خلافات حادة داخل أروقة البيت الأبيض أشعلها تفشي فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة الأمريكية مع إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إنكار فشله في التعامل مع الفيروس ومحاولاته إسكات خبراء الصحة الذين يعارضون آراءه حول سبل مواجهة المرض والحد من انتشاره.تدخلات ترامب في عمل خبراء الصحة المختصين بمواجهة أزمة كورونا في الولايات المتحدة تطور مؤخراً من مرحلة الجدل وممارسة الضغوط عليهم إلى محاولة إسكاتهم حيث رفض البيت الأبيض مثول مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية أنطوني فاوتشي أمام الكونغرس للإدلاء بشهادته حول تعامل الإدارة الأمريكية مع جائحة كورونا كما تحرك لإقالة المفتش العام لوزارة الصحة الأمريكية كريستي غريم بعد تحذيرها من نقص المعدات الطبية والفحوص المتعلقة بالكشف عن الفيروس بحسب ما ذكرت العديد من وسائل الإعلام بما فيها الأمريكية ومنها صحيفتا الواشنطن بوست الأمريكية والغارديان البريطانية.البيت الأبيض حاول تبرير خطوته المتوقعة بمنع فاوتشي من الإدلاء بشهادته بزعم إن “إدلاء المسؤولين بشهاداتهم في وقت ينشغلون فيه بمحاربة الوباء سياتي بنتائج عكسية” إلا أن حدة الجدل بين فاوتشي وترامب الذي قلل من خطورة فيروس وكورونا واصطدام الإثنين في عدد من المناسبات أثارت مخاوف كثيرة من محاولة الرئيس الأمريكي إسكات الخبير وإقصائه عن عمله ولاسيما أن ترامب قام الشهر الماضي بإعادة نشر تغريدة لأحد مؤيديه تطالب بإقالة فاوتشي لكنه أنكر وجود نية مبيته لذلك.محاولات ترامب التغطية على فشل إدارته في التعامل مع كورونا لم تقتصر على منع فاوتشي من الحديث والكشف عن كواليس ما يجري في البيت الأبيض لمواجهة الجائحة العالمية بل تعدتها لمعاقبة غريم التي أحرجت الإدارة الأمريكية وكشفت تقصيرها الكبير في توفير المعدات الطبية والفحوصات اللازمة للكشف عن الفيروس في المشافي.السيناتور الديمقراطية باتي موراي ورداً على قرار إقالة غريم قالت في تصريح “جميعنا يعرف أن الرئيس لم يخبر الناس الحقيقة عن الفيروس أو عن تعامل إدارته معه وقد تحرك مؤخراً لإسكات مسؤول حكومي مستقل قام بذلك”.وفي هذه الأثناء ينشغل ترامب بمحاولاته إعادة فتح الاقتصاد الأمريكي وإرجاع الحياة إلى طبيعتها رغم عدد الوفيات المتزايد وقد رحب بتحرك زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونال لاستئناف جلسات المجلس رغم المخاطر المتعلقة بإمكانية الإصابة بفيروس كورونا وعدم وجود إمكانية لإجراء فحوص لأعضاء المجلس البالغ عددهم مئة.صحيفة واشنطن بوست كشفت في تقرير لها تفاصيل ما جرى في أروقة البيت الأبيض عند إعداد خلية أزمة لمواجهة فيروس كورونا في منتصف آذار الماضي مبينة أن ترامب منذ بداية تفشي الفيروس بين الأمريكيين واضطراره إلى إغلاق الأعمال كان واضحاً في محاولاته إعادة فتح أمريكا بأسرع وقت ممكن رغم التوقعات بوفاة ما بين مئة ألف إلى 240 ألف شخص.الصحيفة أوضحت أن البيت الأبيض تحرك لتحقيق رغبة ترامب بإعادة فتح الاقتصاد ودعم مساعيه هذه بالأرقام والبيانات فشكل فريقاً صغيراً بقيادة مستشاره الاقتصادي السابق كيفين هاسيت الذي قام بإعداد نموذج اقتصادي بحت للتعامل مع الفيروس دون النظر إلى التداعيات الصحية المرافقة.الصحيفة أشارت إلى أن تعامل الإدارة الأمريكية مع الفيروس استند إلى نموذج هاسيت الذي قلل من مخاطر الفيروس وإعداد الوفيات المحتملة من جهة وركز على التوقعات المتشائمة حول تداعيات إغلاق الأعمال وتدهور الاقتصاد الأمريكي الأمر الذي جعل ترامب يدفع أكثر في محاولاته إعادة فتح أمريكا بدلاً من التركيز على إدارة الأزمة الصحية التي عصفت بالأمريكيين.الصحيفة خلصت في تقريرها إلى أن تخبط ترامب وإدارته في التعامل مع فيروس كورونا وفشله الذريع بذلك يعزى لسبب واحد وهو أن اهتمامه منحصر فقط بمصالحه ومحاولاته الفوز بولاية رئاسية ثانية ولم يكن ذلك ليتحقق في حال تضرر الاقتصاد الأمريكي لذلك كانت تحركاته كلها منذ بداية آذار الماضي بما فيها إنكاره وجود الفيروس ومزاعمه حول اختفائه بشكل سحري وصولاً إلى اقتراحه علاجات خطيرة مثل المعقمات كلها كانت في سبيل تحقيق أهدافه وبقائه في البيت الأبيض .