تقسم الحروب وفق مراحلها إلى ثلاث مراحل: هي الافتتاحية والرئيسة والختامية.. وتأخذ المرحلة الافتتاحية أهمية في الحروب الحديثة حيث يعوّل الطرف المعتدي من خلالها أن يحقق حوالي 70%
من أهدافه, وتتميز أسلحتها بأنها مركبة سياسية واقتصادية وأيديولوجية ونفسية وإعلامية وأمنية وعسكرية وهذا ماحصل في المرحلة الافتتاحية من العدوان على سورية التي امتدت حوالي العامين ونتائج هذه المرحلة تلقي بظلالها على المرحلة الأساسية أو الرئيسة,
وإن فشل العدوان في تحقيق أهدافه يدفعه إلى الانتقال إلى المرحلة الرئيسة والضغط بكل ثقله وتحديداً العسكري لتعويض الإخفاق في المرحلة الافتتاحية, وفي العدوان على سورية تتمثل المرحلة الرئيسة في مجريات ماحصل في الميدان العسكري خلال العام 2013 الذي شهد تصعيداً عدوانياً إرهابياً كبيراً وكانت النتيجة تكدس الإخفاق في المرحلة الافتتاحية على فشل العدوان في المرحلة الرئيسة, وتالياً بدأت المرحلة الختامية في نهاية العام 2013م, وتحديداً بعد تحديد موعد مؤتمر «جنيف2», ودائماً عنوان المرحلة الختامية هو مزيد من الهستيريا ومحاولة تحسين شروط التفاوض السياسي واستثمار نتائج المراحل السابقة, وانطلاقاً من مجريات العدوان على سورية ومراحله ونتائجه يمكن القول: إن إنجازات الجيش العربي السوري في العام 2013م أحبطت حلف العدوان والإرهاب ودفعته إلى المرحلة الختامية وهو في حالة ضعف ميداني وتلقائياً سياسي, ويمكن القول: إن المرحلة الافتتاحية التي امتدت من آذار 2011م وحتى كامل العام 2012م اعتمدت فيها الاستراتيجية العسكرية السورية على الاحتواء والصد المركب السياسي والإعلامي والعسكري واستنزاف قوى العدوان وكشف خططه ونياته والعمل على استقرار خط الجبهة الوطنية شعبياً وعسكرياً أي مايسمى خوض الدفاع الاستراتيجي ولايعني الدفاع الاستراتيجي أنه دفاع محض بل تتخلله معارك وعمليات هجومية تعزز الصمود وقدرة الصد كما حصل في عملية تطهير بابا عمرو في شباط عام 2012م التي عدّت نقطة تحول أجبرت العدوان على رفع راية العملية السياسية ولو نفاقاً ومناورة, وكان «جنيف1» في أواخر حزيران 2012 م, وكم سمعنا من أطراف العدوان عن أوهام «معارك كبرى وصغرى وملاحم وزلازل وبراكين وساعات صفر» وتهديد بالتدخل العسكري وسقوف فضائية وتحطمت جميعها على صخرة الدفاع السوري وتالياً إخفاق حلف العدوان بشقيه الخارجي والداخلي الإرهابي, أي الأصيل والوكيل دفع حلف العدوان والإرهاب إلى الانتقال إلى المرحلة الرئيسة في بداية عام 2013 م وبدأ بعدوان إسرائيلي على جمرايا في نهاية كانون الثاني مطلع العام وتم تكراره في أيار من العام نفسه «لقلب موازين القوى» وبدأ العدوان الخارجي يكشر عن أنيابه باتهام سورية باستخدام الكيماوي والتهديد بالحظر الجوي وتسريب خطط عدوان عسكري ونصب بطاريات البتريوت في تركيا والأردن وحشد البوارج الأمريكية بالتوازي مع دعم لامحدود للعصابات الإرهابية ومجاميعها المؤلفة بلا حدود ولاقيود لتعويض الإخفاق السابق مع المحافظة على الهدف الاستراتيجي للعدوان بإسقاط منظومة الدولة السورية, لكن البراعة الاستراتيجية للدولة السورية وتحديداً العسكرية اعتمدت الانتقال إلى الهجوم المعاكس العام بعد أن قبضت على المبادرة الشعبية والسياسية والعسكرية, وبدأت رحلة الإنجازات التي بدأت من عملية