عندما تتصدى مراكز الأبحاث الغربية، بجدية وعمق، للكشف عن مسؤولية وصول الإرهابيين التكفيريين إلى سورية، وتالياً تسمية مَنْ يقف وراء تزويد هؤلاء التكفيريين الإرهابيين العرب والأجانب بالمال والسلاح
،فإنما يعني ذلك التوقف عند القدرة السورية التي استطاعت تعرية الواقع العربي، وكذبته الكبيرة في وهم «الربيع المنتظر»، ومن ثّم فضح الحرب الإرهابية الشرسة الممنهجة على سورية.
وقد بتنا نرى الغرب اليوم يسرع إلى تجنيد استخباراته، وهيئاته لمراقبة العائدين من القتال في سورية خوفاً من خطرهم الإرهابي، كما فعلت ألمانيا، معلنةً ذلك على لسان رئيس وكالة استخباراتها الداخلية جورج ماسين، وقد وضعت العشرات منهم تحت منظار المراقبة الدقيقة، وحذت أغلبية دول الغرب حذوها.
واستناداً إلى ذلك يُنظر إلى آلية التصعيد الحالية في سورية من منظار ميدان المعترك العسكري الذي يخوضه رجال الجيش العربي السوري بكل بسالة واقتدار، وكذلك من ازدياد المخاوف بعد فشل الحرب الإرهابية على سورية، بالنظر إلى الاهتزازات المرتدة التي أعرب بعض المراقبين عن مدى خطورتها على العالم الذي بات يخشى حركة ردّة إرهابية متنامية تجاهه، ما حدا بهم إلى إعلان الوقائع صراحةً والكشف عمن يقف خلفها، ويخطط لها منذ بدء الحرب على سورية، وإمعان الجهات الداعمة للإرهاب في زيادة دعمها وتمويلها له.
فما أعلنه منتدى النزاعات الذي أنشأه كروك الضابط السابق في جهاز الأمن الخارجي البريطاني يؤكد أن عائلة آل سعود هي التي عمدت إلى تسهيل تدفق المتطرفين لشنّ هجمات إرهابية في سورية، ودعمتهم تحت مسمّى «الجهاد»، وقد أخذت السعودية منذ ثلاثة أعوام على عاتقها مسؤولية تدمير الدولة السورية بتوجيه من الولايات المتحدة الأميركية.
إذاً، الرعاة الحصريون للإرهاب باتوا تحت المجهر الغربي، بما يحمل ذلك من تساؤلات عن التغييرات الجديدة التي بدأت تنقل الملفات من كتف إلى كتف، وآخرها إعلان الخارجية الأميركية عن تقاعد السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد، ومغادرته الوزارة مع أخذ زيارة أوباما المرتقبة إلى الرياض الشهر الجاري بعين المتفحص المتسائل: هل ستعرض أميركا، وسط هذه التقارير، ملف أدلة يثبت تورط آل سعود في أعمال إرهابية؟ وهل يمكن التنبؤ، في ضوء ما نشرته «الديلي تلغراف» البريطانية للكاتب روبرت أوبورن، بأن هناك مؤشرات على احتمال تصنيف السعودية بشكل رسمي من مجلس الأمن الدولي دولةً راعيةً للإرهاب العالمي؟ على الرغم من أن ذلك – في رأيه – يبدو ضرباً من الخيال، بعد كل ما كان قد قدمه السفير فورد، المنسّق الأميركي الرئيس للإرهابيين في سورية والراعي الأول لهم من خلال المفاوضات الدولية الأخيرة في إطار محادثات «جنيف2»، ولاسيما بعد اتضاح العلاقة الجذرية بين السعودية و«إسرائيل» والترتيبات المستقبلية القادمة.
ما يحدث على أرض الواقع في سورية من إرهاب، هو الخيال بعينه.. الخيال الذي صار واقعاً، وعلى أوباما الذي ألبس تمثال حريته «دشداشة التكفير» وحمّله «ساطور الإرهاب» أن يعرف ماهية الارتدادات الإرهابية في فعل الثالوث الذي تشكل أميركا أحد أضلاعه مع «إسرائيل» و«السعودية»، وهل يمكن أن تأتي زيارته في إطار الرؤية الخيالية للكاتب أوبورن، أم إنها تكريس لحالة الإرهاب والحلول «المبتكرة» له. والمتغيرات ستكون الفصل القادم في السيناريو ومشاهده الأخيرة؟