مراد: “الإيمان بالعروبة شيء وما قام به البعض شيء آخر. سورية تدفع ثمن دفاعها عن القضايا العربية العادلة ودعمها للمقاومة. نعمل بجد للاهتمام بواقع الصحفيين السوريين عبر تنظيم المهنة وهناك قانون جديد يقسم العمل الصحفي إلى نقابات مهنية.”
أجرت مؤسسة “دام برس” الإعلامية لقاء مع رئيس اتحاد الصحفيين الزميل الياس مراد, وفيما يلي نص اللقاء:
– بعد كل ما جرى من استهداف لسورية هل ما زال مفهوم القومية العربية قائماً في نظر الشعب العربي السوري ؟
مراد : لا يمكن لأحد أن يفسد القومية العربية ولنذهب مباشرة إلى الحدث فملوك وأمراء السعودية وقطر أليس هناك لديهم في شعوبهم مضطهدون وإذا أردنا العودة إلى التاريخ ألا يجب أن أتذكر الملك فيصل مثلا الذي اتخذ قرار بإيقاف ضخ النفط وكانت هناك ضغوطات كثيرة عليه من اجل إعادة ضخ النفط وان يرفع حظر النفط.
ومن جهة أخرى ألا يجب أن ننظر إلى الشعب المصري الذي رفع صور السيد الرئيس بشار الأسد والأعلام السورية والى وزير دفاع جمهورية مصر العربية الذي احتج مباشرة على ما أقدم عليه مرسي حينما تحدث عن مساعدة المخربين والإرهابيين في سورية.
ألا يجب أن ننظر إلى الشعب التركي الذي خرج مدافعاً عن سورية والشعب الأردني أيضاً والشعب اللبناني فالإيمان بالعروبة شيء وما قام به البعض شيء آخر.
وإذا عكسنا الموضوع أيضا نجد أن بعض الذين طعنوا سورية في الظهر هم من الداخل السوري بالتالي إذا أردنا إسقاط تلك الحالة على هذه الحالة هل لا أؤمن بسوريتي ؟ بالتأكيد لا سابقى مؤمناً بسوريتي وعروبتي.
– كيف تقرأ استهداف سورية من أكبر تحالف عرفه العالم بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة ؟
سورية اليوم تدفع ثمن ثلاثة نقاط رئيسية , أولا نهضتها وانطلاقتها التي تمت في عهد السيد الرئيس بشار الأسد استكمالا للمرحلة السابقة والمواقف الهامة التي جاءت بعد اختيار الجماهير للسيد الرئيس في عام 2000 وخصوصاً التنمية والانفتاح على العالم ودعم المقاومة والتحالفات التي أقامتها سورية مع إيران ومع المقاومة هذا ما تدفع ثمنه سورية.
لان ذلك انعكس على أرض الواقع هزيمة للمشروع الآخر وهزيمة لعدوان تموز في لبنان وقبله العدوان على العراق حيث كان الموقف السوري واضحاً من العدوان, ومنذ الأيام الأولى وربما تذكرون أن وزير الخارجية السورية في الأمم المتحدة قد وصف العدوان على العراق بأنه جريمة سطو مسلح على بلد عربي وعندما نقول سطو مسلح على بلد عربي فهناك تبعات على هذه الجملة.
ونحن دعمنا المقاومة في العراق والمقاومة هنا تعني مقاومة العدو الأمريكي وهي مقاومة شرعية وليس كما يحاول البعض بأن يقول بأن سورية دعمت المجموعات المتشددة والآن سورية تدفع ثمن ذلك الدعم وهذا مجرد افتراء وكذب فسورية لم تدعم الإرهابيين في العراق بل دعمت المقاومة الوطنية التي ناضلت ضد قوى الاحتلال.
تذكرون وزير الخارجية الأمريكية إبان العدوان الأمريكي على العراق “كولن باول” وقد التقيته بعد الموقف الذي سمعه من السيد الرئيس بشار الأسد عندما حمل للسيد الرئيس ورقة من عدة نقاط ومن بين تلك النقاط طرد منظمات المقاومة الفلسطينية وإيقاف العلاقة مع حزب الله وفك التحالف الاستراتيجي مع إيران وقد هدد يومها “باول” بأن أمريكا لم تعد بعيدة عن سورية آلاف الكيلو مترات كما في السابق فهي لديها مائة وخمسون ألف جندي على الحدود العراقية وبالتالي رفض السيد الرئيس بشار الأسد تلك النقاط وكانت المقولة بأن سورية ستبقى ولن تزول فالشعب السوري باق والمقاومة باقية والقضية الأساس هي تحرير فلسطين ومخطئ من يظن بأن سورية من الممكن أن تساوم على القضية الفلسطينية.
