أعتقد أن جميع الذين تابعوا المؤتمر الصحفي لوزيري الخارجية الروسي والأمريكي ومعهما المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي لمسوا أجواءً إيجابية حول ضرورة انعقاد مؤتمر «جنيف2» في موعده المحدد معتأكيد الوزيرين على وجود مجموعات إرهابية تهدد أمن سورية وأمن المنطقة وأمن العالم أجمع.
ومع أن التوصيف الروسي لهذا الإرهاب كان الأدق والأشمل عندما صنّف «الجبهة الإسلامية» المولودة من رحم «القاعدة» على أنها إرهابية ولا تختلف في ممارساتها عن «جبهة النصرة» و«داعش» إلا أنني شخصياً لا أستغرب موقف السيد كيري الذي اقتصر على ذكر «داعش» و«جبهة النصرة» فقط، لأن الإدارة الأمريكية باتت بين أمرين أحلاهما مر، الأمر الأول: أن تعترف بالحقيقة التي يجب أن تعترف بها، ألا وهي أن جميع من يحمل السلاح في وجه الدولة هو إرهابي ويتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بتنظيم «القاعدة»، وهذا يوجب عليها أن تعلن مواقف واضحة تؤكد ضرورة التصدي لجميع تلك المجموعات ومحاسبة الدول والجهات التي أوصلت تلك المجموعات الإرهابية إلى سورية وكشف المتورطين حتى في الإدارة الأمريكية وفي فرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية وقطر، وهذا ما وجده الوزير الأمريكي صعباً، أما الأمر الثاني فهو أن يصر الوزير الأمريكي على وجود معارضة مسلحة «معتدلة» وذلك لتسويغ ما قامت به تلك الأطراف المشاركة من عدوان على سورية وعلى المنطقة، ولحفظ ما تبقى من ماء وجه آل سعود المسفوح، والحفاظ على مظلة أمريكية ربما تحمي هؤلاء من اقتصاص الشعب السعودي وشعوب المنطقة ولو إلى حين.
إن إصرار الحكومة السورية على إنجاح مؤتمر «جنيف2» يتطلب من الإدارة الأمريكية اتخاذ موقف واضح تجاه جميع المجموعات الإرهابية بمختلف تسمياتها، بما في ذلك «الجبهة الإسلامية» التي أكدت بجرائمها ضد السكان الآمنين في عدرا العمالية أنها أشد تطرفاً وإجراماً من الفصائل التي ذكرها السيد كيري على أنها مجموعات إرهابية، وعندها يضمن العالم أجمع نجاح هذا المؤتمر، ذلك لأن روسيا وإيران والصين وغيرها من الدول واثقة بأن حل الأزمة في سورية يبدأ من القضاء على الإرهابيين، وما تبقى ما هو إلا مجرد تفاصيل يمكن حلها بالحوار الوطني السوري- السوري الذي ووفق ما أكدت الحكومة أنه سيشمل جميع القوى السياسية، ومن خلال ذلك الحوار المنفتح على الآخر يتم الوصول إلى مشاركة جميع القوى السياسية الفاعلة في بناء مستقبل سورية، ودون تهميش أو إقصاء لأحد.. أما أولئك الذين مازالوا يحلمون بتدخل عسكري أجنبي أو يراهنون على جرائم الإرهابيين فقد سقطت مراهناتهم، وعليهم التعامل بعقلانية مع الفهم المستجد لدول العالم لحل الأزمة في سورية، وإلا فإنهم سيسحقون تحت عجلات القطار الذي اقترب من السير على سكة الحل السياسي وبما يتوافق مع إرادة الشعب السوري بجميع أطيافه السياسية.