تقوم السعودية بالاستعداد لإنفاق ملايين الدولارات مجدداً لتدريب وتسليح آلاف الإرهابيين المقاتلين لكي يشكلوا قوة جديدة تساعد في فرض شيء من توازن القوى وتدعم المنظمات «الجهادية» التيتقاتل في سورية، وفق ما جاء في تقرير نشرته صحيفة «الغارديان».
وتشير المصادر العربية والغربية إلى أن الجهود السعودية تتركز على ما يسمى «جيش الإسلام» الذي تم تشكيله في شهر أيلول الماضي باتحاد ما يقارب 43 مجموعة إرهابية تقاتل في سورية، ويوصف هذا التنظيم بأنه لاعب جديد ومهم في تشكيلة المجموعات الإرهابية المشتتة.
إن هذا التنظيم يستثنى منه ما يسمى «دولة الإسلام في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، لكنه يحتضن الكثير من المجموعات السلفية و«الجهادية» المتطرفة، وسوف يتم تدريب ما يسمى «جيش الإسلام» بمساعدة باكستانية، ويقدر مجموع قواه بـ 50000 مقاتل، لكن حذر دبلوماسيون وخبراء من شكوك جدية بشأن فرص نجاحهم إضافة إلى مخاوف من نكسة المتطرفين بعودتهم من سورية.
أما بالنسبة لرئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان فهو يواصل الضغط على الولايات المتحدة لسحب اعتراضاتها من أجل إعادة تزويد المجموعات المتطرفة في سورية بمضادات طائرات وصواريخ مضادة للدبابات كما يجري حث الأردن للسماح باستخدام أراضيه لإمداد ما يسمى «جيش الإسلام» في سورية.
وقد دعت السعودية الغرب مراراً وبشكل علني لتسليح الإرهابيين في سورية وحاولت لعب دور أكثر تأثيراً ضد الاتفاق الروسي- الأميركي في أيلول الماضي بشأن السلاح الكيماوي. ويوضح المقال أن «جيش الإسلام» يقوده سلفي كان يقود أصلاً ما يسمى «لواء الإسلام» الذي يعد إحدى المجموعات الإرهابية المقاتلة في ريف دمشق. وعقد مؤخراً اجتماعاً مع بندر إضافة إلى مجموعة رجال أعمال سعوديين يمولون الإرهابيين تحت راية ما يسمى «جيش الإسلام». وقد ضمت اجتماعات تنسيقية سرية أخرى في تركيا، وزير الخارجية القطري، خالد العطية، والسفير الأميركي السابق في سورية روبيرت فورد.
إضافة إلى ذلك قال ضابط غربي كبير: «إنه من المبكر أن نلمس التحرك السعودي هذا على الأرض»، «وإن هذا التغيير في تشكيلات المجموعات المتطرفة، ما هو إلا خطوة سياسية من أجل خلق بنى قيادية إسعافية جديدة، وكسب اللعبة الأخيرة والضيقة للغاية، وفوق كل هذا لاقتسام الموارد».
ويتابع المقال: إن السعوديين يلعبون على المخاوف الغربية. كما يؤكد (إيميل هوكيم) من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن السعوديين يعلنون لكل من لا يريد الانضمام للقتال ضد السوريين أنهم سيواجهون مشكلة أكبر، وهذا يعني دعم «الجهاد» والإرهاب في محاولة لتطوير الحلفاء والوكلاء في عملية القتال.
لقد ازداد الإصرار السعودي مع عدم الرضا تجاه السياسة الأميركية في المنطقة ولاسيما بشأن سورية وإيران.
وسبق كل هذا، رفض السعودية خطابها السنوي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن رفضت مقعدها في مجلس الأمن، وكله احتجاجاً على السياسة الأميركية «المتهاونة»- حسب تعبيرهم- تجاه سورية. إن السعوديين مثل الإسرائيليين يخشون من صفقة كبرى تترك إيران قوة إقليمية عظمى.
بدوره عبر مصطفى العاني المحلل في مركز البحوث الخليجي عن خشيته من تعاظم قوة تنظيم القاعدة، ما لم يتم دعم «قوة معتدلة» -حسب تعبيره- إذ سوف تكون لها آثار سلبية على المملكة، كما تعطي مسوغاً للسياسة الأميركية لعدم نصرتها. كما احتج خبراء غربيون وإقليميون من اعتماد السعودية على التمويل العسكري للحفاظ على نفوذها الموهوم مركزة على الضغط العسكري من دون تطوير استراتيجية سياسية واضحة، والتركيز على تعزيز المجموعات ذات الطابع العرقي علناً. «فعلى السعودية أن تكون حذرة مما تختلقه في سورية» يقول يزيد صايغ محذراً- وفي تعليق سابق قال أيضاً: (إن جيش الإسلام قد يعود إلى مكة). كما يؤكد توماس بيريت- جامعة ادينبرك، أن الجهود المبذولة من المملكة تواجه بمشكلات التنسيق والقدرة، فالسعوديون يفتقرون المهارات التنظيمية والموارد البشرية، لهذا يعتمدون على المرتزقة والعسكرة الغربية. لهذا السبب، أشك في أنهم قادرون على توحيد كل المجموعات التابعة لهم، لكن «الائتلاف» سيتفكك والبعض سيجد نفسه في الحصول على المال أكثر من غيره.