وبعد هذه المواقف الواضحة من القيادة السورية كان لابد من البدء باستهداف سورية وعبر وسائل مختلفة إلى درجة أنهم قاموا باغتيال الحريري وبعد مضي تسع سنوات ما زالوا يتحدثون عن محكمة دولية وهم من قتلوه من أجل الضغط على سورية وذلك بداية عبر عودة خمسة عشر ألف جندي سوري إلى الداخل السوري فتوهموا بأنه من الممكن أن تنقلب الأمور وتسقط القيادة السورية وكل ذلك كان مجرد وهم فالجيش السوري يمتلك عقيدة راسخة وكل من الجيش والشعب في سورية يؤمن بقيادته ويثق بقراراتها.
وبعد فشل مخطط اغتيال الحريري لجأ المتآمرون إلى العدوان على المقاومة اللبنانية في عام 2006 وقد فشل العدوان وانتصرت المقاومة وقد أعلن سماحة السيد حسن نصر الله بأن سورية كانت رائدة هذا الانتصار وبعد صمود المقاومة لمدة ستة وعشرون يوما بدأت المناشدات العالمية لإيقاف القتال وتم الاتفاق وانتصرت المقاومة وسورية وإيران وبالتالي ازدادت قوة محور المقاومة وازدادت شعبيته على مستوى العالم.
حتى الصهاينة اعترفوا بأن النصر ما كان ليحصل لولا الدعم السوري وبالتالي لابد من معاقبة سورية لأنها صانعة الانتصارات وقائدة محور المقاومة.
بعد ذلك الفشل بدأت مرحلة جديدة من المخطط التآمري وذلك عبر ما سمي بالثورات الملونة , بداية بدأت الدعوات توجه إلى المفكرين السوريين والإعلاميين والأطباء وأساتذة الجامعات وبمسميات مختلفة منها المحاضرات والمؤتمرات و ورشات العمل وقد حاولت قوى التآمر جذب العقول السورية وبعض الشخصيات واستدراجهم من أجل التمهيد للمرحلة الحالية وما نشاهده الآن من مسميات هو جزء من هذه العملية فكيف لنا أن نفهم بأن شخص مثل ” ميشيل كيلو ” يتعامل السعودية ويعتبر شخصاً مرحباً به وكيف لنا أن نقرأ ما سمّي إتلاف وليس ائتلاف كل هذه التجمعات لم تستطع أن يكون لها قاعدة شعبية لأن الجزء الأكبر من شعبنا واعي لخطورة المرحلة ويعلم الهدف الحقيقي لما جرى في سورية وفي العالم العربي.
وما جرى في تونس يأتي ضمن نفس المخطط فكيف يمكن لشخص بأن يحرق نفسه وما هي حقيقة الموضوع الأهم بأن ما جرى في تونس كان إشارة البدء لتدمير الجمهوريات في الأمة العربية وبعد أن هرب الرئيس التونسي بأمواله ولجأ إلى نظام آل سعود انتقلت الأحداث بعدها إلى ليبيا ومصر كل ذلك هو جزء من هذه المؤامرة وفي تونس لم يكن هناك قائد بل كان هناك رئيس يبحث عن مصالحه وعندما تضررت مصالحه ترك مسؤولياته وهناك فرق كبير مابين القائد والرئيس فالقائد أوصله شعبه الذي آمن بقدرته على قيادة بلاده والنهوض بها كما هو واقع الحال في سورية.
وكل ما يجري اليوم هو حملة على سورية تهدف إلى القضاء على محور المقاومة وتفتيته حفاظاً على أمن الكيان الصهيوني وضمان بقائه.
