تركي صقر.. مكرما في العيد الذهبي لاتحاد الصحفيين.. تعود الذاكرة بي الى صيف 1998 عندما دخلت مبنى صحيفة “البعث” أول مرة محررا في قسم الاخبار السياسية.. كانت فرصة لا تعوض بالنسبة لي ولكثيرين من زملائي خريجي قسم الصحافة بجامعة دمشق تلك السنوات، مع أن الصحيفة لم تكن ، حينها، الخيار الأفضل مقارنة بالتلفزيون أو صحيفتي “تشرين” و”الثورة” معنويا وماديا..
لكن لم أكن أملك هذا الترف بالاختيار أو المفاضلة وقد اكتشفت، والأصح اكتشفنا كخريجين، أن الحصول على فرصة عمل ليس بالأمر الهّين كما كان يصور لنا ونحن على مقاعد الدراسة مع أن عددنا لا يتجاوز بضع عشرات من الخريجين كل عام
جئت جريدة “البعث “قادما من “مركز المعلومات القومي” وقد انهيت فيه مدة عامين من العمل لتتم إعادتي الى الجريدة التي كنت على ملاكها قبل أن أداوم فيها
كان المرور على مكتب المدير العام تركي صقر محطة لا بد منها قبل مباشرة العمل.. حددت لي السكرتيرة موعدا مع الرجل الذي عرفته محاضرا علينا في قسم الصحافة لمادة “التشريعات الإعلامية”.. لكنه هنا المدير العام لدار “البعث” رجل إداري صارم لا مقارنة بينه هنا وهناك.. قدم لي ما طلبت خلال دقائق وهو العمل محررا في قسم الأخبار، وأذكر أنني استجمعت جملا وعبارات قلتها له بينها أنني اخترت العمل محررا في الاخبار باعتبارها مطبخ الجريدة وأهم الأقسام..!! وعدا عن صحة هذا الأمر وقناعتي التامة به ، كنت احتاج العمل في الأخبار باعتبار الدوام فيه مسائي ، ويتيح لي حرية العمل في مكاتب صحفية وإعلامية في فترات النهار، وهو ما شققت فيه طريقا طويلا جعل تجربتي مع الاعلام الخارجي أكثر أهمية لي على كل الصعد..
وبالفعل دوامت في قسم الأخبار مع أساتذة مخضرمين بينهم سمير عربش والياس خوري ورياض محمود رحمهم الله ،وأصدقاء وزملاء بينهم رئيس تحرير “البعث” حاليا بسام هاشم وصالح الصالح وعلي يوسف وشوكت أبو فخر ..أدام الله عليهم الصحة
كان تركي صقر مديرا حازما جاء من المؤسسة العسكرية مطلع الثمانينات الى الصحيفة.. ما جعله وفيا لجيل له حضوره وشخصيته القوية في مؤسسات الحزب والدولة. دافع عن كثير من الزملاء في مواجهات محرجة مع وزراء ومؤسسات فاعلة في الدولة دون الحاجة الى أي تدخلات أو وساطة جهات أخرى، ولست مخولا بالحديث عنها هنا احتراما لأشخاص كانوا أطرافا فيها. كنا نراه محررين وفنيين وإداريين لا يقل حضورا عن أي وزير في زمن كان الوزير رجل دولة بحق كمحمد سلمان واياد الشطي ومحمد حربة ويحيى أبو عسلي ومحمد العمادي ومكرم عبيد وغيرهم كثر
حضرت تلك الصور في مخيلتي وانا استقبل الدكتور تركي صقر أدام الله عليه الصحة، مكرما في العيد الذهبي لاتحاد الصحفيين السوريين. كما أساتذة كرام كثر بينهم قاسم ياغي والياس مراد وصابر فلحوط وأمل دكاك ومحمود الجمعات ووليد مشوح وعصام داري وميشيل خياط وغيرهم من أساتذتنا الكرام. جيل ترك بالفعل بصمته ضمن الاعلام السوري بإمكاناته وسقوفه ومحدداته