الصحفيون والتفاؤل بالحكومة الجديدة . يونس خلف

بعد سنوات من الانتظار والمطالبات وافق مجلس الوزراء  على زيادة نسبة الحسم من قيمة الإعلانات التجارية من 2 إلى 4 بالمئة  لصالح صندوق تقاعد الصحفيين

وبذلك  فإن رفع نسبة الحسم إلى  4بالمئة يتضاعف الرقم إلى حدا ما مع الأخذ بالاعتبار أن ذلك  يرتبط بالنشاط الاعلاني  .

اليوم تتسع دائرة التفاؤل مع مؤشرات واضحة تدلل على اهتمام الحكومة الجديدة بقضايا ومتطلبات وحقوق الصحفيين ومع وجود وزير إعلام يثق الجميع أنه صوتهم وأن كل صحفي هو الوزير و ثمة شعور بأن كل  صحفي موجود  في أي اجتماع تتم فيه مناقشة قضايا الصحافة والصحفيين .

من هنا تأتي أهمية جدولة القضايا المزمنة وفق أولوياتها وامكانية الاستجابة لها وتنفيذها بعد أن أصبحنا على ثقة أننا ودعنا مرحلة طويلة من التريث والترحيل إن لم نقل أن بعض الكتب والمراسلات والمطالبات التي كان يتابعها اتحاد الصحفيين لم يكن بعضها يصل طاولة الاجتماعات .

 

المثال الأبرز طبيعة عمل الصحفيين التي تم حرمان الصحفيين  منها منذ صدور قانون العمل الأساسي عام ٢٠٠٤ بسبب التفسيرات الخاطئة  إلا إن جميع المراسلات والمذكرات والاقتراحات بخصوصها والتي رفعت لرؤساء الحكومات بعد المقابلات التي جرت ولقاءات المكتب التنفيذي للاتحاد  معهم ذيلت بعبارة واحدة هي (للتريث). كان الاتحاد يريد جواباً محدداً من رئاسة الحكومة يبين هل لنا حق أم لا. لكن لا جواب ولا اهتمام لا بل لم يكن أحد يفكر بنا أو يتذكرنا حتى في مؤتمراتنا السنوية والانتخابية.

 

لا يقل عن خمسة كتب ممهورة بتوقيع رئيس الحكومة السابق ومن سبقه  يؤكدون  فيها التريث بطلب تعويض طبيعة عمل الصحفيين  . ثلاثة منها تمت إحالتها  للجنة القرار تبين بعدها  أن اللجنة لم تعد مفعلة  وأربعة كتب أجابت عليها  وزارة المالية بضرورة دراسة العبء المالي    .

   مرات عديدة   طالب اتحاد الصحفيين وتحديداً منذ عام 2014   بتعديل نسبة تعويض طبيعة العمل الصحفي  ومنحهم تعويض الإجهاد الجسماني والفكري  لكن للأسف في كل المرات كان الرد يأتي وبكل بساطة للتريث .

مجموع المبلغ الذي يطالب به أبناء مهنة المتاعب ليس بالرقم الكبير ولا يشكل عبئاً على الموازنة  علماً أن النسبة المقترحة قياساً لعدد الزملاء الصحفيين المستفيدين منها (بحدود 3000) عضو عامل  لا تشكّل أي عبء على الخزينة العامة.

من حق الصحفيين أن يحظوا بطبيعة عمل 100%  بل وأكثر على الراتب الحالي المقطوع   فالجهد الكبير الذي يبذله الصحفي في مهمات عمل صعبة تعرضهم للمخاطر  وتستنزف قوتهم الذهنية والجسدية  لا سيما أن مهنة الصحافة  تعتبر اليوم

من أخطر المهن .

 

الأمر الآخر المأمول أن يكون ضمن الأولويات هو ضحالة الاستكتاب  فالصحفي مطالب اليوم بالعمل والدفع من حسابه الخاص لمواءمة العمل الإلكتروني من دون تأمين أدنى مقومات العمل وافتقار الأغلبية العظمى من الزملاء لأدوات العمل المناسبة  .  والإشكالية التي تتصل  أيضاً بموضوع الاستكتاب  هي الفوارق بين المؤسسات الإعلامية بين من يكتب في الصحف المركزية في دمشق ومن يكتب في المحافظات ، فالصحفي هو صحفي والمادة الصحفية كذلك سواء من يكتبها كان في دمشق أو المحافظات . وإذا كان لا بد من معيار فهو جودة المادة وأهميتها وليس مكان كتابتها .