كيف ترى واقع الحوار الوطني في سورية وما هو سبيل حل الأزمة سياسياً ؟
إن ما طرحه السيد الرئيس بشار الأسد شكل مدخلاً واسعاً لبدء حوار وطني شامل في سورية يعيد إلى الشعب والمجتمع السوري لحمته ووحدته الوطنية ويعزز دوره في إعادة بناء مؤسساته الديمقراطية بشكل يتيح مشاركة جميع أبناء الوطن في الداخل والخارج وإذا كان البعض لديه هواجسه حول مسألة الحوار وجدية القيادة في السير به قدماً إلى الأمام فان الإجراءات التنفيذية التي أسس لها السيد الرئيس عبر تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء والتي واصلت عملها واتخذت العديد من الخطوات المتميزة والتي أتاحت فرص المشاركة البناءة لكل من يرغب من الوطنيين من المعارضة الخارجية ولكل من يؤكد رفضه للتدخل الخارجي بكل أنواعه ويعمل ويطالب من أجل وقف القتل والالتحاق بالأجنبي.
والخطوات التنفيذية التي نفذتها الجهات المعنية كانت أيضاً وفق مراحل متعددة بعضها قرارات وبعضها إجراءات تنفيذية مباشرة وبعضها الآخر يتعلق في تشكيل لجان قادرة على ترجمة ما جاء في الخطاب للوصول إلى واقع ملموس يشعر به ويعيشه الوطن والمواطن في كل قرية ومنطقة ومحافظة ومدينة.
إن الحوار هو الحل الأساسي والطريق الأنجع لحل الأزمة التي تعيشها البلاد منذ أكثر من سنتين ولكن أيضاً مواجهة الإرهاب والإرهابيين الغرباء هو أيضاً في خدمة مشروع الحوار وهنا ينبغي علينا أن نفرق بين الذين استقدموا إلى بلدنا من مختلف أصقاع الأرض ليقاتلوا وينشروا إرهابهم على الأرض السورية ومن جنسيات مختلفة وبين السوريين الذين فيما إذا وضعوا سلاحهم وعادوا إلى ضمائرهم والتجؤوا إلى القانون وإلى الحوار عبر ممثلين سياسيين لهم وفي ذلك إعادة هؤلاء الشباب إلى وطنهم ليمارسوا عملية البناء مع إخوة لهم في الوطن. وإن كانوا يختلفون معهم في المواقف السياسية أو في أسلوب المعالجة.
إن محاربة من حمل السلاح مطلب شعبي مثلما أن الحوار هو مطلب شعبي أيضاً والتوازي في العملين أمر يخدم سورية الوطن ومستقبلها القادم ويؤهلها لتعود مجدداً كما كانت دوماً في طليعة المدافعين عن القضايا القومية وفي طليعة الدول التي تهتم بجميع المواطنين وتقدم لهم الخدمات المجانية وبكل أشكالها من تعليم وصحة وصولاً إلى كل ما يتعلق بحياة المواطن وأسباب معيشته.
إذاً الحوار السياسي هو المطلوب الآن متلازماً مع مكافحة الإرهاب وهذا الحوار هو مسؤولية جميع السوريين وبكافة قياداتهم الحزبية والاجتماعية ونقاباتهم ومنظماتهم من أجل استعادة زمام المبادرة والانطلاق من أجل سورية المتجددة القوية، سورية لكل السوريين وبمختلف مشاربهم وتياراتهم السياسية الوطنية والذين يؤمنون بالعمل السياسي وبالحوار طريقاً أفضل للديمقراطية والتقدم.
– لقد شكل الإعلام جبهة قتال توازي الجبهات الأخرى فما هو واقعنا الإعلامي اليوم في ظل الأحداث الجارية ؟
إن الإعلاميين السوريين ومنذ بداية العدوان على وطنهم قاموا بدور مهم في كشف زيف عدد من القنوات الفضائية المعروفة بولائها وانتمائها للغرب الاستعماري ما دفع الجامعة العربية إلى إصدار قرارها بحجب الإعلام السوري عن الفضاء الخارجي و الجامعة العربية تحولت إلى مؤسسة تديرها مشيخات وممالك البترودولار لتنفيذ ما يملى عليها من الخارج مبتعدة بذلك عن قضايا الأمة العربية ومستقبل أبنائها.
علينا أن نشدد على أهمية دور الإعلام الوطني في إفشال المؤامرة التي تستهدف سورية والتعريف بقضايا العرب المصيرية والتحذير من المخاطر التي تهدد الوطن والأمة إلى جانب المساهمة في عملية بناء الوطن.
