كشف تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، قراءة تاريخية للأحداث التي برز فيها العقيد تي إي لورانس، المعروف باسم “لورنس العرب”، وبنى عليها تصورا لردة فعله فيما لو أنه كان حيا اليوم، ليشهد ظهور تنظيم “داعش” الارهابي.
وبحسب تقرير الصحيفة، الذي ترجمته “عربي21″، فإن من المتوقع ألا يشكل ظهور تنظيم “داعش” مفاجأة لـ”لورنس العرب”، معللة ذلك بالقول: “إن الخيانة التي مورست في سايكس بيكو ما زالت تلازمنا.. ولا أدل على ذلك من أن تنظيم “داعش” حينما أعلن إعادة تأسيس الخلافة، فعل ذلك من خلال شريط فيديو عنوانه نهاية سايكس بيكو.. والمثير للاهتمام أن “الخلافة” التي أعلن عنها التنظيم لا تقع على بعد مليون ميل من موقع تلك “الخلافة” التي كان لورنس قد وعد العرب بها”.
وأوضح كاتب التقرير في الصحيفة، غايلز فريزر، كيف تعرّض العرب للخيانة من قبل الدبلوماسيين البريطانيين والفرنسيين، الذين عقدوا اتفاقا سريا لتقسيم الشرق الأوسط، بطريقة تتجاهل تماما تطلعات وأماني أهل المنطقة من العرب، الذين ثاروا ضد الدولة العثمانية.
ولكن الاتفاقية سرّبت إلى لورنس، إلا أنه قال: “كان لا بد من أن أنضم إلى المؤامرة، وأن أطمئن الرجال العرب، مؤكدا لهم أنهم سينالون جائزتهم.. فالأفضل لنا أن نفوز بدلا من أن نخسر، حتى وإن نكثنا بوعدنا”.
وأشارت إلى أن لورنس رفض استلام وسام الفروسية، وغير ذلك من النياشين، “احتجاجا على الطريقة التي جرى فيها خداع العرب من قبل البريطانيين”، مضيفة أنه “حاول أن ينتحر”، فقد كتب إلى مديره في القاهرة قائلا: “لقد قررت التوجه إلى دمشق، أملا في أن أقتل في الطريق.. إننا نستدعيهم ليقاتلوا من أجلنا بناء على كذبة افتريناها عليهم، وهذا ما لم أعد أحتمله”.
وكان لورنس، بدعم من الحكومة البريطانية، قد وعد العرب بدولة مستقلة خاصة بهم بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية. وهذا هو السبب الذي دفع العرب إلى الانحياز إلى جانب البريطانيين في القتال. إلا أنه في عام 1916 تحديدا، كان الفرنسيون والبريطانيون قد أبرموا فيما بينهم اتفاقا سريا لتقسيم الشرق الأوسط.
وروت الصحيفة أن تلك كانت اتفاقية “سايكس بيكو” التي رسمت بخطوط طويلة مستقيمة تارة ومائلة تارة أخرى، حدودا في الرمال وضعت بموجبها سوريا ولبنان تحت سلطان الإدارة الفرنسية، بينما وضعت فلسطين والأردن ومنطقة الخليج (الفارسي) والعراق تحت سلطان الإدارة البريطانية.
ولما سربت أخبار هذه الصفقة إلى لورنس وقع في نفسه نزاع حول ما إذا كان يتوجب عليه إخبار جنوده العرب بأنهم تعرضوا للغدر من قبل الدبلوماسيين البريطانيين، وأنهم لن يحصلوا أبدا على الدولة التي كانوا يضحون بحياتهم في سبيلها.
وأشارت أخيرا في معرض ما تناولته إلى أنه “لعله لم يدرك حجم الخديعة في اتفاقية سايكس بيكو حتى أعلن عنها رسميا إثر نشر تفاصيلها في هذه الصحيفة ذاتها (الغارديان) في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1917. ولكنه كان يعلم ما يكفي لأن يدرك أنه كان يضلل أصدقاءه العرب”.
يذكر ان الاستعمار البريطاني الذي خدع الهاشميين في الحجاز بالثورة ضد العثمانيين مقابل اقامة مملكة عربية على كامل تراب الجزيرة العربية والعراق والشام تخلى عنهم بعد التفاهم مع الوهابيين السعوديين ضمن خطة بعيدة المدى للسيطرة على اهم ثلاث حواضر مقدسة عند العرب والمسلمين وهي مكة والمدينة والقدس، فزرع في فلسطين الصهيونية وفي الحجاز الوهابية.