التحية لشهداء المنار والميادين في لحظة استراحة . يونس خلف

كيف يمكن أن تستمر الماكينة الاعلامية للوبي اليهودي العالمي بتضليل المعلومات ونشر الأخبار الكاذبة  ومحاولة قطع الطريق على مصادر المعلومات التي تأتي من مكان الحدث ؟

كيف يتم منع وصول ما تقوم به قوات الاحتلال من ممارسات وحشية إلى الرأي العام ؟

كيف يمكن طمس الصورة التي تكشف القصف الهمجي لبيوت المدنيين  والقتل المتعمد للأطفال والنساء والشباب وكبار السن  والتهجير والعقاب الجماعي وتدمير المستشفيات والمدارس وسيارات الاسعاف  والتجويع والحرمان من المياه والوقود ؟

الجواب هو أن يصبح الاعلام والاعلاميين هدفاً مباشراً لهذه الوحشية الاسرائيلية لأن أكثر ما يزعج الكيان الصهيوني هو الكشف عن الجرائم الوحشية التي يرتكبها بحق المدنيين من الاطفال والنساء والشيوخ   . وهذا هو المبرر والدافع لاعتداء قوات الاحتلال الاسرائيلي على الاعلاميين خلال قيامهم بمهامهم في تغطية العدوان على لبنان  في مقر إقامتهم في منطقة حاصبيا وأدى الاعتداء إلى استشهاد المصور في قناة المنار وسام قاسم والمصور في قناة الميادين غسان نجار و مهندس البث في الميادين محمد رضا وإصابة عدد من الصحافيين والمصورين من قنوات أخرى .

هذا العدوان المتعمّد هدفه بالتأكيد ترهيب الاعلام لطمس ما يرتكب من جرائم وتدمير.

وهو جريمة حرب تضاف إلى السجل الإجرامي لعدو يضرب عرض الحائط كل القوانين ويستبيح كل المحرمات على مرأى من العالم أجمع فالمجرم لا يترك من يكون شاهداً على جريمته .

مسلسل الاعتداءات الاسرائيلية على الجسم الصحفي ما هو إلا إجرام ممنهج لحجب الحقيقة وتعمية الرأي العام عن إرهابها وجرائمها العنصرية وإبادتها الجماعية.

جريمة حرب بكل المواصفات والمعايير لا يمكن للمجتمع الدولي وخصوصا المنظمات المعنية بحماية الصحافيين والاعلاميين السكوت أمام هذا الخرق الفاضح والمتكرر للمعاهدات والمواثيق الدولية التي تحدد كيفية التعامل مع الصحافيين والاعلاميين  .

لكن استهداف العدو للإعلاميين الأحرار لن يمكنه من إسكات صوت الحق الذي سيبقى يصدح بوجه مشروعه الإجرامي وسيبقى هذا الإعلام الشريف يفضح جرائمه ومجازره   ويتكامل مع ما ينجزه المقاومون على أرض المعركة .

ولعل ما يجعل الحرب الدعائية  الإسرائيلية  مؤثرة وتتسع دائرة انتشارها هو ذلك  المجتمع الدولي الأعمى الذي يتبنى الرواية الإسرائيلية العنصرية الصهيونية . و الصمت من المجتمع الدولي تجاه هذه الجرائم والموقف السلبي من المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الصحفيين  .

هذا الصمت يبدو أخطر من قتل الصحفيين  لأنه يشجع الاحتلال على المضي في ارتكاب الجرائم  كونه يعرف أن أحداً لن يسأله  ولن يحاسبه عن هذه الجرائم ولا أحد يعاقب من يعتدي على حرية الرأي والتعبير التي كفلتها كل المواثيق الدولية.

الصمت هو المشكلة الأساسية  ولذلك اليوم الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني  يدفعان ضريبة هذا الصمت الدولي الذي يشكل غطاء لقوات الاحتلال ويشجعها على مواصلة  جرائم الحرب  .  ويبدو السؤال مشروعاً لمن يريد أن يفكر ويتأمل  :  هل تخلى المجتمع الدولي عن حماية الصحفيين و المدنيين   ؟  والسؤال الآخر : متى تتحرر المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية من سيطرة الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني .؟

لقد بات  واضحاً وبكل علانية  السقوط المهني والأخلاقي للإعلام الغربي في تغطيته المنحازة وتكريسه للصورة النمطية المشوهة للحقيقة  فهو لم ينحز فقط  بل أصبح آلة دعاية كاذبة بتزييف الوقائع لتضليل الرأي العام وتبرير الخروقات السياسية والعسكرية لإسرائيل .

الإعلام الغربي صار طرفا غير محايد  واختار الاصطفاف لجانب إسرائيل من خلال ترويج أو تلفيق أكاذيب السياسيين والعسكريين  وهو لاعب أساسي في الحرب  يُغمض عين الحقيقة  ويُبقي على عين التضليل.

هذا العدوان لن يؤثر على قناة الميادين التي كشفت  جرائم الحرب الاسرائيلية في الضفة الغربية وغزة وممارسات المستوطنين في الجليل والجولان السوري المحتل وأبرزت صور الصمود والبطولة للشعب الفلسطيني وشكلت داعما للعمل الإعلامي بضمير مهني وحرفية صحافية تنقل الواقع كما هو .

التحية لشهداء الارض الذين سقطوا في لحظة استراحة والعزاء هو أن كل الشرفاء يثقون أن هذه الجريمة وكل الجرائم الاي سبقتها لن تمنع الإعلام المقاوم من نقل الحقيقة إلى العالم أجمع وسيبقى الإعلام المقاوم على طريقته ناقلاً الحقيقة ومقدماً التضحيات في سبيل رسالته الشريفة .

اخبار الاتحاد