بريشة ومنحوتات فنانين شباب اتسمت بعضها بالجرأة والقيمة الفنية العالية وحاكت واقعهم المعيش افتتح معرض الربيع السنوي ظهر اليوم في خان أسعد باشا بمشاركة أكثر من سبعين فنانا وفنانة من مختلف المناطق السورية.
هذه التظاهرة الفنية التي تقيمها مديرية الفنون الجميلة بوزارة الثقافة بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين تميزت العام الحالي بتنوع الأفكار والمواضيع والأساليب التي عمل عليها المشاركون محاولين إدخال إسلوب معاصر على أعمالهم التشكيلية.
وتنوعت الأعمال بين فنون التصوير الزيتي والنحت والغرافيك والخزف متناولة المرأة والطبيعة وحالات إنسانية بمختلف مناحي الحياة وفق مدارس تشكيلية متنوعة وذائقة فنية خاصة لتكون هذه الأعمال بمثابة بداية الطريق الفني لهؤلاء الشباب الذين عبروا بريشتهم ومنحوتاتهم عن أحاسيسهم ومشاعرهم تجاه الموضوع الذي شاركوا فيه مستفيدين من تحصيلهم العلمي على مدى سنوات الدراسة الأكاديمية في هذا المجال.
وفي تصريح للصحفيين أكد معاون وزير الثقافة علي المبيض أن معرض الربيع السنوي تجربة ناجحة وفرصة للفنانين الشباب في إظهار مواهبهم وأعمالهم الفنية لافتا إلى أن لوحاتهم عكست تنوعا في الأفكار والمواضيع والأساليب.
وبين المبيض أن معرض الربيع السنوي يعد من أهم الفعاليات التي ترعاها وزارة الثقافة بهدف تحفيز المواهب الشابة للانطلاق نحو مستقبلهم في عالم الفن التشكيلي مشيرا إلى أن هناك جوائز تشجيعية للأعمال المتميزة في المعرض حيث تم اختيارها من قبل لجنة فنية مختصة وفق معايير فنية.
رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين الدكتور إحسان العر أشار في تصريح مماثل إلى وجود أعمال متميزة تضاهي أعمال الفنانين المخضرمين من حيث التأليف والموضوع والتقنية مبينا أن هؤلاء الشباب هم القيمة الجديدة للحركة التشكيلية السورية وهذه المعارض تمنحهم الخبرة والتجربة من خلال الاطلاع على تجارب اقرانهم.
وغاية وزارة الثقافة من هذه المعارض بحسب مدير مديرية الفنون الجميلة عماد كسحوت دعم الشباب بكل الإمكانات ومحاولة إظهار مواهبهم لتكون استمرارا للفن التشكيلي السوري العريق مبينا أن هؤلاء الشباب امتداد للفنانين المخضرمين ويبشرون بمستقبل تشكيلي سوري يحمل التطور الفني والإنتاج الغزير والسوية العالية التي تليق بالفن السوري.
ولفت كسحوت إلى منح جوائز تشجيعية للأعمال المميزة في كل اختصاص إضافة إلى وجود جائزة لجنة التحكيم وجائزة كبرى مؤكدا أن اختيار الأعمال الفائزة كانت بإشراف أساتذة كبار في عالم الفن التشكيلي.
عضو لجنة التحكيم الفنان التشكيلي الدكتور طلال معلا أكد في تصريح ل”سانا” أنه تم تقييم الأعمال المشاركة بالنظر إلى الموضوع والتقنية والأسلوب لافتا إلى أن اشكالية هذه المعارض أن الشباب يذهبون إلى المواضيع بشكل مباشر في حين من المفترض أن يتوجهوا إلى التشكيل وجمالياته الأمر الذي لا يتنافى مع المذاهب والمدارس الفنية.
وقال معلا “نلاحظ الفنان الشاب لديه فكرة ويحاول أن يجسدها كصورة وهذا الزمن تم تجاوزه بعد سلطة الصورة على المستوى العالمي وانتشار وسائل الإعلام المتنوعة بينما في الفن من المفترض أن تكون جماليات التشكيل هي الاساس” داعيا المؤسسات المعنية بتقديم المهارات والتجارب لجيل الشباب أن يتبعوا أسلوب النصوص الأدبية وتجسيدها من خلال ورشات عمل مباشرة مع فنانين محترفين ليتم تنفيذها بطريقة تجريبية من قبل هؤلاء الشباب.
ورأى معلا أن كل النشاطات التي تعنى بالثقافة الفنية والكتب التي تصدر عن الفن التشكيلي ليست بالحجم الذي يمثله التشكيل بالنسبة للإبداع في سورية مؤكدا أن العملية متكاملة بين مختلف الجهات بهدف رؤية ما يحدث في العالم اليوم و ليكون الشباب أول المنطلقين بهذا الأمر لأن تجارب الفنانين الكبار مستقرة ومن الصعوبة أن يتحولوا إلى مفاهيم جديدة لكن الشباب هم القادرون للتحول إلى مفاهيم جديدة.
وجاءت مشاركة الفنانة صبا رزوق وهي مدرسة في كلية الفنون الجميلة بدمشق وكلية الهندسة المعمارية بجامعة تشرين من خلال لوحة تشكيلية جسدت من خلالها الأنثى التي هي بنظرها أساس كل شيء في الحياة معبرة من خلال وجهها عن القوة والضعف والحب والحنين مستخدمة ألوان الأكريليك .
ولفتت رزوق إلى أن وزارة الثقافة تحاول من خلال هذه المعارض تشجيع طلاب الفنون الجميلة ليقدموا أعمالهم الفنية وتمهد لهم الطريق لبداية مشوارهم الفني مستفيدين من خبرة بعضهم البعض ومن خبرة فنانين مخضرمين في الفن التشكيلي.
وكان للخزف نصيب في هذا المعرض فجسدت النحاتة سوزان الحلاق من خلال عملها النحتي “ظهور” الآثار السلبية للحرب على سورية مبينة أن هناك انبثاقا للشمس من جديد على وطننا بتقنية الصلصال المشوي لافتة إلى الفرصة المهمة التي يقدمها المعرض للفنانين الشباب لإظهار مواهبهم وابداعاتهم .
بطريقة تدوير الأقمشة القديمة صنعت الفنانة نسرين طريش بكلولاج القماش لوحتها وجسدت من خلالها وبطريقة الخياطة اليدوية فتاة حزينة مع مجموعة من الأشكال الهندسية التي تمنحها الفرح والأمل والتفاؤل معبرة عن سعادتها في هذه المشاركة التي تمهد لها الطريق بحسب رأيها لبداية مشوارها الفني.
وحاول النحات هشام المليح المزج بين المادة العلمية والفنية في عمله النحتي الذي حمل عنوان “بوسيدون” إله البحر مركزا في عمله على استخدام خشب الزيتون الذي يمنحه القدرة على تبني موضوعه واظهار الشكل الفني للمنحوتة.
وبإسلوب معاصر حاول الفنان قتيبة معمو تقديم عمله الفاتنازي مستخدما الألوان الزاهية لكسر الجمود والألوان الكلاسيكية الترابية في الأعمال التي تعنى بالصوفية.
يذكر أن معرض الربيع السنوي خفض في دورة العام الماضي سن المشاركين من 40 إلى 35 عاما مع اعتماد نظام الجوائز للمرة الأولى بهدف تشجيعهم وإتاحة المجال أمامهم لإثبات وجودهم.