لن ينسى الشعب السوري عملاق الدبلوماسية الروسية فيتالي تشوركين، لن ينسى تلك اليد التي ارتفعت دفاعاً عن وطن مهدد، ومنعت تحويله إلى وكر نهائي لحفنة من إرهابيي العالم الذين تقاطروا على سورية من كل حدب وصوب لإنشاء إمارات زرعت بذورها في عقولهم الظلامية من قبل استعمار قديم/جديد عاود الزحف تحت الرايات السوداء لإعادة أحلامه ومطامعه في المنطقة.
على مدى السنوات الست الماضية، وخلال الأزمة التي عصفت بسورية، تصدّى تشوركين لجميع القرارات الظالمة بحق الشعب السوري، ولطالما وقف صارماً بدعمه سورية ضد هجمات الدول الغربية، وفي مواجهة أبناء جلدتنا دول البترودولار، حتى بات أيقونة السلام وصوت العدل في وجه الخراب الذي كان سيجتاح سورية ويعيدها إلى العصور الوسطى.
نفتقدك الآن كثيراً أيها الصديق الوفي، نفتقد تلك النظرات الثاقبة التي أرعبت دولاً كانت يوماً ما لا تحسب لأحد أي حساب حتى باتت المتحكمة في تقرير مصائر الشعوب، ومنذ تصديك لجميع القرارات الجائرة بأن العالم على ثقة بأن هناك من يناصر قضايا الشعوب المظلومة ويرد عنها مؤامرات الآخرين.
سيذكر السوريون وشعوب العالم خطابات تشوركين وكلماته الشهيرة في مواجهة من لم تردعهم ضمائرهم وأخلاقهم عن تدمير دولنا وتغيير أنظمتنا بقوة السلاح والإرهاب، وسيذكرون عباراتك الشهيرة “الوعظ في الكنائس والشعر في المسارح” و”توقفوا عن دعم الرعاع”، تلك العبارات التي استخدمت في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، حين روجت الدولتان أن طائراتكم تقصف المدنيين الأبرياء، إذ ما كان منك إلا استخدام عبارات ستبقى خالدة في عقولنا ووجداننا لتعرية الدولتين وإظهارهما على حقيقتهما بأنهما يطلبان وقف قصف مواقع الإرهابيين الذين دعموهما بالسلاح وأموال النفط العربي وتأمين الحماية اللوجستية لفرض أجندات إرهابية طارئة على الثقافة السورية.
نم قريراً أيها الشجاع، فإن ما قاتلت من أجله كان أسمى القتال، وما دافعت عنه كان أنبل ما يفعله الفرسان، ولتكن على يقين أن خصومك يكنون لك كل المحبة والاحترام، ورفعوا لك القبعات وانحنوا أمام جثمانك الطاهر، لأن الرجال تصنعها المواقف لا الأموال التي اشترت ذمم اللاهثين وراء دمار العالم، وأنت صنعتك مواقف الرجولة الرافضة للاذعان والخضوع لرغبات وأهواء من يملكون الأحقاد في قلوبهم.
تشوركين، بفضل شجاعة الموقف الأخلاقي لبلدكم روسيا عاد العالم إلى توازنه واستقراره، ولم يعد هناك من يتجرأ على تجاوز بلادكم في الصراعات والنزاعات الدولية، ولن تعود الكرة الأرضية إلى الغابة التي كانت تتحكم بها ثلة من المرضى المصابين بجنون العظمة، لقد صنعتم لنفسكم مكاناً بين الأقوياء، وحجزتم مقعداً لا يمكن لأحد أن يزيحكم عنه بعد الآن، لقد أصبحتم المناصرين الحقيقيين لجميع المستضعفين في الأرض، لن ننساك أبداً، لك محبتنا واحترامنا أيها الفارس النبيل، فلترقد روحك بهدوء وسلام.