“الأم بتلم” عبارة لم تأت من فراغ ولاتقتصر على أنها مجرد مقولة فلها في ذاكرة الشعوب روايات لاتنسى، وفي الضمير الإنساني أمثال لايمكن تجاوزها. هي عمود البيت وأساس المجتمع، هي الوطن الأول للبشرية والمعلم الأول لكسب المعرفة، والمتعهد الأول للبناء، أمهاتنا جذوة عطاء ومعان للخير لا ينضب، عاطفة دافقة من الحب والحنان .
لم تكن حياتهن مفروشة بطيب العيش والهناء ،ولامعبّدة بوسائل الترفيه والرفاهية، بل كان معظمهن يعشن حياة الشقاء والتعب داخل البيت وخارجه سواء أكانت الأم موظفة أوربة منزل .
لقد ذقن ويلات الأيام في زمن الاقطاع وزمن الاستغلال وزمن الحروب ورغم ذلك بددنا سواد جميع تلك الأيام والسنوات وخضن معركة الوجود بكلّ أشكالها .
فكثير من الأمهات كنٌ بمثابة وزارات بالمعنى المجازي للتعبير في الاقتصاد والتربية والتعليم وتدبير الشؤون للأسرة والعائلة والمجتمع، يتلمسن كلّ وجع وضائقة، يستشعرن الخطر من كلّ حدب وصوب ،يتأهبن لكلّ ماهو واقع ومجهول ،يحضرن العدة اللازمة لمواجهة ما خفي وظهر من التحديات .
هي المرأة والأم السورية التي شغلت كلّ المواقع كانت ومازالت في المقدّمة .
اختبرت كلّ الظروف وتأقلمت على معظمها رغم قساوة ما حدث من قهر وظلم وتهجير وفقدان السلام والأحبة، لكنّها لم تخسر سلامها الداخلي الذي حمى وطناً وعز شعباً .
هي الأم السورية ، الشهيدة ،المقاتلة ،الفلاحة،العاملة ،الطبيبة ،المهندسة ،القاضية ،المعلمة،الصحفية ،الفنانة ،هي كلّ خلية من خلايا المجتمع ،كما خلايا الجسم..
كلّ عام وأمهات سورية بألف خير ،والرحمة والمغفرة لمن غادرن الحياة إلى دنيا الحق وتركن بصمة لايمحى أثرها مهما اشتدت الرياح .
عين المجتمع – غصون سليمان