اليوم ورحلة المستقبل من دون تاريخ نهتدي به نستلهم تجاربه هي حاضر يستعاد أو ماضٍ نسكن تقاليده ونكرّر مآسيه، وفي أفضل الأحوال ننام على أمجاده.

فتعالوا نتعاون كي لايكون مستقبلنا تكراراً لحاضرنا الذي هو بدوره أسير لماضينا الذي حاول الأجنبي أن يزوّر أحداثه ويقلّل من حجم عطاءاته وانتصاراته ويعتم على المحطات المميزة فيه.

واسمحوا لي أن أستعيد بعضاً من صور هذه الذاكرة القومية.

في ذاكرتنا قائد يأتمر بوحي من إيمانه وبالتزام عظيم بقضيته، بقرار أمير المؤمنين بعزله في عز انتصاراته وليلة معركته الكبرى، ويقول عمر أبو ريشة بلسانه:

إنا نقاتل كي يرضى الجهاد بنا ولانقاتل كي يرضى بنا عمر

وفي تاريخنا رايات الله ينشرها المؤمنون تطارد قياصرة ذلك العصر لتغطي العالم المعروف في ذلك الزمان، وسلاحها الإيمان بالقضية والتضامن العربي.

وفي تاريخنا تفكك يسقط أعلام العروبة عن الأندلس، ويدمي قلب طارق بن زياد وعقبة بن نافع وصقر قريش بألم الانكسار المذل.

في تاريخنا تضامن يقوده القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي، يطرق أبواب بيت المقدس ويحرر أرض العرب من أعدائها.

وفي تاريخنا تفكك يعيد ضابطاً أجنبياً ليقف على قبر صلاح الدين لينبئه بخبر عودته.

وكل تاريخنا هو تضامن عربي منتصر وتفكك عربي مدمّر.

فهل نحن اليوم نقرأ التاريخ..؟

هل يقرأ التاريخ آل سعود وآل ثاني وكل الذين يعفّرون جباههم على أحذية قياصرة عصرنا بحثاً وراء دويلات هزيلة الكيان.. محدودة المكان.. مرهونة القرار.

هل يقرأ التاريخ هؤلاء المتآمرون على سورية وعلى شعبها وعلى تاريخها وعلى قضاياها.

تاريخهم في مأزق وحاضرهم في مأزق إذا لم يتعلموا القراءة سريعاً سيكون مستقبلهم في مأزق.

والقائد الذي يقف اليوم في وجه كل هذه الأعاصير حليماً في اقتدار، متصدياً بشجاعة، صابراً مهتدياً بالإيمان، صامداً بصلابة، ساعياً لاستنبات ماتبقى من بذور الكرامة في تاريخ هذه الأمة، مبلسماً جراح الكرامة في كل الأرض العربية، مختزناً لكل آلام وآمال شعوبها.

هذا القائد هو بشار الأسد، حافظ الكرامة العربية الذي ستكتب سورية معه وبقيادته وثيقة كرامة الشعب السوري وانتصاره، ومن ثم وثيقة كرامة لمستقبل الأمة العربية إذا استلهمت عبر التاريخ.

سلاح شعب سورية اليوم حراب البعث المنتصبة بكل صبر وأمل على أرض سورية.. قادة وضباط وضباط صف وجنود الجيش العربي السوري الباسل.

سلاحهم لحمة سورية وطنية جامعة.. وحدة مسار ومصير ومجابهة وصمود في مسيرة القائد العظيم الذي يردّ أسلحة الغدر التي قادتها الغرائز السعودية القطرية التركية على أرض سورية إلى صدور أبنائها، فيعيد تصحيح مسارها وينتزعها من صدور المضلّلين ليوجهها نحو العدو الغاصب لأرضنا، المدنس لتاريخنا.

وختاماً أعود لأقول: دعونا نجمع التاريخ ونوثّق أحداثه ونعلّم أبناءنا عبره، لأننا على أبواب عصر لايرحم.. عصر أصبح التاريخ فيه كالقانون لايرحم من يجهل مواده وأحكامه.

هذا هو منطلق الوطنيين والعروبيين في سورية وفي غيرها قبيل جنيف وخلاله وبعده… هذا هو الكلام الذي يتناسب مع المكان والزمان وتدركه جيداً جماهير شعبنا الأبي عموماً ومناضلو حزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي خصوصاً.

ملاحظة:

ليس في ظاهر السياق مايوحي بعلاقة بين عنوان هذا المقال وبين مضمونه.. إلا أن منطق القول مدّ صلة بين الاثنين.

 

اخبار الاتحاد