إن الحملة الإعلامية المعادية التي تستهدف سورية والتي شكلت قنوات الفتنة والصحف المأجورة وبعض الإعلاميين العرب المأجورين أدوات للعدوان على سورية محاولة لتضليل الرأي العام العربي والدولي والتشويش على السوريين.
وهنا نشدد على أن وعي وصلابة ووطنية السوريين و”القفزة التي حققتها وسائل الإعلام الوطنية من خلال صدقيتها ما عزز ثقة المواطن بها” أدت إلى استهداف قوى الشر والظلام والتكفير للصحفيين والمؤسسات الإعلامية التي قدمت التضحيات شهداء ومخطوفين.
إن الصحفيين السوريين “عملوا في ظروف صعبة ومع القوات المسلحة الباسلة” إيمانا منهم بعدالة ما يدافعون عنه وبأن الكلمة لا تقل أهمية عن الرصاصة وربما تفوقها في بعض الأحيان.
و المؤامرة التي تحاك ضد شعبنا وامتنا في إطار استهداف المقاومة والدول الداعمة لها موضحا أن سورية تدفع اليوم ثمن مواقفها ودفاعها عن القضايا العربية العادلة وإيمانها بالقومية العربية كخيار لا بديل منه في مواجهة مشاريع التقسيم والتفتيت التي تستهدف الأمة.
إن ولاء الصحفيين للوطن لا يتزعزع وخاصة أن المستقبل يتطلب ترميم ما خربته الفتنة في النفوس والعقول.
والإعلاميين والصحفيين السوريين “هم أحد قوى المواجهة” لكشف فبركة وزيف الإعلام المعادي المشارك في جريمة سفك الدم السوري إلى جانب أبطال جيشنا الباسل الذين يصنعون نصر الوطن على الإرهاب ويعيدون مجد الأمة.
علينا أن نثمن تضحيات الصحفيين السوريين واستشهاد عدد منهم أثناء قيامهم بتأدية واجبهم في سبيل الوطن واختطاف وتهديد آخرين وهم مستمرون في القيام بواجباتهم وهم اليوم أكثر تصميما على متابعة مسيرة البذل تكريسا لقيم ومبادئ شرف المهنة والانتماء للوطن وخاصة أنهم قاموا بتطوير ذواتهم ووسائل الإعلام لمواكبة المهام الملقاة عليها وما يجري من تقدم علمي ومهني في عالم الصحافة والإعلام.
إن الصحفيين السوريين تحملوا في جميع مؤسساتهم العامة والخاصة مسؤوليتهم الوطنية وشاركوا في اطلاع الرأي العام المحلي والعربي على حقيقة الأحداث في سورية وعلى جميع الوزارات والمؤسسات للتعاون مع الصحفيين من أجل “إعادة بناء سورية ومحاربة الفساد والفاسدين”.
في الختام أقول أن الهجمة التكفيرية الظلامية ضد شعبنا ووطننا والتي يلعب الإعلام المعادي فيها دورا كبيرا من تضليل وتزييف وكذب ستسقط مع أطرافها بفضل صمود الشعب السوري وإيمانه بوطنه وتمسكه بإنجازاته الوطنية وأتوجه عبر مؤسستكم بالتحية إلى شهداء الصحافة والإعلام وكل الزملاء العاملين من اجل كلمة حرة مسئولة ملتزمة بالوطن وخدمة أهدافه النبيلة.
– كثيرة هي التحليلات التي طالت مسألة تدمير السلاح الكيميائي السوري هل لكم أن توضحوا لنا حقيقة الأمر من وجهة نظركم ؟
إن المبادرة الروسية بشأن تدمير السلاح الكيميائي قد انتزعت فتيل الحرب العالمية الجديدة.
وتأتي أهمية المبادرة الروسية في أنها منعت فتيل الحرب وتلافت خسائر بشرية ضخمة واحتمالات التدمير، مشيرًا إلى أنها فتحت آفاقًا جديدة للحل السياسي في سبيل تجاوز الأزمة والعودة إلى الحياة الطبيعية.
إن سورية تنازلت عن السلاح الكيميائي لأنها لا تفكر في يوم من الأيام لاستخدامه، رغم أنه يبقى أمرًا مهمًا جدًا في السياسة.
إن سورية تدفع اليوم ثمن دفاعها عن القضايا العربية العادلة ودعمها للمقاومة وإيمانها بالقومية العربية كسبيل لنهضة الأمة والوقوف في وجه مشاريع التقسيم والتفتيت التي تستهدفها.
