احتمالات الحل

مصطفى المقداد

بانتظار جولة جديدة من مؤتمر جنيف تبرز احتمالات التوصل لإيجاد حل ممكن، أو على الأقل ملامح صيغة تنفيذية لحل معقول يأخذ طريقه نحو التطبيق في ظل المتناقضات التي لم تتساقط نهائياً حتى الوقت الحالي،

فالولايات المتحدة الأميركية لم تحدد سياستها النهائية تجاه سورية وآليات التعامل المحددة لإدارة ترامب وهي ما زالت تتردد في تحديد موقفها بدقة، وكيف ستحدد إدارة ترامب تلك السياسة في ظل ادعاءاتها بدعم العملية السياسية في سورية من جانب والتزامها محاربة الإرهاب الدولي من جانب آخر، وبذلك ما زال أمام إدارة ترامب المزيد من الوقت لإقرار سياسة تتماشى مع الالتزامات مع الشريك الروسي كذلك ولا تظهر تخلياً عن دعم المجموعات المسلحة وهي التي حصدت الخيبة والخسارة على أيدي تلك المجموعات مرة تلو الأخرى وما زالت مستمرة تحت وقع أكاذيب تلك المجموعات وشخصياتها التي تقدم تقارير كاذبة باستمرار للاستخبارات الأميركية، ويبدو أن احتمال امتلاك إدارة ترامب لرؤية واضحة لحقيقة الحدث السوري، ما زال بعيداً نظراً لوجود مجموعات الضغط فضلاً عن تباين المواقف ما بين البيت الأبيض والكونغرس وربما البنتاغون وأجهزة الاستخبارات المركزية والعسكرية، ما يعني في النهاية أن إدارة ترامب ما زالت بعيدة عن اعتماد سياسة واضحة فيما يتعلق بسورية وربما المنطقة العربية برمتها.‏‏

وفي الوضع الإقليمي فإن الحال ما زال على وضعه السابق باستثناء العزم على تطبيق اتفاق أستانة بشأن مناطق خفض التوتر من جانب القوات المسلحة السورية والقوات الروسية في الوقت الذي لم تقدم تركيا أي خطوة في هذا المضمار، وهنا يتمثل بقوة حضور التصميم السوري على المضي في تنفيذ الاتفاق بغض النظر عن كل المعيقات ومحاولات التعطيل سواء من جانب أجهزة أردوغان أو المجموعات المسلحة التي سبق لها أن وافقت على وقف العمليات القتالية، الأمر الذي يعكس الالتزام السوري بالاتفاقيات انطلاقاً من حقيقة إيقاف عمليات القتل بجميع الوسائل الممكنة.‏‏

وفي الجنوب السوري لم تنقطع التهديدات بالتدخل الإرهابي بأشكال مختلفة فبعد الحشود الغربية العدوانية خلال الأيام الماضية يتابع الإرهابيون تحركاتهم ويغيرون ولاءاتهم وتبعياتهم وفقاً لمتغيرات الدعم المادي، فتحضر داعش على حساب النصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية فيما ترتفع وتيرة التنسيق مع العدو الصهيوني على امتداد الحدود في الجولان السوري المحتل، وينتقل ضباط الموساد بين المجموعات الإرهابية لوضع الخطط التي تحاول إفشال اتفاق مناطق خفض التوتر .‏‏

كل هذه الظروف وغيرها تلقي بظلالها على الجولة المنتظرة بعد أيام في جنيف حيث ستناقش قضايا شكل الحكومة والدستور والانتخابات والإرهاب خلال ثلاثة أيام ككتلة واحدة ما يجعل احتمالات التوصل إلى توافق أمراً بعيد التحقق نظراً لعدم امتلاك أي مجموعة ستدعى إلى جنيف إلى مشروع وطني متكامل تستطيع طرحه على طاولة الحوار والتفاوض، ما يجعل من جنيف منصة إعلامية تفتقر إلى وجود ارادة دولية جادة في البحث عن حل حقيقي للعدوان الإرهابي على سورية، وبالمختصر فإن الغرب الاستعماري والولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي لا تمتلك حتى الآن آلية فاعلة لتفاهم يمكن التوصل إليه، فيما يستمر الجيش العربي السوري الباسل بمتابعة مهمته المقدسة بمحاربة الإرهاب بالنيابة عن العالم المتحضر كله، إضافة إلى المصالحات المحلية بعيداً عن تدخلات الخارج التي تؤكد قدرة السوريين على حل مشكلاتهم وطنياً في حال انتفاء التدخلات الخارجية المخربة.‏‏

 

اخبار الاتحاد