خلال اجتماعه بالهيئة المركزية للرقابة والتفتيش خميس: إن أحسنَتْ عملها أزهرتْ وإن أساءت دمّرتْ.. توجيه رئاسي يمنع أي تدخل في العاملين بالهيئة من قريب أو بعيد

????????????????????????????????????

للمرة الرابعة وفي أقل من 20 دقيقة أعاد رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس تأكيد أهمية الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش ودورها في مكافحة الفساد، موضحاً أنه ليس هنالك ألم أشد على المواطن من تقصيرها كمؤسسة رقابية، فأي مؤسسة يمكن أن تحتمل اللون الرمادي في عملها إلا الهيئة، إن أحسنت عملَها أزهرتْ وإن أساءت دمّرتْ.
جاء ذلك خلال زيارته لمبنى الهيئة واجتماعه صباحاً مع المعنيين هناك من مديرين ومعاونين ومفتشين.
بحميمية واضحة، تحدث المهندس خميس مؤكداً معرفته بالعديد من الحاضرين في الاجتماع، فقد كان على تماس معهم لأكثر من 25 عاماً، مؤكداً نيته القديمة في عقد هذا اللقاء لكن التغيرات والتذبذبات المرافقة لعمل الهيئة سببت بعض التأخير، قائلاً : قدمت لأتكلم بعناوين شفافة، نريد أن تعود الهيئة نقطة مضيئة في سورية فلا يوجد لدى الحكومة أولويات ورؤى أهم من تطوير عمل المؤسسات الحكومية وبالأخص الهيئة التي لا شبيه لها في الأهمية بكل مؤسسات الدولة، هذه الأهمية التي لا أحددها بوصفي رئيس حكومة وإنما ما وصلنا إليه من نتائج عملها سواء بشكل إيجابي أو سلبي، مشيراً إلى أن بعض المؤسسات بحاجة إلى إعادة النظر في منهجيتها.
ولم يتوان المهندس خميس للحظة عن توصيفه لبعض الانحراف في عمل الهيئة، قائلاً: هنالك خلل وانتقائية في عمل الهيئة فهناك بعض الملفات التي تنجز خلال أيام، بالمقابل هنالك ملفات لا تزال معلقة منذ عشرات السنين، والجميع يعلم السبب الذي لا يليق ذكره بهذا الاجتماع، لذا يجب ضبط آلية عمل الهيئة فموظف واحد يمكن أن يسيء لسمعة كامل العاملين فيها، إضافة لإعداد مصفوفة بكامل القضايا الموجودة في الهيئة مصنفة حسب العام تتضمن اسم المفتش الذي يحقق بها والقضية والأسباب، ترسل نسخة منها إلى رئاسة مجلس الوزراء كل يوم بيومه، مؤكداً أن الحكومة لن تترك أي قضية إلا وستعالجها ولن تترك الأمور انتقائية كما كانت سابقاً فقد تم تخصيص الأمين العام في رئاسة الحكومة لمتابعة كامل عمل الهيئة والملفات المنجزة فيها، وهناك مكتب متابعة فيه 17 شخصاً عملهم خاص بتلك المهمة، مضيفاً: البعض سيقول إنني أريد أن أعمل «أفلاطونية»، لكن ما أريد إيصاله هو أن ثغرة ما في عمل الهيئة يمكن أن تنقذ مسيئاً أو تسيء لبريء.
عدة عناوين تناولها رئيس الحكومة بشفافية مطلقة بما يخص تطبيق مشروع الإصلاح الإداري على عمل الهيئة، أوّلها مبدأ تكافؤ الفرص والابتعاد عن الشللية والمحسوبية في التعيين، معبراً عن ذلك بقوله: «كفانا هذا المرض المؤلم» فيجب توزيع المهام، ثانياً مكافحة الخلل الإداري والفساد، مؤكداً أن من يصف بلدنا بالفساد قاصر لأنه لو كان كذلك لسقطت جميع المؤسسات الحكومية ولما حققنا ما حققناه من انتصار، مضيفاً: هنالك نقاط خلل إداري وثغرات وشوائب يجب مكافحتها سواء في التنمية البشرية للمكونات الإدارية أو الهيكلة الإدارية أو السلوك، مؤكداً ضرورة إعادة الهيكلة الإدارية وترتيب الهيئة بالاعتماد على مبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بعيداً عن أي رؤى ومعطيات أخرى، إضافة لتقييم مواصفات ومؤشرات القائمين على الهيئة سواء معاونين ورؤساء مجموعات ومفتشين ومديري فروع والاستخدام الأمثل للوقت وإعادة توزيع الكوادر البشرية ووضع خطة تدريب لجميع العاملين بعد اختيارهم بناء على كفاءتهم ونزاهتهم، قائلاً: التدريب الشريان الأساسي لبناء أي مؤسسة صحيحة، وخطة التدريب يجب أن تكون شاملة وأنا عندما كنت وزيراً للكهرباء كنت أدرّس معاونيّ على اللوح ونحن اليوم في مجلس الوزراء نتعلم من بعضنا.