إن السلاح يأتي للدفاع عن النفس لكنك ربما لن تحتاجه سورية استخدمته في السياسة ليس على الأرض حيث منعت الضربة الأمريكية واستقدمنا أسلحة مثل اس 300 وغيرها
إن السلاح الكيميائي كان بوقته مهم لكن الآن التوازن حصل فلدينا حلفاء مثل حزب الله وإيرانوروسيا ودول البركسفإن استغلال الكيماوي من الغرب كان وظيفته تدمير الجيش والدولة السورية
و إنكار وجود السلاح في البداية من مبدأ عدم القول لعدوك ما تملك.
إن اجتماع لافروف وكيري في جنيف واتفاقهما على عقد لقاء جديد، هو خطوة أساسية على طريق الحل، في إطار تنفيذ ما اتفق عليه في قمة بطرسبورغ حول الملف الكيميائي أولا، وموضوع الأزمة السورية بشكل عام.
ولا بد هنا من الإشارة إلى الدور الهام الذي تلعبه روسيا والى مسؤولياتها الدولية في إطار حفظ السلام العالمي وما جرى في قمة شنغهاي يشكل إضافة جيدة للجهود الروسية-الأمريكية لمعالجة الأزمة السورية.
إن الموقف الروسي والصيني محسوم، لأنّه مَصلحة روسيّة – صينيّة، قبل أن يكونَ مَصلحة سوريّة، وهو مَوقف أخلاقي وسياسي لمُوسكو وبكين المُطّلعتَين على الحقائق عبر سفيرَيهما في سورية.
لو ابتعدنا قليلا عن السياسة واتجهنا إلى الواقع المهني ما هو واقع اتحاد الصحفيين اليوم ؟ –
كان اتحاد الصحفيين في الماضي يدعى نقابة عمال الصحافة والطباعة والنشر و كنت عضوا في المكتب أنا والمرحوم أحمد اسكندر قبل أن يصبح وزيرا للإعلام وغيره من الصحفيين الكبار وكان يرأس نقابة عمال الصحافة وقتها الزميل ( صابر فلحوط وقد شاركت في إعداد نظام اتحاد الصحفيين لكن الصحافة آنذاك كانت مقيدة جدا إذ كانت وكالة الأنباء سانا هي المصدر الرئيس للخبر والتي كانت تبث حوالى 250 خبراً يوميا بين أخبار داخلية وخارجية لم يكن ينشر من الأخبار إلا القليل بينما الآن هذا غير موجود بالمطلق وحتى الخبر المحلي كان مركزيا في حين أعطي الصحفي الآن هامشا كبيرا في التصرف بعد أن يحصل على المعلومة وبذلك تظهر مقدرته ومعلوماته وشفافيته المهنية لأنها هي التي تؤسس لمستوى الخبر أو التحقيق أو المادة الصحفية.
إن الانتشار الحالي أفضل كثيرا من السابق فبالمقارنة نلحظ التحديات الجديدة التي ظهرت في الإعلام المرئي والمسموع والالكتروني ووفرة الصحف العربية والأجنبية التي لم يكن يدخل منها إلى البلد أي صحيفة ولا يوجد إلا صحيفتا البعث والثورة وبعد قيام حرب تشرين وجه الرئيس الخالد حافظ الأسد بجريدة تحمل اسم تشرين, أرى الآن أن الهامش مفتوح للكتاب والمحررين والصحفيين ليبدعوا ويكتبوا وينتقدوا وقانون الإعلام الحالي قد أعطى للعاملين في حقل الإعلام حقوقه ووضح واجباتهم وهو قانون عصري.
إن مسيرة الصحفي في الماضي كانت طويلة ومتعبة وفيها جهود جبارة لا يمر فيها الزملاء الآن إذ توفرت لهم ظروف عمل أفضل بكثير.المؤسسة بمجملها لم يكن لديها أكثر من واسطة نقل واحدة في حين الآن وسائط النقل متوفرة والمسألة المادية كانت ضاغطة بشكل كبير على الصحفيين في تلك الفترة ,اذكر أنني في فترة وجودي في مجلس الشعب ساهمت مساهمة مباشرة في تشميل العاملين في وكالة الأنباء السورية سانا بالاستكتاب أسوة ببقية الصحفيين.
