عمالة الأطفال انتشار متسارع في ظل محدودية الروادع . غادة فهد

 

عشرات بل مئات الحالات التي نصادفها في حياتنا اليومية لأطفال بأعمار متفاوتة يقومون بأعمال لا تناسب أجسادهم الصغيرة بظروف تنعدم فيها أدنى مقومات السلامة …

من بائعين جوالين إلى عتالين إلى ماسحي سيارات ع

 

لى الشارات المرورية إلى نباشي حاويات القمامة إلى صبية في المقاهي العامة إلى بائعي للقهوة واليانصيب …. ووفقا لما جاء في تعريف اليونيسف لعمالة الأطفال :

هي استغلال الأطفال في أي شكل من أشكال العمل وحرمانهم من طفولتهم وتعليمهم مما يؤثر تأثيراً سلبياً على صحتهم جسدياً أو عقلياً أو اجتماعياً أو معنوياً هي ظاهرة موجودة في كل دول العالم تتعدد أسبابها حسب طبيعة المجتمع الذي تنتشر فيه إلى :

الفقر-  تدني المستوى الثقافي والتعليمي للأسرة –        قلة عدد المدارس- نقص بمعرفة قوانين عمالة الأطفال – لعنصرية –        الاستعمار والحروب والأزمات التي تخلق العبء الاقتصادي – نقص البرامج الدولية لمحاربة الفقر . من كل ما سبق ذكره نجد أن السبب الأساسي وراء انتشار هذه الظاهرة في مجتمعنا هي الحرب وما خلفته من آثار سلبية على جميع فئات المجتمع ومكوناته إضافة إلى عدم صرامة القوانين وانعدام تطبيقها في الغالب .

مشاهدات

ينص قانون العمل السوري في المادة (113) بالمرسوم رقم (17) لعام 2010 على منع تشغيل الأحداث الذكور والإناث قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو إتمام سن الخامسة عشرة كما حظرت المادة (114) من القانون تشغيل الأحداث لأكثر من ست ساعات يومياً على أن تخللها ساعة راحة .

يوسف (13 عاماً ) : أعمل عتالاً في سوق الحريقة أقوم بنقل البضائع على العربة من المحل إلى المستودع وبالعكس مقابل أجر أسبوعي من صاحب العمل ( التاجر) 25 ألفاً  وهو مبلغ قليل بالنسبة للعناء والتعب ولكن الحمد لله أساعد به  أسرتي لسداد بعض الديون .

سعيد (12عاماً) :   أجمع العبوات البلاستيكية وصناديق الكرتون الفارغة المرمية في حاويات القمامة ، من الصباح الباكر إلى ساعات المساء لأحصل على (5000) ل.س .

منى (14 عاماً وأختها مريم 9 أعوام ) : أبيع علب المحارم والبسكويت للسيارات المتوقفة على شارات المرور أنا وأختي نبيع ما يقارب عشر علب محارم وعلبتين بسكويت يومياً أو ربما أكثر في حال بدلنا مواقعنا وتنقلنا أكثر بين السيارات وفي أحيان كثيرة يفضل سائقي السيارات إعطائنا النقود دون مقابل .

(15 عاماً ) : نشتري الخبز اليابس والبلاستيك والخردة أنا وابن عمي هو من  يقود الشاحنة ( السوزكي) وأنا أقوم بالوزن وإعطاء ثمنها للناس ووضعها في أكياس حسب نوعها في نهاية عملنا كل يوم يعطيني ابن عمي ما يقارب 7000 ل.س وأحياناً 9000 ل.س أنا سعيد بعملي لأنني أساعد عائلتي بالمصروف وخاصةً أن والدي عاجز ولا يستطيع العمل ولدينا مصاريف أدوية وغيرها .

الآثار السلبية لعمالة الأطفال :

–      تعرض الطفل للمضايقات والتحرش .

–      تعرض الطفل للتنمر من قبل الآخرين .

–      الرفض من قبل زملائه وأقاربه .

–      عدم تلقي الطفل لمعاملة حسنة .

–      حرمان الطفل من اللعب والتعلم .

–      تعرض الطفل لمخاطر جسدية في حال عمل الطفل بأعمال خطرة ( معامل – مناشر – حدادة – نبش القمامة ….. الخ ) .

هل من خطط وحلول تساهم في الحد من انتشارها ؟؟

ارتفعت نسبة عمالة الأطفال في سورية خلال أعوام الحرب بنحو 20 لـ 30 ضعفاً حسب التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة / اليونيسف / حيث بلغ عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر أكثر من 90 % من

إجمالي عدد السكان  وأشار التقرير أن كثيراً منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم ومن تلك الخيارات هو عمل الطفل ليعيل أسرته ويساعد في تدبير نفقاتها .

في ظل  الظروف الصعبة والمضنية التي يمر بها مجمعنا السوري بشكل عام من الصعب جداً بل من المستحيل أن نبدأ بوضع حلول لمشكلة عمالة الأطفال دون سواها من مشكلات وعقبات تهز المجتمع ولكن مع هذا كان لابد من العمل على إعداد دراسات أو البدء بوضع خطط لتطبيقها لاحقاً ، فمثلاً قامت الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بإعداد دراسة حول واقع عمل الأطفال في عدد من المناطق لتقييم تأثير الحرب الإرهابية على التسرب المدرسي .

في حين نجحت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال برنامج  مواجهة أسوأ أشكال عمل الأطفال المنفذ مع منظمة العمل الدولية بإعادة (650) طفلاً في ريف دمشق وحلب وحمص من بيئة عمل غير مناسبة إلى مقاعد الدراسة العام الماضي .

ما بين الأمس واليوم

مجتمعنا كباقي المجتمعات لا يخلو من مظاهر سلبية فنحن لا نتحدث عن مجتمع مثالي في الأمس وفي ظروف الحرب والحصار أصبح يشوبه العيوب والعلل . إننا نتحدث بواقعية مطلقة عن مجتمع تسارعت فيه تلك المظاهر بشكل مضطرد وبات وجودها يشكل عقبة في وجه تنميته وتطوره وهذا أمر طبيعي لبلد ينفض غبار الحرب عن كاهله في ظل حصار اقتصادي خانق ومع هذا لن نعطي لأنفسنا مبرراً للسكوت وغض النظر عن استشراء هذه المظاهر المسيئة بل هو في الحقيقة دافع للوقوف صفاً واحداً في وجه عمالة الأطفال وغيرها وأن نكثف العمل لإيجاد الحلول المناسبة للقضاء تدريجياً عليها أو على الأقل الحد منها .

في نهاية المطاف …

يد واحدة يستحيل عليها أن تصفق لوحدها لذلك دعونا نصفق معاً بكلتا يدينا ونرفع الصوت عالياً في وجه عمالة الأطفال ونبحث عن طرق لسد تلك الثغرة من خلال تكثيف الجهود الحكومية والأهلية والتنسيق البناء والهادف الذي يصب في مصلحة المجتمع ككل . كلنا مسؤول ومن المعيب توجيه اللوم على طرف دون آخر

فكلنا أمل بغدٍ واعد يتعافى فيه مجتمعنا وتندمل جراحه النازفة وتعود الابتسامة على وجوه أطفالنا من جديد .

اخبار الاتحاد