أحمد ضوا :
لا تعكس التصريحات التركية حول إنهاء الحرب الإرهابية على الشعب السوري والموقف من سورية وإيران وروسيا أيّ تحوّل يصبّ في إيجاد حلّ سياسيّ يحقق تطلعات السوريين وليس مصالح الدّول التي دعمت التنظيمات الإرهابية في سورية،
وفي مقدمتها النظام التركي الإخواني، فهذه التصريحات متناقضة ويلفها الغموض وغير منسجمة إطلاقاً مع التوجهات الجادّة لإنهاء الحرب الإرهابية على سورية.
طبعاً ليس غريباً على الأنظمة الإخوانية مثل هذه التصرفات والشواهد التاريخية على تفصيل مواقفهم السياسية وفقاً لمقولة «كلام الليل يمحوه النهار» التي نطقت بها جارية لأحد الأمراء في الدولة العباسية، فالإخوان المسلمون منتج بريطاني بامتياز وذراع طويلة للاستخبارات الغربية وفي مقدمتها الـ «سي أي أي» لزرع الخراب والدمار في الدول المطلوب منهم استهدافها.
ومع اقتراب موعد اجتماع أستانا تتصاعد تصريحات مسؤولي النظام الإخواني في تركيا لدرجة أن ما قاله مسؤولٌ تركيٌّ أمس، يتحول بعد ساعاتٍ إلى كلامٍ مخالفٍ تماماً، حيث نفى مكتب نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك اليوم ما قاله أمس في جلسة حول سورية بمنتدى دافوس أكد فيها أن سورية وإيران وروسيا تمكنوا من تغيير الوضع في الميدان.
هذا التبدّل في المواقف التركية يعكس أمرين: الأول مماطلة النظام التركي في القيام بواجباته لوضع حدٍّ لتقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية وحماية حدوده، وبالتالي الشكّ بكلّ مواقفه حول صدقه في إيقاف نزيف دماء السوريين، وهذه الشكوك يعززها الكثير من الأدلة وأبرزها محاولته جمع التنظيمات الإرهابية في الشمال السوري تحت إمرته وتزويدها بالسلاح والإرهابيين المدربين بانتظار التوجهات الجديدة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أما الأمر الثاني فربما يعكس الخلافات المتزايدة التي تتحدث عنها وسائل الإعلام التركي داخل النظام الحاكم في تركيا جرّاء تسلط أردوغان والمقربين منه والصراع على النفوذ، إضافةً إلى حالة الانتقام الواسعة والحاقدة التي يمارسها أردوغان بحق شرائح واسعة من المجتمع التركي بعد الانقلاب الفاشل 15/16 تموز 2016.
لا شكّ أن كلا الأمرين يرجحان كفة عدم صدق النظام التركي في وعوده لإيران وروسيا حول دعم الحلّ السياسيّ في سورية، فالمقربون من أردوغان يجارونه في مواقفه العدائية وعدوانه على سورية، والساعون إلى مزيد من النفوذ أصبحوا أكثر تملقاً وتكراراً لتصريحاته .
من المؤكد أن النظام التركي لا يزال يتحرّك في دائرة دعم التنظيمات الإرهابية والعدوان على سورية والعراق وعينه لا تغيب عن الإدارة الأمريكية وتصريحاتها، وخاصة الرئيس ترامب الذي إذا ما صدق في قوله «سنجمع العالم لهزيمة الإرهاب» خلال تنصيبه فإن ذلك سيغير من موقف النظام التركي ويدفع النخب التركية إلى مزيدٍ من الصراع على السلطة، وعندها ستكون تركيا مضطرة للانشغال بنفسها.
أمّا حديث أردوغان عن استقرار نظامه وقدرته على مواجهة الإرهاب المرتد فهو مجافٍ للواقع، والحقيقة أن تركيا كدولة تواجه مشاكل داخلية جمّة، منها ارتداد الارهاب وانفجار الوضع فيها سياسياً وأمنياً نتيجة الاحتقان الذي تعيشه شرائح سياسية ومجتمعية عانت من القمع والتهميش والعزل خارج وداخل مؤسسات الدولة وفي مقدمتها العسكرية.
اجتماع أستانة سيكون بالون اختبار لحدوث تحوّل في سياسة النظام التركي العدوانية تجاه الدول المجاورة، وهناك من يقول: إن هذا البالون الأسود لن يتغير لونه إلى الأبيض في ظل الأطماع الأردوغانية.