كشفت صحيفة واشنطن بوست الاميركية عن وجود عالم من التنظيمات السرية المتشددة تحت غطاء الجمعيات الخيرية في الولايات المتحدة التي تدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتسهم في صعود نجمه.
وجاء في تحقيق أعده الصحفيان روبرت او هارو وشاون بوبور ونشرته الصحيفة أن حفلا جرى في تشرين الثاني من عام 2014 في منتجع بالم بيتش الأميركي وكان يضم مجموعة من الناشطين المحافظين من اليمين المتشدد ومن العاملين في جمعيات خيرية غير معروفة كانت بمثابة نبوءة تنذر بانتقال هؤلاء الاشخاص وآرائهم من هامش الحركة المحافظة في الولايات المتحدة إلى قلب الإدارة الاميركية فيما بعد.
ولفت التحقيق إلى أن منظم هذا الحفل كان الناشط اليهودي المعروف ديفيد هورويتز الذي يعتبر الأب الروحي الفكري لليمين المتشدد في الولايات المتحدة وصاحب مركز “فريدوم سنتر” الذي وضع نصب عينيه ومنذ تأسيسه عام 1988 هدف إنشاء جيل ممن وصفهم ” بالمحاربين السياسيين” الذين يسعون إلى قلب المؤسسات الحاكمة في واشنطن ومن بين هؤلاء الذين خرجهم هذا المركز شخصيات بات لها نفوذها الكبير وتأثيرها الضخم في إدارة ترامب كستيفن بانون كبير المستشارين بالبيت الأبيض.
ولفت معدا التحقيق إلى أنه وقبل وقت طويل من تعهد ترامب ببناء جدار حدودي مع المكسيك وإصداره قوانين تحظر دخول المسلمين والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ كان هورويتز يدعو ويدعم هذه السياسات ضد المهاجرين غير الشرعيين بل وصل الأمر به الى وصف هيلاري كلينتون منافسة ترامب الديمقراطية على كرسي الرئاسة بالشريرة واتهام الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بأنه شيوعي في السر وأن حزبه الديمقراطي ليس إلا واجهة لأعداء الولايات المتحدة.
وأشار التحقيق إلى أن مركز فريدوم سنتر يعرف عن نفسه بأنه مدرسة مختصة بالحروب السياسية وهو جزء من شبكة واسعة من الجمعيات الخيرية التي تحمل نفس الافكار وترتبط بنفس الإيديولوجية والمسؤوليات والمواقع الالكترونية وتتمتع بتمويل من المحافظين.
وأشار الصحفيان إلى أن قصة هورويتز تظهر بوضوح كيف أصبحت الجمعيات الخيرية ركنا أساسيا في الحملات السياسية الحديثة في الولايات المتحدة وذلك وسط التراخي في ردع هذه الكيانات ومنعها من المشاركة في الحياة السياسية العامة.
وكان الكونغرس أعد قانونا خاصا لتحديد وتنظيم هذه المنظمات يعرف باسم /501 ج/ ورغم أن القانون يعطي هذا النوع من الجمعيات الحرية الواسعة في ممارسة انشطتها الخيرية إلا أنه يحظر عليها المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في أي حملات سياسية كما يمنعها من دعم اي مرشح لتولي منصب انتخابي.
ورغم تعهد هورويتز بأن مركزه لن يعزز أي برنامج أو حملات سياسية عند تأسيسه في 1988 إلا أنه وبعد 20 عاما أصدر المركز كتيبا زعم فيه أنه ” يهدف إلى مواجهة اليسار وكل الأعمال المعادية للولايات المتحد..وأنه يمارس السياسة بشكل ما”.
وبعد هجمات أيلول 2001 بدأ هورويتز ومركزه يهجمان على الليبرالية ويرفضان قيم التسامح مع الإسلام والمهاجرين غير الشرعيين وهو نفس النهج الذي تبناه ترامب بعد ذلك بأكثر من 15 عاما وقد تلقى مركز فريدوم سينتر على مدار أعوام طويلة الدعم بالملايين من اليمين المحافظ وفي المقابل كان الرجل ومركزه يبثان الكراهية ضد اليسار والحزب الديمقراطي ويتهمانه بإعلان الحرب على أميركا ونظامها الدستوري واستعداده للتعاون مع أعدائها الخارجيين.
وأشارت واشنطن بوست الى ان هورويتز لعب دورا في الحملة الانتخابية الرئاسية الاخيرة وفتح نار انتقاداته في كل مرحلة من مراحل الانتخابات ليس فقط على منافسة ترامب هيلاري كلينتون وانما كذلك على الجمهوريين الذين بدؤءوا بالترويج لانفسهم في الحملة وليس لترامب وفي ايار من العام الماضي ولدى اتضاح فوز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري له كممثل عنه في الانتخابات ندد هورويتز بكل من عارض ترشيحه من الجمهوريين واصفا اياهم بالمتنكرين للمبادئ.
وخلال حفل أحياه مركز هورويتز في ال 14 من كانون الأول الماضي أعرب الأخير في شريط مصور عن سعادته بفوز ترامب وقال ان الجمهوريين استيقظوا أخيرا.