شهدت السينما السورية في بداية ثمانينيات القرن الماضي نقلة نوعية على عدة أصعدة ونجحت في نقل المتفرج إلى عوالم خصبة ووظفت حالة خاصة يبصر فيها هذا المتفرج الواقعية عبر موضوعات تصطدم برسم حاد وثاقب لعوالم داخلية حميمية ودافئة.
دخل عبد اللطيف عبد الحميد السينما السورية من باب الحقبة الثانية من عمل المؤسسة العامة للسينما وذلك بعد جيل الرواد الأول بهذه العبارة بدأ المخرج والناقد الفني عوض القدرو حديثه : فجاءت أفلامه ضمن موجة سينما المؤلف في ذلك الوقت حيث نجد في الأفلام التي قدمها مع غالبية أبناء جيله حناناً غير مألوف في تقديم العلاقات والأحلام .
أحلام ناعمة تمضي عبر أفلام خاصة جداً وممتعة في سردها والتصاقها البيئوي الصادق ، لقد صاغ عبد اللطيف عبد الحميد أفلاماً بأسلوب متين وشفافية جارحة عميقة مندرجة ضمن شكلٍ سينمائي يخضع في بنائه لهواجس التركيز والأمتلاك للرؤية التي تم. بها ذكريات وحكايات .
ويضيف القدرو : جاءت أفلام عبد الحميد ليس كما كان يتصور البعض على أنها مدرسة حديثة في الإخراج السينمائي لكن أفلامه شكلت استمراراً للنواة الحديثة التي ساهم في إيجادها الرواد الأوائل في السينما السورية .
ويبين القدر أن عبد الحميد قدم في المؤسسة العامة للسينما في بداية مشواره السينمائي فيلمين قصيرين وهما (أيدينا )و(أمنياتهم )ثم جاء فيلمه الأول الروائي الطويل (ليالي ابن اوى)الذي كتب السيناريو له فبدا واضحاً منذ فيلمه الأول أن عبد الحميد يقدم لغة سينمائية مرهفة تمثل أحلاماً خاصة وعامة ضمن عرض بصري شديد الصدق من خلال تقديمه لشخصيات متوحدة راغبة في التعبير والانعتاق .
ويضيف القدرو : وظف عبد الحميد في كل أفلامه كاميرته والتي كانت شريكة أساسية حيث التقطت كل تفصيل مهم صغيراً أو كبيراً وقدم عبد الحميد جميع أفلامه هو وجميع أبناء جيله ضمّن استقلالية سينمائية ورؤى ذاتية في تقديم صيغ تحريضية لعين المشاهد على الدهشة الايجابية او السلبية والتهرب الواضح من آلية التكرار .
فمن خلال كل ما قدمه المخرج عبد اللطيف عبد الحميد من أفلامه عبر مشواره السينمائي الحافل نجد أنه بنى أفلامه عبر فكر عميق ضمن روح إنسانية رشيقة ضمن أعمال شكلت علاقة بارزة في السينما العربية بفكر وعقل وقلب عبد الحميد محتشدين بعشرات الصور الحقيقية السعيدة والحزينة عن الحياة .
واليوم يرحل المخرج عبد اللطيف عبد الحميد تاركاً وراءه إرثاً سينمائياً أضافت للسينما السورية بهاءً وجمالاً وصدقاً فمن يعرف عبد الحميد عن قرب ويشاهد أفلامه فيما بعد يقول (عبد الحميد عبد اللطيف أفلامه مثل روحه )