د. نهلة عيسى
منذ سنوات بعيدة، عندما غادرت الوطن في سفر طال أكثر مما كان متوقّعاً، بهدف الحصول على الدكتوراه، كنت أظن أنني راحلة بثقة، مثل القطارات على قضيبين: ما كان وما سيكون، إلا أنني بعد أشهر قليلة، وعبر زجاج القطار، اكتشفت عبثية ما كان، وضحالة ما سيكون، لأن كل شيء يفرّ، الأيام، بقع الضوء، ذرات الغبار، أغاني الرياح، قنطرة النهر، سرب العصافير والأعمدة، وذاك اليقين الطفل بأني على حق!.
كل شيء يفر، فلا الماء تمسكه اليد، ولا الحلم باقٍ على شرفات العيون، ولا الواقفون على رصيف وداعي، سيبقون منتظرين، فالقطارات دائمة الرحيل، والراحلون يصلون، ولا يصلون، ويعودون، ولا يعودون، فشددت سلسلة القطار، وغيّرت تذكرة السفر إلى محطة “ما يجب أن يكون”، وبات حلمي أن أتعلم كيف أفكر، وليس ماذا يفكرون!؟.
وهو حلم قد يبدو للوهلة الأولى، مضحكاً، ساذجاً، غريباً، مجنوناً، باعتبار أن جميع البشر يفكرون دون الحاجة إلى تعلم، أو إلى اغتراب، أو إلى ركوب قضبان خيارات تبدو بلا خلجان وصول، لكنه كان حلمي الذي من خلاله، وضعت عقلي أمام عشرات المواقف الإشكالية، بغية دفعه لكسر كل القواعد، والإطاحة بفروض الواقع القائم، والإبحار نحو عمق مختفٍ، وحل ليس مطروقاً، أو متوارثاً، أو متفقاً عليه، لمشكلات متكررة، تبدو كالدموع، كالموت.. متشابهة، لكنها في الحقيقة كبصمات الأصابع، كل ذرة ملح في نقطة دمع.. فريدة، وكل شهقة احتضار.. نسخة وحيدة لموت لا يشبه سواه!. وقد جاهدتُ التعوّد على مدى سنوات طويلة، وأطلقت عقال عقلي في فضاء لا حدود له، ولا قيود تحدّده، فقادني ذلك تلقائياً إلى البحث عن صلات بين أشياء تبدو متباعدة في الواقع، فاكتشفت العلاقة بين الثرثرة والقطط النافقة، وبين الحنين والصدأ، والساريات الكسيرة والخطب الزاعقة، وبين الختان والخيانة، وبين الصور التي تبدو رصينة، والأسئلة القافزة من شبابيك بيوتنا المسوّرة بالتقيّة، ترفع شعاراً مضحكاً، مبكياً، وشعبياً إلى حد كبير: “اعمل الفرض، وبعدها انقب الأرض، وما تدري حدا”!.
جاهدت إرث الطاعة، ومججت التقيّة، فوصلت بي تداعيات العقل في حدودها القصوى إلى معرفة، أن الاختراع لم يكن وليد الحاجة، بل كان صانعاً ومولّداً للحاجة، وأن “الميتا معرفي”، أي كل ما هو فوق المعرفي، يتطلب أن أفكر في التفكير ذاته، وليس في التفكير في، بحيث أستطيع أن أتجاوز معاني الأشياء، إلى كيف تتولّد المعاني، وكيف تبنى الروايات الكبرى من قصص وحكايات صغيرة، صغيرة جداً؟.
جاهدت نفسي في غربتي، وما بعد الغربة، لأتعلم التفكير، ولا أدعي، ولا أظنني قد نجحت بالمطلق، ولكن بالتأكيد، محاولاتي عمّقت رؤيتي لكل ما في الكون من مخلوقات، بشر، حجر، حيوان، برق، رعد، شمس.. الخ، وجعلتني أكثر إبصاراً وبصيرة، وأكثر جرأة ليس فقط على التفكير، بل أيضاً الفعل دون الاستناد إلى خرائط مرجعيات الاتفاق الجمعي، بل دعوني أسمّيها باسمها الحقيقي: غريزة القطيع، كما جعلتني أقدر على إزاحة الفائض من كل الأشياء، وعلى التوغل في الكامن، حيث يقطن الكمال، ولذلك عندما قامت الحرب، بشكل منطقي: اخترت الوطن.
تطبيق لحساب السعرات الحرارية
يوفّر تطبيق “بايت سناب” للمستخدمين تتبّع غذائهم اليومي من خلال الصور، وذلك على عكس التطبيقات التقليدية التي تتطلب استخدام اليد في إدخال الأطعمة والتي تستغرق وقتاً طويلاً ومملاً. كل ما على المستخدم فعله هو التقاط صورة لوجبة الطعام التي يرغب بتناولها وسيقوم التطبيق بالتعرّف عليها تلقائياً بعد إجابتك عن بعض التفاصيل وتأكيد بعض المعلومات البسيطة. بعدها سيقوم التطبيق بحساب معدل السعرات الحرارية داخل الأطعمة في الصورة ومعرفة أهم العناصر الغذائية داخلها، حيث يوفر التطبيق معلومات مفصّلة وإحصائيات حول معدلات السعرات الحرارية بشكل يومي ومدى تلاؤمها مع المعدل الطبيعي، مع العلم أن التطبيق يعتمد على خوارزميات ذكاء اصطناعي يُمكنها التعرف على أكثر من 1300 صنف من الأطعمة والمشروبات. يتوفر التطبيق مجاناً بمتجر غوغل بلاي لمستخدمي أندرويد، وبمتجر آب ستور لمستخدمي آي أو إس.
Prev Post