وأشار خميس إلى أن إطلاق المشروع الوطني للإصلاح الإداري من السيد الرئيس بشار الأسد في هذا التوقيت إنما هو رسالة للعالم أجمع على قوة الدولة السورية، فهو السفينة الآمنة بالمطلق لضمان سورية وعمل مؤسساتها وإعادتها إلى ألقها من جديد، لذا تعمل الحكومة عليه إضافة إلى أنه يحتاج إلى جهد كل المؤسسات ووجود أناس استثنائيين في كل شيء لأنه المشروع الوحيد المقدر له النجاح نظراً لأهميته في بناء سورية.
ورأى رئيس الحكومة أن مواطن الخلل والثغرات في بعض مفاصل العمل بفترة من الفترات قبل الأزمة كانت أحد الأنفاق التي استطاع أعداء الوطن الدخول عبرها لتدمير سورية بعد معرفتهم مكامنها ودراستها إضافة لتجييش 800 وسيلة إعلامية وتخصيص عشرات مليارات الدولارات لـ«إسقاط» الدولة السورية، مشيراً إلى أنه لن يكتب المؤرخون حرباً تشبه هذه الحرب المعلنة على سورية سواء من حيث الآلية المستخدمة والأدوات والثقافة والإيديولوجية والنوعية في استخدام عقل الإنسان وضعاف النفوس والمرتزقة لتدمير البلد، وعلّل تطرقه في حديثه لذلك بقوله: لأول مرة أتكلم بهذا الخطاب أمام المؤسسات الحكومية لكن إيماني بدور هذه المؤسسة وثقتي بأن من يجلس أمامي من معاونين ومديرين ومفتشين عاملين في الهيئة لا يتمتعون فقط بخبرة في العمل التفتيشي وإنما برؤى سياسية متميزة هو ما دفعني للتذكير بالحرب القميئة التي حيكت بخبث ضد الدولة، متسائلاً: هل المطلوب بعد 7 سنوات من الحرب أن نبقى أناساً عاديين نعيش على الفطرة؟ أم المفروض الصمود وتعزيز مابنيناه على مدى 40 عاماً ماضية وما بذل من ضحايا وبنى تحتية؟، مشيراً إلى أن ما وصلت إليه سورية خلال الـ40 سنة الماضية من مؤشرات لم تستطع أي دولة بالمكونات نفسها الوصول إليه، ففي عام 2005 كانت سورية في المرتبة الرابعة في التنمية الاجتماعية حسب تقرير الأمم المتحدة، وهذا نتاج لاستقرار سياسي وعسكري وثقافي وتعليمي مبذول بجهود كبيرة من كل أبناء الوطن.
رئيسة الهيئة الدكتورة آمنة الشماط لخصت بعض المعوقات التي لمستها خلال الفترة القليلة من تسلمها المنصب والتي برأيها تمنع الكادر التفتيشي من ممارسة مهامه، والمتمثلة في ضعف التجهيزات وقدمها كآلات التصوير والفاكس والحواسيب وقلة عدد العمال الإداريين وعجز في الآليات التي تعد عصب الهيئة ومنها باصات نقل العاملين وحرمان الهيئة من كوادرها وهو ما يحتّم رفع سن التقاعد إلى 70 عاماً، إضافة لعدم وجود حوافز وتعويضات، الأمر الذي يسبّب إحباطاً لدى العاملين، وهنا عقّب رئيس الحكومة: ما نستطيع إعطاءه هو إنسان نزيه بأن نحاسب الفاسدين وننمّي خبرات المفتشين كي تصبح الهيئة نقية كنقاء سورية.
وشدّدت الشماط على تفعيل دور مديرية المتابعة وتأهيل الكوادر عبر وضع منهجية تدريبية، إضافة لسرعة الإنجاز واقتراح وضع آلية لمنح المفتشين مكافآت تتناسب مع أداء عملهم، ووجود مجلس استشاري وإيلاء أهمية للاعتراضات ودراستها ما يمنع المفتش من التمسك برأيه، مؤكدة قيام الهيئة حالياً بتنظيم جداول بجميع الملفات القديمة وسيتم فرزها بناء على الأهم فالمهم فهناك بعض الملفات التي من الممكن أن تجلب أموالاً للدولة في حال البتّ بأمرها.
