فرنســــا نحـــــو الكارثـــــة

 

الأزمة التي تعيشها فرنسا حالياً تشتد أكثر فأكثر بحسب فرانسوا آسيلينو رئيس حزب الاتحاد الجمهوري الشعبي (UPR) الذي يرى أن الأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية والوضع السياسي مضطرب كما لم يكن من قبل .

يقول آسيلينو : ما أراه اليوم أن فرنسا تندفع نحو الكارثة فالنظام السياسي مرتهن لبعض الأشخاص لقد وصل إيمانويل ماكرون الى هذه النتيجة لأن وسائل الإعلام لم تتوقف لحظة عن ترويجه حيث استفاد من تغطية إعلامية ضخمة لقد اخترع  الأمريكيون نوعاً من قانون انتخاب مفاده : بقدر ما تروج لشخص وترفع من مكانته وبقدر ما يظهر على وسائل الإعلام لمئات الساعات بقدر ما يحصد أصواتاً في صناديق الاقتراع أي أن العملية دعاية وغسيل أدمغة فمنذ بداية العام 2017 بدأت حملات بروباغندا لماكرون لم يسبق لها مثيل فمثلاً خصص له خلال أسبوع 75% من الوقت الذي منح لجميع السياسيين للظهور على إحدى القنوات (BFM) وحتى الآن  لا نعرف ماهو برنامجه لقد تم انتخابه بالاحتيال الإعلامي والسياسي والأخلاقي وجعلوا الفرنسيين يصدقون أنه يحمل جديداً لفرنسا .‏

ومن النخب السياسية والثقافية كثيرون عبروا أيضاً عن استيائهم من فوز ماكرون في الجولة الأولى من الانتخابات منهم الباحث والمحلل السياسي جان بريكمون الذي قال : إن النفوذ الإعلامي وجهلهم بالتاريخ قد يجعلان من ماكرون رئيساً وهذا يعني أن النظام السياسي الفرنسي يعاني من أزمة مؤسساتية كبرى وأزمة في الأجهزة وفي النخب , لقد تم دعمه من كامل منظومة الإعلام من برنارد هنري ليفي من جماعة المصارف من الفرنسيين الذين يشاهدونه في التلفاز ويرون فيه شاباً جذاباً وأنه سيغير كل شيء كما أنه ليس من اليمين ولا من اليسار أي هو خارج النظام السائد , من المرعب أن نرى سيطرة وسائل الإعلام بهذا الشكل على الشعب الفرنسي .‏

ماكرون لم يتم انتخابه يوماً في بلدية ولا في برلمان فقط مارس العمل المصرفي ثم دخل حكومة هولاند الذي وجد فيه شخصاً لا شعبية له فقرر أن يجعل منه نسخة عنه ونجح في ذلك , لقد حصل ماكرون على نسبة 24,9% من أصوات الناخبين الباقون طبعاً لا يحبونه وناخبو فيون لا يريدونه لكن سيصوتون له بزعم إنقاذ الجمهورية كما سيفعل ناخبو جان لوك ميلانشون , بالطبع هذا مثير للسخرية لأن مارين لوبين لن تطيح بالجمهورية كما روجوا لها وهي ستجد نفسها بمواجهة شعب يعاديها بما يكفي , الحقيقة أن الناس صوتوا له لتجنب فوز مارين لوبين حتى في الدورة الثانية سيصوتون له للسبب ذاته أي أن التحريض ضد لوبين هو الذي دفع بهذا الاتجاه لتجنب فوز اليمين المتطرف ولم يصوتوا لفرنسوا فيون لأنه اغتيل سياسياً بإثارة قضايا ضده تم تداولها في الآونة الأخيرة , ماكرون لا يملك أي قاعدة شعبية من التي كانت تتوفر لأي من أسلافه وهو وريث الحزب الاشتراكي وقد تكون الفكرة فيها مفارقة لكنه منتج صاف لهذا النظام مع أنه يبدو من خارجه والجميع بات يقول ” نحن متعبون من السياسة التقليدية”  .‏

لكن الذي حدث هو زلزال سياسي حيث أقصي المرشحون الأهم بالدورة الأولى وهذا الإقصاء يعكس سخطاً عميقاً لدى المجتمع الفرنسي وليس من السهل حل المشكلة لأنها تتعلق بشكل أساسي بغياب سيادة فرنسا على قراراتها الخاصة , الفرنسيون كشعب له تاريخه وهويته لا يقبل بذلك لقد حجبت وسائل الإعلام الأجواء بدخانها بحيث وجد الناخبون أنفسهم يتوجهون فقط نحو ماكرون الذي سيكون من الصعب جداً عليه أن يحكم كما أنه من المحزن أن نرى رئيساً لفرنسا لا يعترف بثقافتها .‏

نعتقد أن الانتخابات النيابية القادمة ستكون صعبة جداً بالنسبة له فمن المؤكد أنه لن يستطيع استقطاب الغالبية اللازمة له في البرلمان القادم .‏

 

اخبار الاتحاد