أكسم طلاع
يبقى الشباب هم الطاقة المجددة للحياة، وتبقى الفنون مرآتها النظيفة، هذا ما أكده شبابنا الفنانون في معرض الربيع السنوي لهذا العام الذي افتتح في خان أسعد باشا وضم عدداً من الأعمال الفنية المتنوعة في اتجاهات النحت والخزف والحفر والتصوير الزيتي، وقد تم التعامل بنظام الجوائز لخلق مناخ التحفيز في فنون الشباب القادمة إلى المشهد التشكيلي، رافدة إياه ومجددة في الحصيلة النهائية الثقافية، ومواكبة للتطورات الفنية على المستوى العربي والدولي، خاصة في هذا الفضاء المفتوح من خلال قنوات التواصل الاجتماعي وأدوات الإعلام الجديدة التي وفرت للفنانين الشباب فرص الاطلاع على الكثير من التجارب الجديدة، في وقت لم يكن يستطيع الفنان أن يتعرف على هذه التجارب البعيدة إلا بالعناء والسفر، لكن الانفتاح الجديد أمام الفنانين الشباب وما رافقه من أحداث سياسية وتحولات على مستوى الثقافة والفكر والفنون، جعل الكثير من المسلمات والأساسيات الفنية متوفرة، ومتاح التجديد والتجريب فيها بعيدا عن سطوة التقليد والمراوحة في المكان، وبالأخص على مستوى التقنيات والأدوات الفنية وغايات العمل الفني وطريقة العرض.
ويجب أن نعترف أن الإمكانات المتوفرة تتيح لجميع الفنانين تقديم رؤاهم بالطريقة والتقنية التي تستطيع أن تخدم فكرة الجمال، فمديرية الفنون الجميلة التي تقوم على هذه المعارض السنوية – معرضي الخريف والربيع وبعض الملتقيات – استطاعت أن تكون الدائرة الأكثر جهدا وصدقية في تأمين متطلبات هذه المعارض والدعوة لها دون فرض أي شروط أو تحديد الموضوع، بل جعلت الباب مفتوحا لكل الأفكار الجديدة، فدعت إلى المشاركة بأعمال الفيديو آرت والأعمال التركيبية، المشاركات أقل من خجولة ومبرر ذلك أن الفهم الراسخ للعمل الفني لم يتجاوز لوحة الحامل أو منحوتة الحجرة إلى الآن!؟، وينطبق هذا التساؤل الجديد على المستويات العمرية المتقدمة من الفنانين وعلى اتحادهم أيضا الذي لم يتجاوز دوره النقابي إلى دور ثقافي محفز للاتجاهات الجديدة في الفن والتعبير، وتطوير أدوات التأثير الفنية في تعزيز ذائقة منافسة تحرص على الحداثة حرصها على الهوية في الوقت ذاته، دون اتهامات مسبقة لأصحاب التجارب الجديدة، والأمل معقود على الشباب، أولئك الذين يذهبون إلى الفكرة بحماسة المحب وشجاعة المتيقن من وصول العمل الفني إلى تحقيق غايته الجمالية والفكرية.
بالمستوى العام الأعمال المقدمة في معرض الشباب لهذا العام مبشرة، والبعض منها يتفوق على أعمال العديد من الفنانين المخضرمين الذين شاركوا في معرض الخريف، وقد أقتنيت أعمالهم من قبل الوزارة!، ولا نعنى بالمقارنة إلا للتأكيد أن الموهبة الجديدة والتجربة الشابة تستحق دعما ورعاية أكثر, تستحق إيجاد طرق جديدة لاستقطاب أولئك الفنانين وعرض أعمالهم من خلال الملتقيات التي يدعى إليها الفنان الشاب إلى جانب الفنان المخضرم.
والجوائز التي حصلت عليها الأعمال الفائزة تعتبر جوائز مستحقة بجدارة قياسا لبقية الأعمال، ولم تحجب أي جائزة بل تعددت وتنوعت لكل اختصاص جوائزه، وجاءت الجائزة الكبرى لجميع الاختصاصات، كالفنان الشاب أحمد طلاع، كما حصل الفنان إياد نصيرات على الجائزة الأولى في الغرافيك وهو الحاصل على هذه الجائزة لأكثر من دورة كما حصل أحمد العلان وجوليا أشقر وغفران سليمان ويارا عزام كل منهم على جائزته في فن الحفر، الذي احتل المكان الرحب في المعرض إلى جانب التصوير، حيث حصل سامي الكور على الأولى فيه وسليمان أبو سعدة وأسمى الحناوي، كما حصلت منيرفا مرعي على جائزة لجنة التحكيم المؤلفة من عدد من أساتذة الفنون الجميلة والفنانين، والتي راعت شروط العمل الفني ومنح الجائزة لمستحقيها بالاتفاق.