الظـلاميّون

بقلم: عدنان كنفاني

 

كي نتفق على صيغة واقعية، علينا أن نسمّي الأشياء بأسمائها دون الوقوع في التزييف والتزوير.

آل سعود (الوهّابيون)، ليسوا هم أصحاب جزيرة العرب، هي بلاد الحجاز، كانت، وستبقى ولا يمكن أن تكون ملكاً لأسرة تحكمها بأهواءٍ مشوّهة منتمية إلى فكر ظلامي يقوم على إلغاء الآخر.

هذه الأسرة، تحكم شعباً، تقول الإحصائيات العالمية إن نسبة الفقراء المعوزين فيه مرتفعة جداً، كما نسب المنحرفين، والمتعاطين. وفي المقابل نسب الفجور والفحش في القصور الملكية فاقت أوهام الطغاة الذين عبروا التاريخ.

أسرة تحكم، بلا دستور، وبالادّعاء المُضلل، تلغي في الوقت نفسه نصف طاقة البلاد من خلال تغييب المرأة، وإبقائها تابعة لنزوات الرجال ليس إلا.

أسرة تحكم بفتاوى جهلاء وموتورين، يفصّلون الفتاوى على قدر النص والحاجة، وبما لا يخرج عن رغبة السلطان الحاكم بأمره.

فأي ثقافة يمكن أن ننسبها لهؤلاء.؟

هل هي ثقافة التداوي «ببول الإبل».؟ أم هي ثقافة «المال».؟

يقول الله سبحانه في مُحكم كتابه:

بسم الله الرحمن الرحيم(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرا) سورة الإسراء، الآية «16».

أيّ ثقافة هذه التي تسعى إلى إعادة عقارب الزمن قروناً إلى الوراء، ليس إلى فترات نورانية كانت، بل إلى شرعَةِ الغاب، والعصور الحجرية.؟

أي ثقافة، والمسيّرون لسياسة البلد مجموعة من الجهلاء المتعصّبين المعقّدين.؟

هل هي ثقافة إلغاء الآخر حد القتل والتدمير.؟

يقول الشهيد غسّان كنفاني.. وقد كتب في جريدة «الصيّاد» بتاريخ 7/4/1972 «قبيل استشهاده بشهور قليلة» وتحت عنوان (البوينغ السعودية، تُثبِت أن الأرض لا تدور) مقالاً قد يفسّر بعض ما أشرت إليه من حال هؤلاء الغوغاء الجهلاء، أقتطع منه:

(صدر في حينه كتاب حديث «بعد عامين من هزيمة حزيران» يحمل عنواناً غريباً عجيباً: (الأدّلة النقلية والحسّية على جريان الشمس وسكون الأرض، وإمكان الصعود إلى الكواكب)، مؤلفه جهبذ موسوعي ألمعي «البروفيسور عبد الله بن باز» يحتل منصب رئيس جامعة المدينة المنورة في السعودية، «ومن صلبه خرج المفتون الجدد»، وقد عمل هذا البروفسور على تقديم «براهينه العلميّة» من كلمات وأبيات متناثرة في بعض الشعر العربي القديم ومنها أبيات من عنترة شخصياً، ليثبت بشكل دامغ أن الأرض راسية لا تتحرك ولا تدور).

وقبل أن يدخل غسان في الحديث عن المضمون الفكري والبراهين العلمية لكاتب المقال، يقدّم في بداية مقاله الساخر اقتراحاً، أو لعلها عدّة اقتراحات تتلخص بما يلي:

(جرت العادة في هذه الأيام، وعند الدكاكين المتطورة، أن يقدّموا لك مجاناً صابونة إذا اشتريت علبة برش، وجوز كلسات إذا اشتريت بنطلوناً، وهذا الأسلوب هو تطوير حضاري لما كانت أمهاتنا يسمينه «عالبيعة الله يخليك!» هذه المقدمة ضرورية لكي أفسّر لماذا شعرت بأن الكتاب الذي اشتريته مؤخراً كان ناقصاً هدية «عالبيعة»، فقد كان من المفروض أن تُعطى معه مجّاناً سلّة مهملات، كإشارة إلى مصيره، أو على الأقل كان من المفروض أن تُربط إليه عصا خيزران، وذلك كي ينهال القارئ على نفسه ضرباً بعد الانتهاء من قراءته، من باب الندم والنقد الذاتي.. إن ملخّص الكتاب «كما لا شك تخّمن» هو أن صاحبنا البروفسور عبد الله بن باز، أخذ على عاتقه في 75 صفحة، أن يبرهن لك ولي وللجدعان، أن الأرض ثابتة راسخة لا تتحرك قيد شعرة، وأن الشمس «أيّها الشاطر» هي التي تركض وتدور حول الأرض..)

هذا أنموذج لرأس هرم «مثقف» في أسرة آل سعود، ومن يواليهم، فكيف وبقيّة الموتورين الجهلاء منهم.؟

هي ثقافة المال، ستودي بهم إلى ظُلامةِ التهلكة.

اخبار الاتحاد