لم يعد الحديث عن الصحة العقلية للرئيس الأميركي جو بايدن مجرد تكهنات أو استنتاجات سببها تصرفاته غير الطبيعية في مؤتمراته الصحفية والتي كانت وراء بحث الكثير من المحللين والصحفيين عن أسباب هذه التصرفات والوضع الحقيقي لصحة بايدن.
أثارت قناة فوكس نيوز الأميركية زوبعة بحديثها عن الصحة العقلية للرئيس الأميركي ومعاناته من الناحية الإدراكية واتباعه “أوامر شخص ما، كونه” دمية في يد الديمقراطيين “.
من المعلوم أن الفاعلين الأساسيين في السياسة الأميركية على كل المستويات يقبعون في الخلف مما يسمى” الدولة العميقة “وهم يعكسون بشكل أو بآخر مصالح الشركات واللوبيات والخبراء ومروحة كاملة من المؤثرين على الساحة الأميركية خاصة والعالمية التي تدور في الفلك الأميركي عامة.
يتفق الكثير من صناع القرار الدولي أن الولايات المتحدة تأخذ العالم إلى مكان خطير بدعمها للنازيين الجدد في أوكرانيا وتحويلها القارة العجوز إلى مسرح للصراع بين روسيا الاتحادية وحلف شمال الأطلسي غير مكترثة بالمصالح الحيوية الروسية ولا بالآثار الكارثية الناجمة عن العقوبات الغربية الأميركية على شعوب الدول الأوروبية والعالم والتي من الممكن أن تؤدي إلى صراعات جديدة وتفكك دول وتحالفات قديمة وجديدة.
يتحدث المسؤولون الأميركيون عن ضرورة احتفاظ واشنطن بهيمنتها على العالم وأن عليها أن تفعل أي شيء وتستفيد من حلفائها وأدواتها من أجل ذلك وان مواجهتها غير المباشرة عبر حلف شمال الأطلسي مع روسيا على الساحة الأوكرانية والأوروبية تخدم هذه السياسية وهي مقدمة وتمهيد للمواجهة الأبعد مع الصين التي تعتبرها المنافس الأكبر لها على الساحة العالمية.
أبدى الأوروبيون ضعفاً غير مسبوق في مواجهة الضغوط والهيمنة الأميركية ووضعتهم إدارة بايدن في خضم حرب متعددة الجوانب عسكرية وسياسية واقتصادية وجيوسياسية وأصبحت الحكومات الحالية في الدول الأوروبية أمام خيارين أحلاهما مرّ، وهما الاستمرار بدعم النازيين الجدد في أوكرانيا، وإيجاد حلول للمشكلات التي أدت إليها عقوباتها على روسيا وخاصة في مجال الطاقة والتضخم واللاجئين وغير ذلك من التداعيات الناجمة عن المعركة المحتدمة بين الناتو وروسيا الاتحادية.
يتوقع المراقبون استناداً إلى المظاهرات المتزايدة في العديد من الدول الأوروبية على سياسات الحكومات الحالية أن أوروبا قادمة على تغييرات جوهرية في أنظمة الحكم وهناك تفكير جدي بين النخب السياسية حول جدوى البقاء في حلف شمال الأطلسي ما دامت الولايات المتحدة عاجزة في مسألة الطاقة التي تعتبر عصب الاقتصاد الأوروبي حيث تقوم العديد من الشركات بنقل أعمالها وأنشطتها إلى دول أخرى بسبب ارتفاع فاتورة الطاقة وعدم قدرة الحكومات على إيجاد بدائل للتوريدات الروسية في المدى المنظور.
في المقلب الآخر من الأطلسي لا تبدي إدارة بايدن الاهتمام إلا بمصير المعارك الدائرة في أوكرانيا وتمارس ضغوطاً كبيرة على الحكومات الأوروبية لتزويد النظام النازي في هذا البلد بالمزيد من الأسلحة وهو ما يضاعف مشكلاتهم الداخلية.
يتوجس الأوروبيون من توجه العديد من الشركات إلى الولايات المتحدة وخاصة في ظل إعلان المنظرين في الحزب الديمقراطي بضرورة استقطاب الشركات العالمية كجزء من المعركة للحفاظ على الهيمنة الأميركية ومن ذلك يمكن فهم ما ذكرته صحيفة التايمز البريطانية عما سمته الدور القذر لصناع القرار الاقتصادي في الولايات المتحدة المؤثرين على القرار في البيت الأبيض عير إحدى الشخصيات التي يستمع لها بايدن بإصغاء كامل وينفذ القرارات التي تقترحها دون الأخذ بمصالح الحلفاء المقربين جداً وبالتحديد بريطانيا.
ينصح خبراء أميركيون الرئيس الأميركي بضرورة النظر إلى التغيرات في المزاج العالمي الذي يميل إلى رفض الهيمنة الأميركية والعمل مع الحلفاء بروح الفريق وليس بصيغة الأوامر والضغوط محذرين من السياسة الديمقراطية التي أعماها جشع شركات السلاح العابرة للحدود ونهم الاقتصاديين الأميركيين لاستقطاب الشركات الأوروبية وان الاستمرار بهذه السياسة قدر يكرر ما حدث في بريطانيا على المستويين السياسي والاقتصادي.
إن محاولات إدارة بايدن للحفاظ على الهيمنة الأميركية أو تأخير فقدانها في المدى القريب تصطدم بجهود المنافسين الذين يحققون المكاسب وبات الحديث عن دخول العالم مرحلة جديدة قوامها تعدد الأقطاب محور نقاش واسع وهو الأمر الذي يؤكد أن الإدراك في البيت الأبيض يعاني من مشكلة ومن يستند عليه بايدن ليس بالضرورة أنه يدير اللعبة بشكل جيد واحد مؤشرات ذلك ارتفاع معدل تضخم إلى أرقام قياسية غير مسبوقة خلال الأربعين عاماً الماضية.