لم يكن لدى الصحفي آنذاك إمكانية شراء آلة تسجيل والتقنيات في وكالة سانا كانت قديمة جدا وحتى الاتصالات الهاتفية أي الصورة الخبرية والتي يجب أن ترسل بالراديو من خارج الحدود كانت تستغرق أكثر من ساعة ونصف لتصل الصورة.
وعلى سبيل الدعابة أذكر بأن بعض المسؤولين كانوا يتنكرون لأحاديثهم لأنه لم يكن لدينا آلة تسجيل فقررنا أنا وزملائي شراء آلة تسجيل توضع في خدمة المحررين أثناء السفر أو في المهمات الدقيقة وبالطبع سافرت كثيرا ولمعظم دول العالم ورافقت القائد الخالد في أغلب زياراته الخارجية ,أثناء وجودي في وكالة الأنباء سانا في إحدى السفرات كنت أحمل آلة تسجيل قديمة جثوت على ركبتي لأسجل لأحد المسؤولين الذي كان يتحدث إلى صحفي آخر من البلد الذي نتواجد فيه فجأة توقفت آلة التسجيل حاولت تشغيلها عبثا ومع ذلك بقيت على ركبتي مدة ثلاثة أرباع الساعة بنفس الوضعية وآلة التسجيل معطلة في نهاية الحديث طلبت من الصحفي الآخر الشريط لتسجيله وتذرعت بسبب ما وبالفعل أعارني الشريط سافرنا بعدها إلى بلد آخر وبقي الشريط معي ثم أعدته للزميل عن طريق سفارة بلده.
إن العمل الصحفي تطور والصحافة تطورت لكن الصحف والصحافة بحاجة للمزيد , التقنيات أصبحت متوفرة وعلى كافة الأصعدة لكنها سبقت تطور الأفراد, هناك اجتهادات ومحاولات جادة من قبل الكثيرين والذين اثبتوا جدارتهم وكفاءتهم وهو الدليل على أن الجو متاح لمن يريد أن ينجح والتذرع بأن هناك قيودا وتقييداً للصحفيين هو هروب من الإقدام وتطوير الذات والتضحية والعمل.
كل صحفي ممكن أن يمر بإحباطات لكن الإحباطات يجب أن تقوده إلى مزيد من التصميم والعمل والنجاح ولدعم دوره في مؤسسته الصحفية ودوره في مؤسسته المجتمعية.
ونحن اليوم نعمل بجد من اجل الاهتمام بواقع الصحفيين عبر تنظيم المهنة وهناك قانون نعمل عليه يقسم العمل الصحفي إلى نقابات مختلفة كل وفق طبيعة عمله وكل تلك النقابات تأتي تحت عنوان “اتحاد الصحفيين” أسوة باتحاد نقابات العمال والذي يضم نقابات متنوعة.
وقانون الإعلام الجديد هو مطلب قديم لاتحاد الصحافيين للوصول إلى قانون أكثر عصرية يعطي الفرصة للإعلام السوري والصحافي السوري ليأخذ دورا اشمل في اتجاه تقديم الحقيقة والتعامل مع المعلومة بما يخدم المجتمع وهناك فقرة هامة في القانون تتعلق بمنع حبس الصحافي عبر مادة خاصة، والقانون يتيح حرية أوسع للصحافيين في الحصول على المعلومات ويلزم المسؤولين في الحكومة والمؤسسات العامة والخاصة بإعطاء المعلومات للصحافي ليمارس مهنته.
– كيف تقرأ موقف نظام آل سعود وبعض الدول الإقليمية في الحرب المفروضة على سورية ؟
إن كل المعطيات والإنجازات الميدانية على الأرض السورية توحي بفشل مشاريع تدمير سورية وتؤكد أن لا بديل عن الحل السياسي عبر جنيف اثنين.
و السعودية سوف تتوقف عن عنترياتها وتذعن للإرادة الدولية، ومن يستطيع أن يصدق أن السعودية تستطيع أن تقف بوجه مجلس الأمن؟، والحل العسكري في سورية لن يؤدي إلى نتيجة، ولا بد في النهاية من التوجّه نحو الحل السياسي.
لدى بندر بن سلطان مشروع في إفشال السلام في سوريةوفي ذلك وكأنه يحذر الروس بأن الإرهاب سيطالهم إن لم يغيروا موقفهم من سورية .