الطوق لمجاميع الإرهاب في الغوطة الشرقية التي كانت تشكل أخطر المجاميع كماً ونوعاً وتسليحاً وقيادة وارتباطاً مع الخارج وبقربها من العاصمة وتم تنفيذ العملية الخاطفة من تطهير محيط مطار دمشق الدولي باتجاه حران العواميد إلى العتيبة التي تم تطهيرها والتي أغلقت أخطر بوابات الدعم من وإلى الغوطة الشرقية وخلقت المناخات للتقدم والتطهير لكثير من البلدات وإحكام الطوق الناري والقتالي شرقاً وبالتوازي الضغط من اتجاه برزة والقابون وجوبر وصولاً إلى المليحة وحتيتة التركمان وفصل الغوطة الغربية عن الشرقية وفق رؤية استراتيجية واضحة الهدف والمراحل والتكتيكات والمناطق والأولويات والأسلحة.بدأت القوات المسلحة العربية السورية بتقطيع الأوصال على المستوى الاستراتيجي بين المحافظات وعدم تمكين العصابات الإرهابية من المناورة بين المناطق والمحافظات أي مايسمى حرب المحاور والخطوط ونفذها الجيش العربي السوري ما مكنه من تحسين شروط مناورته وتقييد مناورة العصابات الإرهابية وهذا مامكنه من تنفيذه اللاحق من العمليات وكان التالي معارك القصير غربها وشرقها ومعركة تطهير القصير التي قصّرت عمر الإرهاب وأسقطت مشروع الإخوان المسلمين, وبدأت تداعيات النصر تصل إلى قطر وتركيا وغيرها وهذا ماحسّن المناخ لمتابعة العملية في المنطقة الوسطى في نهاية حزيران عام 2013 م وتطهير الخالدية وحصر ماتبقى من العصابات الإرهابية في خناق ضيق في شمال حمص كالرستن وتلبيسة والدار الكبيرة وبعض قرى الحولة وبعض أحياء حمص القديمة وغير القادرة على المناورة من المنطقة وإليها, وتالياً أقلعت ماكينة الجيش العربي السوري بتسارع وثقة شمالاً وجنوباً باتجاه ريف إدلب وعلى قاعدة الصمود الأسطوري في وادي الضيف ومطار أبو الضهور وغيرها تم تطهير الكثير من المناطق الاستراتيجية كأريحا وطريق إدلب – اللاذقية وجبل الأربعين.. وعند لجوء العصابات الإرهابية إلى محاولة تغيير موازين الميدان بالهجوم على ريف اللاذقية الشمالي وارتكاب مجزرة بحق الأبرياء كانت استجابة ومناورة الجيش العربي السوري سريعة وتم سحق العصابات الإرهابية وإعادة الوضع إلى أفضل مما كان عليه, وبالتوازي تم القبض على داريا بإخراجها من دائرة الخطر مع المعضمية وأصبحت لاتقلق ولاتؤثر في موازين القتال مع تطهير خربة غزالة وتأمين طريق درعا, وتحركت ماكينة الجيش العربي السوري شمالاً بفتح طريق السلمية – خناصر على مسافة 200 كم وتطهيره وتأمينه والانطلاق لاحقاً وتطهير السفيرة ومابعدها كتل عرن وتل حاصل ومحيط مطار كويرس تضييق الخناق على ماتبقى من عصابات إرهابية في حلب القديمة من اتجاه الشرق وتأمين السيطرة على طريق حلب – الرقة وحلب – الباب وفتح شريان الحياة لأهلنا في حلب وفك الحصار عنها.. وبالرغم من استخدام العصابات الإرهابية السلاح الكيماوي في خان العسل لاستدعاء التدخل العسكري لم تفلح في أهدافها, وعادت ولجأت إلى وهم الهجوم على دمشق من الغوطة الشرقية في آب عام 2013 م وأحبط وسحق الجيش العربي السوري محاولتهم ولجؤوا إلى استخدام الكيماوي مرة أخرى لاستدعاء التدخل العسكري وفق سيناريو أمريكي صهيوني سعودي وفشلوا وبدأت مدحلة الجيش العربي السوري بالتقدم باتجاه الغوطة الغربية من الحسينية إلى الديابية والبويضة والسبينة وحجيرة وبيت سحم لدق آخر مسمار في نعش العصابات في تلك