دور الإعلام وتشويه الرأي العام في ندوة حوارية للمستشارية الثقافية الإيرانية واتحاد الصحفيين . يونس خلف
تكتسب الندوة الحوارية التي أقامتها المستشارية الثقافية الايرانية بدمشق بالتعاون مع اتحاد الصحفيين السوريين تحت عنوان دور الاعلام في تشويه الرأي العام أهميتها من الظروف التي أثبتت أن أحد الأسلحة الهامة في مواجهة التحديات الوصول إلى الرأي العام بالحقائق وعدم حرف مسارها بعيداً عن التشويه والتضليل بعد أن تحولت الحقيقة إلى
وهم والحق إلى باطل .
الندوة الحوارية التي شارك فيها الاستاذ موسى عبد النور رئيس اتحاد الصحفيين والاستاذ أحمد ضوا معاون وزير الاعلام والاستاذ حميد رضا مختص ابادي المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الايرانية في سورية تناولت خطر صناعة الرأي العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي كونها منبرا غير خاضع لمعايير أخلاقية أو أيديولوجية، ويمكن لحسابات وهمية أن تصنع أزمة من فراغ وأن تمارس عمليات التشويه والتلميع، وخلق الأعداء والأنصار، بصفة مجانية ودون أدنى جهد فكريا أو عضليا، بعد أن كانت صناعة الرأي العام عملية علمية وإدارية، تشرف عليها مراكز بحث ومؤسسات مختصة
المستشار الثقافي الإيراني الدكتور حميد رضا مختص آبادي أكد أن ارتقاء قيادات المقاومة يدل على الانتصار الحتمي لشعوب المقاومة.
وشدد الدكتور مختص آبادي على ضرورة تعزيز وسائل إعلام المقاومة ككل وتقوية إمكاناتها في ظل ما اعتبره تفوقاً غربيا من ناحية التكنولوجيا والتقنيات الحديثة التي يستخدمها اليوم لتضليل الرأي العام.
الأستاذ أحمد ضوا معاون وزير الإعلام أشار إلى أن “موضوع الإعلام لم يعد يقتصر على تشويه الرأي العام بل على جميع جوانب الحياة حتى أن بعض المفكرين اعتبروا الإعلام أخطر من السلاح لأنه يتوجه إلى عقل الإنسان ، والمرحلة التي نعيشها تنوعت فيها وسائل الإعلام وأصبح نقل المعلومة يكاد يكون أسرع من البرق” .
ونوه معاون وزير الإعلام إلى تركيز بعض وسائل الإعلام الدولية على ضرب وعي جمهور المقاومة من خلال التقليل من إنجازات المقاومة اللبنانية والفلسطينية وتتعمد إخفاء ما يعانيه الاحتلال بفضل ضرباتها، كل ذلك بسبب التقيّد الكامل الذي تفرضه إسرائيل على وسائل إعلامها
وبين ضوا أنه في سورية نستقي خطابنا الإعلامي من الخط الواضح للدولة السورية على أن فلسطين هي القضية المركزية .
الأستاذ موسى عبد النور رئيس اتحاد الصحفيين في سورية أوضح أن الإعلام لا يلعب دوراً فقط في تشكيل الرأي العام بل في التشكيل، والتضليل، والتحريض وتزييف الرأي العام، وأن الإعلام اليوم بات يكسب نصف المعركة إن لم نقل كل المعركة، وأصبح أداة أساسية في يد صانع القرار يتوجه بها إلى الجمهور الآخر.
وأشار عبد النور إلى أن الإعلام ليس مجرد ناقل للأخبار، بل يمكن أن يشكل أداه للصراع الفكري من خلال مصطلحات مثل “الحرب الناعمة”.
تخلل الندوة العديد من المداخلات التي أكدت على سيطرة اللوبي الصهيوني على وسائل الإعلام العالمية مطالبين بضرورة وضع خطط واستراتيجيات بعيدة المدى وإنشاء مؤسسات إعلامية جديدة ومراكز دراسات لتعزيز دور الإعلام المقاوم ونشر الحقائق.
يمكن القول أن الندوة خطوة متقدمة لاستراتيجية عمل باتت ملحة وتتطلب قيام كل الجهات المعنية بدءاً من وسائل الإعلام مروراً بالمؤسسة الثقافية والتربوية والأحزاب وصولا إلى الأسرة والمجتمع بمهامها ومسؤولياتها .
عموما الندوة اغتنت بالحوار الجاد والصريح والمطالبة بأن تكون العناوين القادمة كيف نواجه التشويش والتضليل وماذا يجب أن نفعل للتغلب عليه والأمر هنا يتطلب التأمل اولاً في مفهوم الرأي العام فقد تعددت مفاهيم الرأي العام من وجهات نظر متعددة منها أنه محصّلة جميع الآراء الفرديّة مع بعضها البعض تجاه قضية سياسية أو قرارٍ حكوميّ ، فمنهم من يرى أنّ الرأي العام يأخذ بالآراء الفرديّة المتباينة ثمّ يُعتمد القرار بناءً على رأي الأغلبيّة ، ومنهم من يرى أن الرأي العام يتأثر بالحكومات أكثر من تأثره بالمجتمع ، ويُعتبر نشر استطلاع الرأي على العامّة من الطرق الأكثر شيوعاً لمعرفة الرأي العام. وأصبحت وسائل الإعلام في العصر الحاضر أحد اهم عناصر وأدوات صناعة الرأي العام وتشكيل المواقف والاتجاهات وفي نفس الوقت تراجع دور الوسائل التقليدية مثل الاحزاب والمؤسسات الثقافية ولعل أبرز الأمثلة من حرب الخليج الثانية وكذلك حرب أفغانستان والعراق حيث لعبت وسائل الإعلام الدور الكبير في تحقيق السيطرة السريعة للقوى الغربية بحكم التأثير النفسي أو ما أطلق عليه الأمريكيون الصدمة والترويع .
وأصبح الإعلام قادراً على المساهمة في بناء الإنسان أو هدمه، على ترسيخ القيم أو تخريبها، كما هو قادر على تعزيز التفاهم والاحترام بين الأفراد بقدر ما يستطيع أن ينجح في تشويه صورة الآخرين وتزييف الواقع من أجل الأطماع و المصالح ، وهذا يعكس ضرورة أن تكون المسؤولية الإعلامية متوازية مع المسؤولية الاجتماعية والتربوية لضمان قيام وسائل الإعلام برسالتها الثقافية والارتقاء بمستوى الإنسان خاصة الأطفال والمراهقين وهناك الكثير من الدلائل على قضية المتلاعبين بالرأي العام وتورط شركات وامبراطوريات الدعاية والإعلام في الحروب التي تخطط لها السياسة الخارجية الأمريكية . شركات متخصصة بترويج الوهم على أنه حقيقية .
السؤال هنا لماذا غدت شبكات التواصل الاجتماعي أكثر قبولاً للرأي العام من الإعلام التقليدي السمعي والبصري على رغم تقديمهما مضامين متشابهة من حيث السرعة والبث؟
كما إن الميديا الاجتماعية غدت بمثابة مطبخ جديد لصناعة وتوليد رأي عام جديد وهي أداة فاعلة لا يمكن إغفالها، ولاسيما أنها تشهد مزيداً من الإقبال، والداخلين الجدد إليها من الجمهور بمختلف فئاته وأعماره ومستوياته.