السعودية منحت فرصة هي وقطر وتركيا من أجل الإتجاه نحو /جنيف2/
ما يهمنا هو تغيير السياسة التركية وليس الساسة الأتراك فقط, فإن تماسك الدولة السورية وانتصارات الجيش تفرض عليهم إعادة التموضع وإعادة قراءة المشهد والانخراط في المشهد الدولي من جديد دون الداخل التركي.
لا يمكن الآن الحديث عن تغيير في السياسة التركية بل إعادة استدارة لعدة عوامل منها فشل المشروع وإقرار جنيف وهو سبب فشل العدوان على أمريكا كان هناك اتصالات ومحادثات بين روسيا وسورية وكان هناك قرار امريكي بالعدوان وكان يستهدف تدمير عناصر القوة في الدولة السورية وكل مقوماتها.
إضافة للتنسيق بين أمريكا والإرهابيين لاستهداف قواعد الطيران والدفاع الجوي السوري.
– ما هو الواقع الكردي في سورية خصوصا مع ما يشاع حول سياسة الأقاليم ؟
إن الأكراد هم مكون رئيس من مكونات الشعب السوري ولم يتحدثوا عن الانفصال عن الدولة السورية كما إن وجود إدارة محلية في البلدات بعد طردا المسلحين التكفيريين ضروري لرعاية شؤون المواطنين أسوة ببقية المناطق السورية ولا اعتقد أن السلطات المركزية بعيدة عما يجري هناك.
– البعض يخشى امتداد الأحداث الحالية إلى بلدان الجوار بدءاً بلبنان، فما تعليقكم؟
ا أعتبر أنّ الأزمة السورية ستنعكس على الجميع. لكن بالنسبة إلى لبنان، أعتقد أنّ بعض الأطراف اللبنانية التي زجّت نفسها في الشأن السوري، ستتضرّر كثيراً. هناك علاقة تاريخية بين سورية ولبنان، اقتصادية وتجارية ومجتمعية، وهي لن تكون مثلما كانت سابقاً، لأنّ مَن مَوَّل ودرَّب وسلَّح وأرسل واستقبل أيضاً، وآوى المُجرمين، وأعطاهم السلاح ليقتلوا في سورية، ومَن كذب أيضاً وشوّه في الإعلام سيُحاسب.
وأنا أتّهم مَن أعلنوا عن أنفسهم أنّهم مع التمرُّد والمُسلّحين في سورية، ويدعون إلى دعمهم، ومُساعدتهم والعمل من أجل “انتصارهم”. وهذا مجرد وهم فالمقاومة راسخة في ضمير الشعب العربي رغم اختلاف انتماءاته.
– كيف تتوقعون مسار الأزمة في الأيام المُقبلة وهل دخلت سورية في الفتنة؟
أنا استبعد موضوع الفتنة في سورية، هو مشروعهم، واعتقد أن الشعب السوري حتى الآن، فوّت عليهم هذا النجاح، على رغم الضحايا التي دفعتها الشرائح السورية المختلفة. لكن رد هذه الشرائح، لم يكن إلاّ التزاماً بالدولة ومطالبتها بمعالجة الوضع الأمني.
إذا سيكون هناك مزيد من التشديد على أوكار المخربين ومناطقهم، ومزيد من الدعوة إلى الحوار السياسي، ومزيد من الاستمرار في الإصلاحات الداخلية.
ما هو تعليقكم على قضية خطف الراهبات من دير مار تقلا في معلولا ؟
أولا استنكر استنكارا شديد لقيام مسلحين باحتجاز عدد من الراهبات واختطافهن من الدير في بلدة معلولا بعد السيطرة عليها إن بلدة معلولا ذات أهمية رمزية للسوريين في سورية، وتؤكد الكتابات المنحوتة على جدران بعض الكهوف الموجودة في سفح الجبل الذي تقع عليه معلولا أنها واحدة من أقدم الحواضر المسيحية في العالم ومازال بعض سكانها يجيدون التحدث بالآرامية، وهى اللغة التي كان يتحدث بها السيد المسيح.
ومن قام بهذا العمل هم المجموعات المسلحة المجرمة والهدف هو الضغط على القيادة العسكرية والسياسية.
