كتب أحمد حمادة تجهد الدعاية الإعلامية الأميركية هذه الأيام نفسها بالترويج لعهد جديد في أميركا يقلب فيه الرئيس الجديد دونالد ترامب المفاهيم والموازين والحسابات داخلها وخارجها، مع أنها الدعاية ذاتها التي تهاجمه وتقول إنه عنصري وأهوج وغيرها من الصفات التي تنفّر منه الشعب الأميركي قبل شعوب العالم،
فهل حقاً يختلف ترامب عن أوباما وعن سواه من الرؤساء الذين سبقوه في البيت الأبيض؟!.
الإجابة عن هذا السؤال الهام لا تحتاج إلى كثير عناء لفك طلاسمها، فالرؤساء في أميركا لا يختلفون في سياساتهم العامة تجاه قضايا العالم، لكنهم يختلفون بالاسم والشكل وربما لون العيون، فليس من المهم أن ينتمي الرئيس للحزب الجمهوري أو الديمقراطي بل المهم أن ينفذ مصالح شركات السلاح والنفط والمال الاحتكارية الجشعة ويحفظ الأمن الإسرائيلي.
وكمثال على ذلك ما صرح به الرئيس المنتخب ترامب على مدى الأشهر الأخيرة التي سبقت حملته الانتخابية ورافقتها، فهو لم يتوقف عن إطلاق التصريحات التي يؤكد فيها محاربته للإرهاب وتنظيماته المتطرفة كالقاعدة وداعش لكن ما إن اقترب موعد تسلمه مقاليد الأمور في البيت الأبيض حتى بتنا نرى ونسمع ذاك الخطاب الذي درج عليه كل الرؤساء الأميركيين.
فترامب هو الذي يؤكد على أن القدس المحتلة عاصمة أبدية مزعومة للكيان الإسرائيلي، وهو من يصرح بأنه سيزورها لترسيخ هذه القاعدة وهو الذي غضب من قرار مجلس الأمن لأنه أدان الاستيطان وغيرها من المواقف التي تؤكد على مرتكزات السياسة العدوانية الأميركية، والتي كان أوباما يصرح بها علناً.
من هذه البديهية التي نستخلصها من مواقف الرئيس الذاهب وخلفه القادم نستطيع أن نجزم أن الفوارق بينهما ضئيلة، وأن تضليل العالم بأن ترامب سيقلب الطاولة وسيغير من سياسات أميركا هي مجرد أوهام لأن أميركا تدعم الإرهاب، سواء كان ترامب في السلطة أم أوباما، وأن استخباراتها ساهمت بصناعة عشرات التنظيمات المتطرفة في المنطقة والعالم ونشرت الفوضى الهدامة في طول الأرض وعرضها، وفعلت كل ما بوسعها لإطالة أمد الأزمة في سورية لتحقيق غايات أبعد من محاربة الإرهاب وأقرب إلى أماني إسرائيل وأحلامها.
ثم لو قرأنا مغزى الخبر الذي سربته الصحافة الإسرائيلية منذ أيام عن دعوة ترامب لمتطرفي الاستيطان لحضور حفل تنصيبه لاكتشفنا كم يتماهى هذا الأخير مع أوباما وغيره ممن سبقوه من الرؤساء الأميركيين في محاباة اللوبي الصهيوني ومحاولة كسب رضا إسرائيل وودها، وكم تكشف دعوته هذه عن طابع التوجهات الأميركية القادمة في ظل إدارته.