الـ “كورونا” والأمن البشري

د.سنان علي ديب:  2020/04/17

لم تعط جائحة الكورونا جديداً إلا أنها عرت المنظومة العالمية و اختلاف نظرتها تبعاً للبلد الذي ينتمى له الإنسان فمن منظور الإنسانية من المعيب أن يطفو مصطلح الأمن البشري على السطح في الوقت الحالي وإنما من المفترض ان يكون لب أي حضارة او تعاملات دولية او قيادة عالمية وهذا المصطلح الذي يعني الوعي المستمر لنقاط الضعف العالمية في حماية البشرية كجزء مهم من منظومة تهدف إلى تجاوز المخاوف الأمنية التقليدية بحيث يجب أن يكون التركيز الرئيسي للأمن على البشر بدلاً من الكيانات السياسية والدول مما يجعل هذا المفهوم متعدد التخصصات للأمن بحيث يغطي الكثير من المجالات، مثل العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية ودراسات حقوق الإنسان والتنمية بكافة ابعادها بحيث يتعدى الحروب ليصل للأمن الشخصي والمجتمعي والاقتصادي والبيئي والغذائي والصحي أيضاً فلا يعني التحصن بالجيوش والسلاح و العقيدة تحصين كامل للبلد وردع لقوى العدوان ولكن يجب توسيع هذا النموذج ليكن واجبا و ضرورياً للغاية في مجالات أخرى عديدة.

وفرضت العولمة على كل الدول استحالة عزل نفسها عن بقية العالم من خلال بناء الجدران والأسوار العالية. ولا بد أن تتأثر جميع الدول بالتطورات التي تجري في أجزاء أخرى من العالم وهو ما وجدناه من انعكاسات الحروب وموجات النازحين والمهجرين وكذلك برز عولمة التاثيرات والتي بدورها عرت و قوضت إنسانية العولمة و قزمت دورها و اثبتت إهمالها لاي أمن بشري عالمي وإنما مجهرها تفريقي بين دول الاستعباد و دول العبيد من منظورهم وكم من وباء قتل الملايين و من حروب ظالمة افاضت ظلما دماءا لم يكن لها غاية سوى النهب و السلب و التدمير و لم يتحرك الضمير المعولم وكم من سلوكيات وحشية وإرهاب مبطن بقرارات ظالمة لا تهمها الإنسانية ولا معانيها فرضت بالقوة والعربدة والسلاح وكم من معاهدة فرضت أو خرج منها من مبدأ الربح والخسارة ومنها معاهدة المناخ و معاهدات تحجيم التسلح وكم من نهج فرض مع انه لا يراعي الخصوصيات وكم من مرض صنع ليغتنى به من تسويق الدواء وآخرها الكورونا إن كان تطور طبيعي أم مصنع كشف المستور والوهم بضعف النظام الغالمي اتجاه هكذا وباءات وأنه حتى في قوة حصاده للبشر .لوحظ استهتار و تمنع ليحصد كبار السن لانهم بمنظورهم الإقتصادي اصبحوا مستهلكين.ومن خلال هذا الوباء برزت الصحة كواحدة من أحدث المجالات في مفهوم الأمن، لانها أمر حيوي أيضاً للبشر في جميع أنحاء العالم. وبإمكان الأمن الصحي توفير ولو الحد الأدنى من الحماية من الأمراض، أو تقليل ضرر الظروف غير الصحية على أقل احتمال. كما يمكن أن تنتشر المشكلات الصحية في أي جزء من العالم إلى الآخرين عن طريق العدوى وغيرها في فترة قصيرة جداً. بل يكاد يكون من المستحيل منع انتشار الأمراض الوبائية. وبالتالي فإن القضايا الصحية المحلية أو العالمية هي أمر لا بد من التعامل معه بشكل جماعي على مستوى جميع الحكومات. ويتعين على كل ولاية اتخاذ التدابير اللازمة لتقليل تأثير الأوبئة.

وبالتالي لمواجهة المشاكل الصحية المعولمة يجب القضاء على مشاكل جميع الأفراد العالم من الفاقة و الجوع والعوز، بعيدا عن الجنسية أو العرق أو الطبقة أو الدين. وهذا يعني توفير الاحتياجات والظروف الأساسية لحياة إنسانية، والتحرر من الخوف، وتوفير عالم آمن مسالم. بمعنى آخر، يجب على الحكومات اتباع سياسة خارجية لا تحدد احتياجات الدولة فحسب، بل وتلبي احتياجات الشعب أيضاً. وسوف تستمر الحكومات في مواجهة التهديدات الناشئة عن مختلف المجتمعات والبلدان، ما لم تتصدى لانعدام الأمن العالمي والفروقات التي تورث التفاوتات العالمية.

وهكذا وجدنا كيف أصبح فيروس كورونا الجديد مشكلة أمنية عالمية تتطلب التعاون والتنسيق. وصار لزاماً على الدول الغربية المتقدمة مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبيرة أخذ زمام المبادرة لإيجاد علاج لهذا المرض، لأن اتخاذ تدابير لبلدانهم وحدها أمر لا يخدم القضاء على الوباء و نتائجه عليهم وبالتالي يجب على منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، لعب الأدوار المناسبة لتنسيق الجهود القومية لدول العالم، والحد من آثار المرض، من خلال توفير حلول تقنية وفي ظل الحاجة لدور هذه المنظمة وجهودها نجد تخلي رئيس الولايات المتحدة عن تمويلها البالغ ٢٠ بالمائة من موازنتها بحجج عدم تمويلها من دافعي الضرائب.
وإن كان بهذه المنظمة عيوب فليس الآن وقت محاسبتها فهذا التوقيت معيب جدا و يظهر اللاإنسانية والتوحش العالمي و المصالح الضيقة لقادة العالم هؤلاء انفسهم الذين رفضوا رفع العقوبات الظالمة و الحصارات الارهابية ضد بلدان تبعد مئات آلاف الكيلو مترات عن بلدهم والذي ابتلي بالوباء و نقل المعارك لدواخلهم ليهتزوا سياسيا اكثر من اهتزازهم البشري و لينصب تفكيرهم كيفية استغلال الوباء العالمي للربح و النهب و الابتزاز و الاستمرار نحو نهج فردي متوحش يعبد المال بعدما حرف الأديان وشوهها وهي جيئت للأمن البشري و بعدما قضى على الإيديولوجيات والتي ازهرت الإنسانية عبر الامن الغذائي والإجتماعي والصحي والفكري و الثقافي وبعدما ارسى ادوات داعشية تابعة لهم لفرض نهج النهب المالي و زعزعة اي أمن إنساني و ضرب الأمن البشري.

اخبار الاتحاد