– ما هي نظرتك إلى ما تسمى بالمعارضة الخارجية ؟
إن الأمة العربية تمر في مرحلة مفصلية في تاريخها فإما أن تنهار وإلى قرون طويلة، وإما أن تلملم جراحها وتستعيد أصالتها وتاريخها وتنهض من جديد لتشارك في صناعة التاريخ، مؤكداً أن التجمع يُعبر عن حقيقة المواطن العربي المقاوم في جميع البلاد العربية.
إن قوى التآمر التي اجتمعت في الدوحة وتنازلت عن كل الحقوق في سبيل الوصول إلى الحكم على حساب خراب ودمار سورية وقتل شعبها ستهزم وستكون سورية كما كانت عبر التاريخ نقطة التحول في المنطقة والعالم، و سيسجل لسورية وشعبها وقيادتها بأنها أنقذت المنطقة والعالم من شذاذ الآفاق والمجرمين.
إن ما تتعرض له سورية هو استهداف صهيوأمريكي عربي لوقوفها مع قوى المقاومة والممانعة وبعد فشلهم في الحروب التقليدية حاولوا إسقاطها برياح الفتن الطائفية وبمشاريع تستهدف الشعوب قبل الحكومات، ونحن نأسف إلى انخراط دول عربية في المشروع الصهيوني من خلال توفير المال والسلاح والإعلام للمسلحين الذين يقومون بأعمال التخريب في سورية.
إن القيادة السورية دعت بلسان السيد الرئيس بشار الأسد إلى الحوار لمعالجة الأزمة، لكن غربان الشؤم عقدوا العزم على دعم المخربين بالسلاح والمال وتحالفوا مع العثمانية الجديدة خدمة للمشروع الصهيوأمريكي لتخريب سورية فاستهدفوا البنى التحتية ودمروا المدارس واغتالوا العلماء ولعل الهجمة الأخطر تلك التي تناولت وسائل الإعلام والصحفيين.
إن الشعب السوري الصامد والقوميين والوطنيين في هذه الأمة لن يسمحوا بكسر كبرياء سورية أو المساس بكبرياء الرئيس الأسد، مؤكداً أن بشائر الانتصار بدأت بالظهور وأن التكفيريين وداعميهم قاب قوسين أوأدنى من السقوط.
– ما هي رسالتكم عبر مؤسسة دام برس الإعلامية ؟
إن ما تتعرض له سورية من إرهاب يأتي في سياق حملة شرسة تستهدف محاولة تدميرها لصالح أعدائها وثنيها عن مواقفها الوطنية والقومية.
والشعب السوري سينتصر على الإرهاب بتلاحمه وتكاتفه ولن يسمح لقوى الظلام والتعصب أن تحقق أهدافها القذرة رغم اعتمادها على دعم قوى خارجية تخدم أعداء الأمة.
إن ما تتعرض له سورية وما ترتكبه المجموعات الإرهابية المسلحة من قتل وتدمير واستهداف للقدرات والبنى التحتية إضافة إلى الحرب الإعلامية الشرسة التي تمارسها القنوات الإعلامية المغرضة لقلب الحقائق والتحريض و الإعلام الوطني قدم أكثر من خمسين إعلامياً مابين شهيد ومختطف ومصاب ولكنه استطاع امتلاك زمام المبادرة وتقديم الصورة الحقيقية لما يجري بكل جرأة ووضوح.
إن ما يجري في سورية من إجرام وتخريب ودمار ممنهج لن يستطيع تحقيق غاياته الدنيئة في سورية قلب العروبة وقلعة الممانعة وقبلة النضال والموقف المقاوم والممانع الذي لم يزاود على قضية العرب الأولى فلسطين ولم يدخل متاهات السياسة الدولية الملتبسة ” موضحين أن أعداء سورية لن يستطيعوا مهما حاولوا التفرقة بين أبنائها.
إن ما تتعرض له سورية يأتي في سياق الهجمة لقوى الامبريالية العالمية الباحثة عن حل لمشاكلها على حساب تفتيت المنطقة وتحويلها إلى أجزاء لتعزيز وجود الكيان الصهيوني الغاصب.
إن الصحفيين السوريين يواجهون هذه الأيام أخطر أنواع التضليل الإعلامي ويعملون بكل مسؤولية وطنية من أجل تنوير الرأي العام العربي والعالمي ووضعه أمام مسؤولياته الإنسانية والقومية إزاء ما يحدث في سورية.
تصوير تغريد محمد