احمد ضوا :سانا
لا تكف الدول الغربية عن طرح إملاءاتها بالصيغ التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تكريس قوتها السياسية والاقتصادية وتحقيق غاياتها الاستعمارية، وهذا ما فعلته مجموعة الدول السبع عبر بيانها الذي يحمل بين طياته الترغيب والتهديد وسلوك التدخل المباشر في شؤون الدول المستقلة وانتهاك سيادتها.
ما يهمنا في بيان مجموعة السبع التي اختتمت أعمالها في جزيرة صقلية الايطالية هو تناوله للحرب الإرهابية على سورية على طريقة «نفذوا ما نريد ونحن جاهزون للتعاون في حل الأزمة مع موسكو».
اللغة الجديدة في بيان المجموعة لا تتعدى الصيغ فقط، أما الأهداف فبقيت كما هي، والأخطر من ذلك أن الدول الغربية التي فشلت في إنجاز أي هدف من أهدافها في سورية تريد الحصول على هذه الأهداف بالخباثة السياسية والابتزار القذر.
إنّ إعراب مجموعة السبع عن استعدادها للعمل مع روسيا للتوصل إلى حل سياسي يوقف الحرب على سورية في حال كانت موسكو «جاهزة لاستخدام نفوذها بشكل إيجابي» ينطوي على كثير من الخبث، وفي الوقت نفسه يتضمن اعترافاً غربياً صريحاً بعدم القدرة على فرض الأجندة الغربية سواء على روسيا أو سورية وأصدقائها وحلفائها بشكل عام.
لا شك أنّ تضمن بيان مجموعة السبع فقرة تتعلق بالحرب الإرهابية على سورية دليل على تمدد تداعيات هذه الحرب الظالمة على الشعب السوري إلى داخل هذه الدول بطريقة أو بأخرى، وإحساس واضح بالمخاطر الإرهابية الناجمة عن استمرار دعمها لهذه الحرب على شعوبها ومصالحها، ولكن وضع هذه الدول شرطاً للتعاون مع سورية لإنهاء الحرب ينسف على نحو متعمد هذا التعاون، وخاصة عندما يتحدث عن الدور الإيجابي لروسيا ما يشكل اتهاماً ضمنياً لها بأنّها لا تلعب دوراً إيجابياً في هذه الحرب على سورية.
من المؤكد أنّ روسيا لم تكن إيجابية إطلاقاً مع المطامع الاستعمارية الغربية ضد سورية والمصالح القومية لروسيا في المنطقة العربية ومحيطها الاقليمي، ولكن دور روسيا لإنهاء الحرب الإرهابية على سورية وفي المعركة ضد الإرهاب بشكل عام كان إيجابياً جداً ومنع إلى اليوم سقوط المنطقة في يد الإرهابيين المدعومين من مجموعة السبع وأدواتهم في المنطقة.
وأيضاً ينسف الشق الآخر حول سورية من بيان مجموعة السبع والذي يركز على دور الأمم المتحدة في العملية السياسية في سورية دون الإشارة إلى الشعب السوري صاحب القضية والأرض والحق، كلّ القرارات الدولية التي تبناها مجلس الأمن حول الحل السياسي في سورية وخاصة القرارين 2254 – 2199.
إنّ القرار 2254 ينص على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل بلاده، فيما ينحصر دور الأمم المتحدة بحماية هذا الحق، والعمل على وقف الحرب الإرهابية على سورية عبر الضغط على الدول التي تدعم التنظيمات الإرهابية، وهنا الفارق الكبير بين القرار 2254 وبيان مجموعة السبع الذي يحاول إحلال الأمم المتحدة مكان الشعب السوري.
الأمر الإيجابي الذي يمكن استخلاصه من بيان مجموعة السبع هو إقرارها بالعجز في تحقيق مشاريعها في سورية والمنطقة، واستحالة استعادة قيادتها المتغطرسة للعالم، ويجب أن نعرف بأن الشروط الغربية والأميركية خاصة -للتعاون مع روسيا بشأن سورية- تتراجع وسنصل في ظل صمود الشعب السوري والدور الكبير للجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب إلى الوقت الذي تقول فيه مجموعة السبع: الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل وطنه دون أي اشتراطات على روسيا وسورية.