عباس ضاهر:
لم يغب يوماً منذ بدايةالازمة السوريةعام 2011، الحديث عن مشروع لتقسيم الجغرافية السورية. ليس صحيحا ابدا الكلام حول دور الاميركيين الآن بعد فشل الرهان علىالمعارضة السوريةفي تغيير النظام. اساسا لم تقدمواشنطندليلا عمليا واحدا على انها كانت ترغب في اقتلاع الدولة السورية. كل المحطات التي سجلتها السنوات الست الماضية كانت تؤكد ان الاميركيين يسعون لممارسة الضغوط على دمشق، لفرض سياسات استراتيجية مختلفة، وسحب الشام من الحلف الذي تتزعمهايرانفيالشرق الاوسط. الهدف الاساسي بالنسبة الى الولايات المتحدة هو اراحة الاسرائيليين. لم يقدّم النظام في سوريا سوى ورقةالسلاح الكيميائيعام 2013، بعد استعداد الادارة الاميركية لضرب سوريا. بقي الرئيس السوريبشار الأسدعند قناعاته وتحالفاته، رغم كل المد والجزر العسكري في الاحداث السورية.
في الاسابيع الماضية تغيرت المعادلة الميدانية: انجازات عسكرية شمالا، مصالحات تتوسع في ارياف دمشق وحمص، والبيئة اصبحت مؤاتية جنوبا لتسوية اوضاع المسلحين التائبين. لم ترض اسرائيل بتطورات الساحة السورية. اعلنتتل ابيبصراحة ترسيخ احتلالها للجولان، والسعي لحفظ الحدود مع سوريا، كي تبقى المناطق المحتلة آمنة. لم يقبل السوريون بالاملاءات الإسرائيلية. جاءت الضربات المتتالية. لكن دمشق لم ترضخ.
تباينت القراءات حول التجمعات العسكرية الأميركية والاوروبية في الاردن. هناك من جزم بأن الاستعراض رسالة لداعش. وآخرون اعتبروا ان الغرب يريد تقسيم المنطقة بدءا من الجنوب السوري الباحث السوري الدكتور عماد شعيبي، يقول: ان الأميركيين يريدون بخبث انتزاع قيمة سوريا الجيوبوليتيكية، بإنشاء منطقة عازلة في الشمال تعزل سوريا عن تركيا وأوروبا، وتستولي على الشمال الشرقي والشرق والبادية والجنوب، فتحيل سوريا إلى جزيرة معزولة عن أوروبا وآسيا جيوبوليتيكياً، وتقيم كياناً كرديا بكونفيدرالية مع ما استولت عليه في الشرق والشمال الشرقي و الجنوب والجنوب الشرقي وتعزل سوريا عن إسرائيل وبالتالي القضية الفلسطينية، فتنهي قيمة الجغرافيا الاستثنائية التي تتمتع بها سوريا وكانت موضع الصراع عليه وقيمة استثنائية لوجودها بالمنطقة.
بحسب الباحث شعيبي: إن قيمة سوريا (الفالقية) هي:
1-انها على نقطة تقاطع بين آسيا وأوروبا و إفريقيا وقد انتزعت منها فلسطين فعزلت عن إفريقيا واليوم يراد عزلها عن أوروبا شمالاً وآسيا شرقاً.
2-قيمة سوريا أنها المنفذ الوحيد المتصل بين كل البر الآسيوي والبحر المتوسط، وهنا يراد من الاستيلاء على شرقها قضم هذه الميزة الجيوبوليتيكية وتحويلها إلى شبه جزيرة بمنفذ وحيد على البحر.
بالاستيلاء على وبعض من القنيطرة تكون سوريا قد عزلت كليّاً عن القضية الفلسطينية و بالتالي عن مبررات أي حكم فيها مؤسِسسة له منذ الاستقلال 1946.
الاسابيع المقبلة حاسمة، لرسم معالم المرحلة. هل ترضى موسكو بالتقسيم في سوريا؟ هل ترغب فعلا في اجهاضه؟ كل المؤكد ان سوريا دخلت مرحلة جديدة، بعد فشل كل الرهانات السابقة. لكن عناوينها السياسية مفتوحة في كل الاتجاهات. الحلفاء صامدون الى جانب دمشق، لكن اسرائيل قادرة على تسويق مشروعها دوليا، وهنا الخطورة في الجنوب السوري.