كلنا تجار.. حتى الحكومة!! | عبد الفتاح العوض

هو سؤال نصفه جواب.. هل أصبح البشر كلهم تجاراً؟

المقصود هنا عقلية التاجر الذي يفكر بالربح فقط والربح الحسابي بشكل خاص.

هل كلنا تجار لكن الاختلاف في نوع البضاعة التي نبيع ونشتري بها؟

تجار السلع والمواد معروفون..

ماذا عن تجار المواقف وتجار المبادئ بل حتى تجار العواطف وقائمة تحت مسمى تجار البشر والرقيق الأبيض والأسود.

الفكرة هنا تتعلق بأن سلوكنا أصبح أكثر اقتراباً من سلوك التجار حيث العلاقات محسوبة بمقياس الربح والخسارة.

ولعل البشر وهم ينتقلون شيئاً فشيئاً إلى هذا الاتجاه إنما كانوا تحت وطأة تجارب فيها من القسوة ما يجعل الحديث عن معادلة الربح والخسارة أمراً منطقياً واقعياً بل عادلاً حتى أصبحت هذه العقلية تطغى على الجانب الأسري والعلاقات الاجتماعية.

في علم النفس يتحدثون بشكل مباشر عن أن أهم دافع عند الإنسان هو «المنفعة الشخصية».

ولا أحد يستطيع أن يجادل في مفهوم المنفعة الشخصية ودورها في سلوك الأفراد وهو الوتر الذي عزف عليه أنصار الاقتصاد الحر وجعلوه السبب الرئيس في الازدهار.

بينما نجد عند الأديان والمعتقدات الفكرية حديثاً مطولاً عن مفهوم العطاء قبل الأخذ وأن الكون قائم على فكرة أن ما تمنحه يرتد عليك إن خيراً بخير أو كان شراً بشر.

حتى مفهوم الأخذ والعطاء هو مفهوم تجاري بحد ذاته. فأنت تعطي كي تأخذ كما لو كانت مقايضة غير معلنة.

قبول فكرة أن كلاً منا يتصرف كتاجر ستكون موجعة لكل الأشخاص الذين تمثل الأخلاقيات عنصراً رئيسياً في حياتهم خاصة لمن ارتبط بذهنهم السمعة السلبية عن التجار تاريخياً خاصة في التربية التي قدمتهم على أنهم مصاصو أموال.

يبقى الحديث عن العقل التجاري مقبولاً إلى حد ما في حدود أن الناس تحسب حساب مصالحها وتضع لها الأولوية لكن لا يمكن تحت أي عنوان قبول تجارة المبادئ والمواقف وكذلك تجارة العواطف.

هنا يصبح الأمر بالغ القذارة لأن تتاجر بالأشياء التي من البديهي أنها غير معروضة للبيع والشراء ولا حتى المساومة.

ثمة ملاحظة أخيرة لها علاقة بالحكومات التي تعمل كتجار مع مواطنيها.

المقولة المعروفة الحكومة تاجر فاشل.. ذلك أن أرباحها ليست أرقاماً مالية بل أرباح سياسية واجتماعية.

لكن على ما يبدو حتى الحكومة أصبحت تاجراً ناجحاً تكسب من مواطنيها.

أسوأ الأسوأ… من ربح العالم وخسر نفسه.

أقوال:

– (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللـه بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ) آية قرآنية

– لو كنت تاجراً ما اخترت غير العطر، إن فاتني ربحُه لم يفتني ريحُه.

– قال لقمان لابنه، يا بني، اتخذ طاعة اللـه تجارة تأتِك الأرباح من غير بضاعة.

– التجارة؟ هي بكل بساطة أموال الآخرين.