شفافية وزير المالية مأمون حمدان حينما تحدث عن رؤيته لتقارير تفتيشية ملقاة على الأرض تتقاذفها أرجل المارة أثناء زيارته لإحدى الجهات العامة، بلورت الصورة الذهنية المرسومة عن التقارير التفتيشية التي لا تقرأ ولا تولى أي اهتمام من البعض، وهذا برأيه أمر غير طبيعي وخطر ويجب المتابعة لكل التقارير الصادرة، وأضاف: أقترح عقد اجتماع الهيئة مع الوزارات الأخرى والعاملين، فهذا يعطي صورة أوضح عن عمل الهيئة، فأنا ضد أن تكون غامضة، مؤكداً على ضرورة توفر العامل الشخصي والسمعة الحسنة لدى أي مفتش كما تطرّق إلى موضوع الأتمتة وضرورة التدريب عليه لما له من دور مهم.
تنوعت شكاوى الحاضرين والصعوبات التي تعترض عملهم، مؤكدين أن فاقد الشيء لا يعطيه، فإذا ما كان المفتشون محرومين من الاحترام والحوافز فكيف لهم أن يقوموا بممارسة عملهم بشكل جيد وتمنى أحدهم لو يحظى المفتشون بميزات خاصة كنواد أو قروض من دون فائدة، وهنا ردّ رئيس الحكومة بأن: ضعوا نظام الحوافز الذي تريدونه فأنا موافق عليه مسبقاً ولكن إذا كان الإنسان مهزوزاً من الداخل لن تفيده الحوافز مهما كانت قيمتها.
ومنهم من اتهم وزارة العدل بعدم إيلائها للتقارير التفتيشية أهمية، وهنا ردّ وزير العدل بأن العديد من الأضابير تحال إلى الوزارة وينظر في أمرها حسب ماتكون مدعّمة به من وثائق وحقائق مثبتة، مشيراً إلى أنه لا يتم إحضار المفتش إلى المحكمة إلا في حال امتنع الشاهد عن الحضور لأكثر من مرة، وهذا ليس المراد منه الإساءة وإنما المتابعة للملفات بغية الانتهاء منها.
وبعضهم من انتقد استجلاب دكاترة جامعيين لتدريب المفتشين، فبرأيه المفتش القديم الذي يتمتع بخبرة أقدر على تدريب المفتش الحديث من الدكتور الجامعي وهذا ما أزعج وزير المالية الذي درس في بعض الكليات، معقباً بقوله: إن الجامعات وجدت لتطوير العلم والعلوم. في حين أشار آخر إلى وجود عدد كبير من المفتشين ورؤساء الأقسام الذين تم إقصاؤهم من عملهم من دون معرفة السبب على الرغم من تمتعهم بخبرة عالية، متسائلاً: ماالمعايير التي يعتمدها المجلس الأعلى للهيئة في تقييم المفتشين؟ وهنا أكد رئيس الحكومة أن صناعة الإنسان أهم شيء وطالب بضرورة وضع مؤشرات حقيقية لأعضاء المجلس تقيّم أداء القائمين بناء على معطيات منها «النزاهة وعدد القضايا المحققة والمهنية» يتم اعتمادها وإرسالها إلى رئاسة الحكومة، مشيراً إلى أن هنالك العديد من الأسماء التي وردت إليه بالإبعاد والتسريح سوف تتم إعادة تقييمها ومراجعتها من جديد،
بينما أجمع العديد من المفتشين الحاضرين على تعرضهم للضغط بطرق مختلفة أثناء قيامهم بالتحقيق في بعض ملفات الفساد، وهنا نقل رئيس الحكومة توجيه السيد الرئيس بشار الأسد إلى جميع الحاضرين، طالباً منهم نقله إلى 1200 عامل في الهيئة بأنه يمنع لأي أحد التدخل في العاملين بالهيئة سواء من قريب أو بعيد، قائلاً: اعملوا بحيادية مطلقة ولا تكترثوا لأي ضغوط تملى عليكم.
الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء قيس خضر لفت إلى أهمية تطوير عمل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لجهة التدريب والتأهيل والأتمتة ولاسيما أنها تحظى بكل عناية ورعاية من رئاسة مجلس الوزراء نظراً لدورها الكبير وخاصة في ظل معطيات وظروف المرحلة الحالية التي تعيشها سورية.
من جهته أوضح رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية مازن يوسف أن الهيئة والجهاز توءمان في العمل الرقابي على الجهات العامة، مشيراً إلى أهمية التعاون والتنسيق بين مختلف الأجهزة الرقابية لتحقيق توجهات الحكومة واستعادة النشاط الاقتصادي.

اخبار الاتحاد