مصطفى المقداد:
ما بين أستنة وجنيف وقفت مصالحة الوعر محطة في تحديد أشكال الصراع ضد الإرهاب والإرهابيين ومن يقف خلفهم من حكومات إقليمية وأجهزة استخبارات دولية، فقد كانت السيطرة على بعض المناطق من جانب الإرهاب سياسة عدوانية هدفها إضعاف الدولة وتخريب بناها التحتية والبنيوية والاجتماعية،
وربما كانت حمص بالعموم المكان المفضل لدى المعتدين لتنفيذ المخطط العدواني باعتبار حمص تتوسط سورية وتحتل موقعاً استراتيجياً ولها حدود مع العراق شرقاً ولبنان غرباً وتقارب الحدود الأردنية وتنفتح على بادية واسعة وبالتالي يمكن إيصال الأسلحة لها بسهولة فضلاً عن إمكانية دخول وخروج المقاتلين الإرهابيين وتحركهم ضمن مدى واسع، وهنا نذكر المواجهات الأولية في بابا عمرو وأحياء الخالدية والحميدية وجورة الشياح وصولاً إلى حي الوعر وما انتقل إليه من إرهابيين، منهم الكثير من الأغراب ممن اتخذوا المدنيين دروعاً بشرية وقاموا بتنفيذ عمليات إرهابية انطلاقاً من ذلك الحي الحمصي الحديث مستغلين وجود بعض المواطنين فيه، لكنها نقطة الفصل الأخير التي لا بد منها لتنتهي معها أكذوبة كبرى تم الترويج لها على امتداد سنوات العدوان، فلطالما تباهت محطات سفك الدم باستحالة القدرة على استعادة بابا عمرو ومحيطها وبعدها بقية الأحياء الحمصية، لكنها استعيدت وطهرت وبدأت عملية الإعمار والتعافي، ليبقى حي الوعر عقدة احتاجت عملاً صبوراً يفضي إلى النتيجة التي تابعها العالم صباح الثامن عشر من آذار الجاري من حافلات تنقل الإرهابيين وعائلاتهم إلى شمال شرقي حلب، ومن المنتظر مشاهدة مشاهد مماثلة خلال الأسابيع القادمة لتصبح حمص مدينة خالية من الإرهاب والمظاهر المسلحة مسقطة بذلك جوهر الخداع الإرهابي حين أعلن حمص عاصمة للثورة المزعومة وجعل منها رمزاً ينادي به الإرهابيون داخل سورية وخارجها، فسقطت أوهامهم وذهبت أحلامهم سراباً أمام قوة وتصميم الجيش العربي السوري الباسل، فماذا تراهم فاعلين بعد هذه الهزيمة، وكيف ستبدو لهم حمص في قادمات الأيام؟
لقد كانت لقاءات أستنة وجنيف استحقاقات مفروضة بفعل قوة الميدان كخروج مرحلي من هزائم مؤكدة، وكانت محاولات التعطيل فيها عمليات استعادة للقيام بتنفيذ أعمال إرهابية ما، لكن ثبات وتصميم قواتنا المسلحة الباسلة كان الرد الرادع لتمادي تلك الأعمال الإرهابية، وهكذا ستكون حمص محطة قوية تضاف إلى إنجازات حلب وتدمر وغيرها في طريق الانتصار المحتوم، ذلك الانتصار الذي اتضحت مقدماته بكل ثقة، ولن يقوى الإرهاب ولا قوى البغي على إعادة العجلة إلى بداية العدوان، فالرمزية التي سعت لها قوى العدوان كخلفية لتحريك الإرهاب على الأرض تتساقط واحدة تلو الأخرى، لتكون حمص وحي الوعر المحطة الأكبر في إسقاط رموزهم البشعة.