من المشكلات المزمنة أيضاً التي نأمل أن تكون ضمن دائرة الاهتمام مشكلة صعوبة الحصول على المعلومات واستمرار فرض الحصار على المعلومة الأمر الذي يتسبب بالضرر بمصداقية العمل الصحفي  فلا بد من فك القيود عنها ليغدو إعلامنا أكثر قرباً من نبض الشارع الذي يريد خطاباً إعلامياً وطنياً مسؤولاً وشفافاً يخاطب المواطن بلغة صحفية جاذبة للقارئ والمستمع والمشاهد.

 

عموماً لا بد من تجاوز النظرة النمطية للصحفي باعتباره موظفاً يؤدي عملاً إدارياً روتينياً دون الأخذ بالاعتبار طبيعة وخصوصية مهنته الشاقة التي تتطلّب وتحتاج بيئة مشجعة تمكنه من تأدية عمله  بمهنية ولعل ثمة إجماع أن الصحفي  يحتاج إلى الصدق في الوعود والإنصاف في المعاملة بما ينسجم مع صعوبة عمله وتقدير مسؤولياته في الدفاع عن قضايا الوطن والمواطن.

 

في كل دول العالم تدعم حكوماتها نقابات الصحفيين وتحرص على تأمين كل متطلبات العاملين بالصحافة والإعلام  سواء لجهة تطويرهم مهنياً أو دعمهم مادياً واجتماعياً  أما عندنا  يُنظر للصحفي كموظف عادي  دون لحظ جهده وطبيعة عمله

 

الصحفيون والإعلاميون السوريون لم يقصروا يوماً رغم الإجحاف بحقوقهم وإهمال مطالبهم المشروعة  وكانوا رديفاً للجيش العربي السوري على جبهات القتال ضد الإرهابيين   فجُرحَ واستشهد العشرات منهم فداء للوطن   .

 

صحيح  أن أصل الحكاية هو الاعتماد على الذات  وبدون الاستثمارات لن يكون هنالك ميزات حقيقية يقدمها اتحاد للصحفيين  لكن أي استثمارات سيعمل عليها الاتحاد اذا كان الاتحاد  لم يترك وسيلة لاستعادة أرض الديماس  بما في ذلك رفع دعوى قضائية لدى القضاء الإداري على وزارة الاشغال لإبطال قرار وزير الأشغال العامة والإسكان  كذلك أرض شارع النصر لازالت على الشيوع  ومنتجع خان العسل الذي دمره الإرهاب  وفور عودته شكلت لجنة لدراسة وضعه  واليوم وزارة الزراعة لم تنقل ملكيته لاتحاد الصحفيين حتى الآن.

فندق الحسكة تعرض للنهب والسرقة بعد مباشرته العمل وهو الآن تحت سيطرة ميليشيا قسد الانفصالية. ولولا مكرمة السيد الرئيس بشار الأسد بتسديد كامل الأقساط المتراكة المترتبة على المشروع من المصرف العقاري لكان الآن مباعاً بالمزاد العلني .

أيضا يملك الاتحاد قطعة أرض في ميدانكي عفرين، وهي الآن خارج سيطرة الدولة.

خلاصة القول  مطلوب منا جميعاً أن تتضافر جهودنا وتتكاتف من أجل الوصول إلى حقوقنا وليدرك المعنيون أن العمل الصحفي عمل فكري يتطلب الكثير من التسهيلات والمساعدة من المؤسسات الرسمية على تحقيقها. واليوم ثمة مؤشرات واضحة لعمل الحكومة الجديدة ووزير الإعلام المشهود له بالمتابعة والموضوعية والمهنية  ولذلك ثقتنا كبيرة أن ما بعد التريث ليس كما قبله .

اخبار الاتحاد