محمد البيرق:تشرين
«العزم يجمعهم» واحد من الشعارات التي رفعها بنو سعود ترحيباً وتمجيداً للزيارة «التاريخية» التي «باركهم» بها ترامب، وكيف لا تكون «تاريخيةً» والحبر الأمريكي قرّر وسم جبين المملكة الوهابية بـ«تاتو» عربي- أميركي ليكون وصمة عمالة حاضرة وباقية في ملفّات ماسيكتبه الغد من تاريخ؟
«العزم يجمعهم» تحت «سقيفة» وهابية وبحضور ملوك وأمراء ورؤساء عرب بعصبة أميركية، و«عزل» إيران الهاجس الوحيد.. أما تنظيراً فكان ادّعاؤهم أن الإرهاب «همهم الأول والأخير»، فكان التحشيد علنياً ولا أمانات في مجالسهم واللعب على المكشوف، فالعمالة حاضرة والخنوع ظاهر والرؤوس مطأطئة مستجدية جاهزة لدفع الفاتورة والرسوم المطلوبة، بما يليق وسيل لعاب التاجر الأمريكي الذي لا يكترث بضاد اللغة ولا بأمن وسلام المنطقة، إنما همّه رفد خزائنه الأمريكية بربح وفير تنفيذاً لوعده في حملته الانتخابية.
وها هي السعودية اليوم، المملكة الوهابية التي صدّرت، ومازالت، الفكر الإرهابي إلى أصقاع العالم تدفع الملايين لتخريب الدول العربية، واليمن أبرز مثال على فجور المال النفطي العربي، ومرتزقتها في سورية صورة حية عن أن الأتباع لا يختلفون عن مؤدبيهم بفعل الإجرام والتنكيل.
أما وإن صار المال الخليجي ولاسيما السعودي في أرصدة البنوك الأمريكية، فسيكون للإعمار وللمشاركة في مشروعات البنى التحتية، و«على عينك يا تاجر» فلا أمانات في مجالسهم، ورخصهم واضح يبثه مباشرة أثير الفضائيات، ولا حياء ينفعهم يوم الدين.
«العزم يجمعهم» ليكونوا وأميركا على ابن عمهم، كل مقاوم وعروبي، وليكونوا حلقة جديدة في مسلسل الاصطفاف بعد أن فشل مخططهم الذي سمّوه «ربيعاً عربياً»، لتكون النية معلنة لا تحتاج غرفاً مغلقة، هدفها الرئيس استنزاف الأمة وطاقاتها، والتنظيمات الإرهابية أدواتها، أما عينها الاستخباراتية فالحصة فيها ستكون لـ «إسرائيل» التي صرحت أن السعودية ليست دولة عدوة لـ«إسرائيل» ولا تشكل تهديداً مباشراً وتجب رؤية المصالح المشتركة مع الرياض من خلال صفقة الأسلحة مع واشنطن على حدّ قول «يدلين» الجنرال الإسرائيلي الأسبق.
والمصالح المشتركة على مائدة الصفقات الأميركية- السعودية ستستثمرها «إسرائيل» ولن تكون غائبة عن «لحس» إصبعها بفوائد مضافة مدفوعة الثمن عربياً، والعلاقات المفتوحة وشركات الطيران المحلقة في الأجواء العربية والقيود التجارية الملغاة ستكون مسودة النتائج المنتظرة من العدو «إسرائيل»، التي حرصت المملكة السعودية على طيب العلاقة معها، وهي التي باتت تشعر بالخوف حتى من الدول التي تشاركها الخليج جغرافيةً، فما كان البديل إلاّ أن تكون «إسرائيل» الحليف، وليصير النزاع الخليجي ما بين وهابي و«إخواني»، والميدان يجمعهم بسفك دماء جديدة.
أما فلسطين الشقيقة المنكوبة منذ عام 1948، التي تناساها المحتفلون بـ«فخامة» الأمريكي «الزعيم» وحسانِه الشقراوات، فراح من الخاطر أنه في قلب الأمة العربية دولة تم تهجير أهلها إجلال الصهاينة اللقطاء فيها، وأن آخر معارك شعبها «الأمعاء الخاوية» لأسرى ضجّ بهم الإعلام، وتجاهلها المجتمعون، لكن هؤلاء الأسرى انتصروا أخيراً على الجلاد الإسرائيلي.
«العزم يجمعهم لمحاربة الإرهاب» –على حدِّ زعمهم- وكان الرد الذي يليق من موقع (مون أوف ألاباما) الأمريكي، إذ قال:
«إذا كان بنو سعود يريدون حقاً مكافحة الإرهاب، فحريٌّ بهم الانتحار، وهو الشيء الوحيد الذي يحل المشكلة».