لماذا أتى السعوديون إليهم؟ ومن هم هؤلاء؟ ولماذا بدأت الأوراق تتكشف للعلن في أدلة دامغة غير خجولة، بل تصل حدَّ الوقاحة في أكثر الأحيان، وهي تنبئ عن وجود تلك العلاقة المتينة والاستراتيجية بين السعودية وحليفتها «إسرائيل» في المنطقة.
وإذا كان الحديث يجري عن مصالح مشتركة بين الثالوث الصهيوني: أمريكا، السعودية، «إسرائيل» فإنه في الوقت نفسه يقدم المآرب التي كانت، والأهداف التي رسمت لسورية والمنطقة عموماً، وبوضوح تام، في السعي لتثبيت مشروع تم تدارسه، والعمل على تنفيذه، من خلال تكفيريين وهابيين، كانوا الأداة المباشرة على أرض الواقع، ليقوموا بما لم تستطع «إسرائيل» أن تناله عبر عقود من الزمن في سورية.
ففي محطة استرجاع سابقة، كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن السعودية، وأمريكا و«إسرائيل» هم المستفيدون الوحيدون من بقاء تنظيم «داعش» حين أكدت عبر تقرير خاص لها: «أن آل سعود الذين يعتمدون على مبادئ الوهابية في تثبيت أركان حكمهم، يعدّون من أبرز المستفيدين من وجود تنظيمات إرهابية على شاكلة داعش ولاسيما أنها تعتمد الفكر نفسه»، موضحة أن «المؤسسات الدينية تلعب دوراً محورياً في حماية حكام الرياض، ووجود تنظيم «داعش» يدعم فكر هذه المؤسسات».
ولاشك في أن الحال نفسها، في وجود هذه التنظيمات يخدم «إسرائيل» التي نجدها تترجم الرعاية لهم، لمعرفتها الأكيدة أن أمريكا هي من خلقت تنظيم «داعش»، وأطلقته، خدمة للمشروعات المشتركة في الدول المستهدفة، فكيف وقد برز هذا جلياً فيما جرى ويجري في سورية، التي وقفت على عتبة أراضيها عجلة التمدد الوهابي، التكفيري، «الداعشي»، بفضل صمود الدولة السورية، أما التجارة الرائجة بين السعودية و«إسرائيل» فهي ذاك التعاون المكمل لقطيع الإرهاب، في مجال أمن الإنترنت بشكل خاص، والذي بات يشكل تربة خصبة وتجارة رائجة، وقد دخل السعودية بقوة منذ عام 2012، منذ أن جرى اختراق الحاسوب التابع لشركة النفط الوطنية السعودية «أرامكو» التي فاز بعقد خصخصة فيها رجل الأعمال الإسرائيلي «كين موليس» أمس حسب «فايننشال تايمز» بعد أن تملكت «إسرائيل» مفاتيح العمل بها عبر منظومة ما سمي آنئذ «أمن الإنترنت»، حينما تم استدعاء رجال أعمال إسرائيليين وطلب منهم العمل على حل المشكلة.. وهنا كان التمهيد لدخول مجمل الشركات الإسرائيلية، الكبيرة والصغيرة أيضاً، حسبما ذكر مدير «الموساد» في فترة التسعينيات، والذي يرأس حالياً مؤسسة «أثينا جي إس 3» الأمنية الإسرائيلية، ومن دون أن يدخل في التفاصيل، وإنما اكتفى بالقول: «لا تريد أن تقطع الغصن الذي تجلس عليه».
ومن هنا جاءت الاستعانة بـ «شمويل بار»، الذي عمل على مدى ثلاثين عاماً في قطاع المخابرات الإسرائيلية، والذي نذر نفسه في التفسيرات الدينية للإرهاب، والذي تملكته الدهشة، حينما طُلِب للعمل في السعودية، من هذا التحول غير المتوقع في حياته، كما بين تقرير «ويلدريج»، التي قضى أغلبها في مواجهة من سماهم أعداء «إسرائيل»، ويقصد بذلك بعض الدول العربية، حين قال: «لم أكن ذلك، ولم أسع إليه، بل هم- أي السعوديون- الذين أتوا إلينا».. إضافة إلى غيرهم من عرب الخليج..
في خلاصة ما نود قوله: إن العلاقات الدائمة والاستراتيجية بين دول التآمر على سورية، تجعلها «إسرائيل» تناور كثيراً، وتسعى جاهدة لعدم الرغبة في الحلول السياسية للحرب الدائرة على سورية، إذ إنها «العرابة» التي ترعى هذه الحرب بقطيع مرتزقتها، وما دخول سورية وحلفائها إلى خط الحلول، برعاية بعض الحلفاء، إلا تأكيد على رغبة الدولة السورية في العمل ضمن المسارين القاضيين بالحل السياسي، ومكافحة الإرهاب، وقد ظهر حضورها في «أستانا»، الأول والثاني، تمهيداً لجنيف القادم، في تجسيد تلك الرغبة التي تحمل الاستقرار والأمن للدولة السورية، بعيداً عن الغايات والمصالح المشبوهة في الثالوث الصهيوني: «إسرائيل» و«السعودية» و«أمريكا» وحلفاؤها!
Prev Post