الحقيقة بعينها هي ما بينته الصحافة البريطانية لشعبها، حول دور سياسة لندن الخارجية ودعمها للإرهاب وللحروب في سورية والمنطقة، هي الحقيقة التي نعرفها نحن في سورية والتي حذرت من تداعياتها دمشق،
فالإرهاب لا يمكن أن ينفصل فهو حلقات منفصلة متصلة عبر الذئاب المنفردة الجاهزة لأداء الدور الإجرامي الموكل لها، وبإيقاف دعم حروب الإرهاب في المنطقة ومكافحته فإن الأمر سينعكس إيجابا على الجميع.
فعلى لسان الكاتبة فيونا دي قالت صحيفة الاندبندنت: إذا أردنا أن نأخذ الإرهاب على محمل الجد، وإذا أردنا أن نكافحه بشكل فعال يجب علينا أن نعلم أن تشخيص جيريمي كوربين رئيس حزب العمال البريطاني بشأن الحروب التي شنتها بريطانيا في الخارج كان صحیحا.
وأوضحت أنه وبحسب وجهة نظر كوربين بالنسبة لنا يجب معالجة أسباب الإرهاب من أجل مواجهته، فربما كان متوقعا أنه سيتم تبرير الإرهاب من خلال توجیه الانتقادات الانتهازية، لكوربين ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن عقودا من البحث تشير إلى أن كلام كوربين صحيح تماما.
وأكدت أن أسباب الإرهاب معقدة، وتختلف اختلافا كبيرا من حالة إلى أخرى، ومع ذلك، هذا لا يعني أننا لا نستطيع تحديد الإرهاب وأسبابه، فمنذ أكثر من 30 عاما جادل العالم السياسي الشهير مارثا كرينشو بأن هناك شروطا أساسية للإرهاب، ومسببات للأعمال الإرهابية، والتي تتعلق بشروط مسبقة لما يمكن أن نسميه الأسباب الجذرية وهي: العوامل على المدى الطويل والتي مهدت الطريق للإرهاب، والتي ترتبط بمسببات لحدث معين، والعوامل التي يمكن أن يقال عنها بأنها محفزات للإرهاب وهذه كلها شروط مسبقة ومسببات قد تختلف (في الطبيعة، والأثر، والمدى) من حالة إلى أخرى، لكن في الحقيقة إن الإرهاب مع مجموعة متنوعة من الأسباب، قد یختلف من حالة إلى أخرى، وبالتأكيد هذا كله يجعل مكافحة الإرهاب أمراً صعباً، فنحن لا يمكن أن نعالج كل شخص عرضة للتطرف كما لو كان هؤلاء الأشخاص هم نفسهم، فبعضهم يعاني من الكراهية أو الفقر أو الجهل أو الاغتراب.
وبينت أنه بدلا من ذلك علينا أن نتناول قانون مكافحة الإرهاب والسياسة على أساس البحث والأدلة والخبرة، وجعل تلك السياسات والقوانين فعالة، وعلينا أن نكون على استعداد لتقييمها ولتغيير المسار إذا اتضح أنها لا تعمل أو تكون عكسية في بعض الطرق غير المتوقعة، ومع ذلك، كرد فعل على تصريحات كوربين، لا يمكننا أن ننكر أنه بات من الضروري أن نأخذ الإرهاب على محمل الجد، إذا أردنا مكافحته، ففي معظم مجالات السياسات الأخرى، نتوقع أن الحكومة البريطانية تعمل على أساس الأدلة لتوقع النتائج المحتملة ولتحقيق أفضل القوانين والسياسات التي يمكن على أساسها تقييم تلك القوانين والسياسات بعد مرور بعض الوقت، وتغييرها إذا لم تكن عملية في مجال مكافحة الإرهاب، ومع ذلك، ينظر إلى هذا على أنه ضعف بدلا من التعقل.
ووفقا لها فإن الكثير من التوجهات في بريطانيا التي تتبع معالجة أسباب الإرهاب في الداخل أثبتت مصداقيتها حاليا.
وانتقدت الكاتبة السياسة البريطانية في مكافحة الإرهاب وقالت: إن النهج الذي يتبع في بريطانيا لمكافحة الإرهاب هو تدريجي ومجزأ، حيث يتم فحص الموارد في مؤسسات الدولة الرئيسية مثل التعليم، والرعاية الصحية، والشرطة، وزيادة المراقبة، لكن السبب الرئيس في الواقع هو الانخراط في العمل العسكري في الخارج، وخصخصة الأمن في الداخل، في حين لا يمكننا إلا وأن نؤكد أنه يوجد علاقة سببية قوية بين السياسة الخارجية والإرهاب في بريطانيا.
وكان كوربين قال: إن الهجمات الإرهابية مثل تفجير مانشستر الإرهابي في بريطاينا هی بسبب الحروب الخارجية البريطانية، كاشفا عن وجود علاقة بين الحروب التي تدعمها الحكومة البريطانية والذين يقاتلون في بلدان أخرى وهو السبب لانتشار الإرهاب هنا في الداخل البريطاني، وقال: يجب أن نكون أقوياء بما يكفي للاعتراف، بأن الحرب على الإرهاب التي تشنها بريطانيا هي ببساطة لا تنفع، فنحن بحاجة إلى وسيلة أكثر عملية للحد من التهديد من الدول التي ترعى الإرهابيين وتولد الإرهاب.