في الاحتفال بالعيد الذهبي لاتحاد الصحفيين ثمة تأملات وتطلعات من قبل كل صحفي سوري ولاسيما ما يتصل بكل ما يتحمله الصحفي من مخاطر وعناء ومسؤولية وعمل دؤوب على مدار الساعة ، الأمر الذي يتطلب وضع الصحفيين على سلم الأولويات لإنصافهم وتحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير البيئة التشريعية والقانوتية الملائمة للعمل الصحفي .
صحيح إن إعلامنا وطني بامتياز ويدرك كل إعلامي أنه يكتب وينتقد ويقدم رؤيته تحت سقف الوطن وبما يعزز موقف الدولة وبالمقابل يمتد هذا الإدراك إلى أن تأييد الدولة لا يتطابق مع ضرورة تأييد كل ما تقوم به الحكومات المتعاقبة لأن من مهمات الإعلام ممارسة الرقابة والكشف عن الأخطاء ولأن تأييد كل ما تقوم به الحكومات ينفي المهنية الإعلامية التي تتطلب الموضوعية ونقل الرؤية الجماهيرية بكل مصداقية .
لطالما كان السؤال من كل صحفي سوري : كيف ننظر إلى العمل الإعلامي من حيث المفهوم والدور والتأثير .؟ وهل الظروف والإمكانيات المناسبة متاحة للإعلامي السوري كي يستمر في مهامه ويرتقي بهذه المهام كما يجب .؟
الصحفي السوري يفني عمره كله لحظة بلحظة ، وهو يسعى إلى خدمة وطنه في الداخل ومواجهة تحديات الخارج ومع ذلك لا يحظى بأي تقدير او دعم معنوي ومادي
المشكلة هي عدم الوصول إلى موقف موحد من الإعلام مع كل الحكومات المتعاقبة أقول ذلك من موقع عملي في الإعلام أكثر من ربع قرن فالموقف الذي كان ولا زال هو إما أن يخضع الإعلام للحكومة ليكون دعائياً وإما أن يمنعوه بالتعاميم والقرارات وإما يتجنبوه لحجب الواقع عن حقيقته وإما تكون هناك تدخلات من خارج الإعلام .
هنالك معيقات تواجه حرية الوصول إلى المعلومات وتداولها بالإضافة للإجراءات التي تحول دون ممارسة الحق في الحصول على المعلومات على النحو المطلوب خصوصاً ما يتعلق بحجب المعلومات وبقاء هذا الحق مرهوناً بإرادة المسؤولين عن المعلومات والتحكم بطبيعة وحجم المعلومات التي يسمح بنشرها أو تقديمها للمواطنين ووسائل الإعلام .
اليوم نحن بحاجة للتذكير والمطالبة بالبحث في مرجعية الإعلام وطالما أنه يتبع لوزارة ضمن الحكومة فهذا يعني سيطرة الحكومة على الإعلام والتركيز على الإعلام الجديد ودعمه وإيجاد منصات آليات تدعمها الدولة.
والإشكالية الأخرى المستمرة تكمن في العقلية التي تحكم الأداء الإعلامي . هل هي عقلية مؤسسات أم مزاجية أفراد .
يجب أن يدرك الجميع الإعلام وأيضاً الحكومة أن طبائع الأمور قد تغيرت وتبدلت الأحوال واتسعت مصادر الخبر والمعلومة فأصبح الكلام الذي يخلو من أي معنى استهتاراً بالمواطن المتلقي وتهميشه . وعلينا أن نقتنع أنه انتهى زمن الإعلامي الموظف وأن يكون عمله أن يبلغ الناس ما تريده الحكومة ، وعليه فلا بد من ثوابت ومسؤوليات محددة وواضحة وفعل ورد فعل وصدى ورجع الصدى ولن يحصل أي تطوير في الأداء من دون وضع تشخيص حقيقي وفي مقدمة ذلك أن القلم والكلمة لا يمكن أن يكونا مصدراً للعيش الكريم وتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة . كما إن مفتاح النجاح في الأداء الأمثل هو في التخطيط الإعلامي وهو بلا شك لا يعني الحساب الشكلي للمواد الإعلامية المحددة للنشر والإذاعة أو البث التلفزيوني ، وإنما يعني مسار تحقيق المهام التي يحتاجها المجتمع والدولة بما يسمح بالتركيز على المسائل الأكثر حيوية في عملية تطور الاقتصاد والحياة الاجتماعية والعمل الفكري التربوي ، إذ بدون التخطيط لا يمكن ضمان النجاح الحقيقي .