المنطقة وتطهيرها ونسف أحلام التواصل بين الغوطتين , وبهذه الواقعية التي أخذت مؤشراتها تقول إنه لايمكن لما تبقى من فلول الإرهابيين الثبات أمام الجيش العربي السوري وإن مشروع الإرهاب بدأ يتهاوى وينهار وبعد اتفاقية الكيماوي السوري مع منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية وانكفاء العدوان الأمريكي العسكري المباشر واتفاقية إيران مع الدول الست وبدء الإرهاب برحلة العودة إلى الدول التي أتى منها ومؤشرات المشهد الأخير من المرحلة الرئيسة وتلاشي أحد الأذرع الإرهابية للعدوان المسمى الجيش الحر, عندها لجأت غرف العمليات في الأردن إلى تنفيذ آخر الخطط ونقل المعركة إلى منطقة القلمون لأهمية القلمون الجغرافية والبشرية والطبوغرافية بالنسبة لسورية والمقاومة في لبنان وعدّها أم المعارك وبدأت عصابات الإرهاب بارتكاب المجازر في صدد ومعلولا ومهين وغيرها وتجمعت فلول الإرهاب في القلمون إضافة إلى الاحتياط الإرهابي من شمال لبنان وكانت قدرة الجيش العربي السوري ومرونته وسرعته في خوض معركة القلمون على ثلاث مراحل: الأولى عندما حرر وطهّر الخط من الرحيبة إلى الناصرية وصدد ومهين والقريتين وعزل القلمون عن البادية والمرحلة الثانية تطهير قارة ودير عطية والنبك والتقدم باتجاه يبرود وبقية بلدات القلمون عندها أظهرت المؤشرات أن معركة القلمون أصبحت في خواتيمها وماتبقى منها أقل من معركة بالنسبة للجيش العربي السوري, هنا بدأت غرف العمليات من خارج الحدود باجترار الوهم مرة أخرى بما يسمى معركة فك الطوق عن الغوطة الشرقية والتي أدت إلى إصابة مجاميع الإرهاب بنكبة بشرية وعملياتية في الغوطة الشرقية وشكلت مايسمى عملية انتحار جماعي وفشلت في فك الطوق باتجاه العتيبة والمطار الدولي , وبما أن معركة القلمون هي معركة الوهابية السعودية فقد بدأ مشروع الإرهاب يتصدع وينهار منذراً بسقوط مشروع الوهابية وكل ذلك يؤشر إلى انتهاء المرحلة الرئيسة والانتقال بالضرورة إلى المرحلة الختامية , ولأن المرحلة الختامية خالية الوفاض من إنجازات ميدان تلقي بظلالها على طاولة السياسة لجأت أطراف العدوان والإرهاب إلى استراتيجية المجازر القديمة المتجددة كما حصل في معلولا ومدينة عدرا العمالية وهستيريا السيارات المفخخة والاغتيالات وقذائف الهاون الوهابية العمياء بالتوازي مع التبشير بمولود وهابي إرهابي جديد ومهجن من كل مكونات القاعدة وأفرعها اسمه «الجبهة الإسلامية». ليعلن بذلك نهاية المرحلة الرئيسة وبدء المرحلة الختامية التي تحاول أن تحمل إلى جنيف2 فشلاً ذريعاً في الميدان للإرهاب وداعميه وعجزاً قاطعاً بالقدرة على تغيير موازين القوى.
إذاً ماتبقى هو مجرد هستيريا احتضار الإرهاب وحشرجات الموت, وبمنطق الواقع والحسابات والإنجازات وحجم العدوان المركب الخارجي والداخلي وبما أن الميدان هو الميزان نستطيع القول: إن ماأنجزه الجيش العربي السوري في عام 2013 م يصل إلى مستوى الإعجاز ويقترب من المستحيل وتعجز عنه جيوش جرارة وعظمى, لهذا يجب الاعتراف وبحق أن عام 2013 م هو عام الجيش العربي السوري بامتياز وإنجازاته النوعية والكمية في هذا العام غيرت الحسابات في كل الميادين والموازين العسكرية والشعبية والسياسية داخلياً وإقليمياً ودولياً وجعلت من العام 2013 م سفراً جديداً سيحكم ويتحكم بما تبقى من القرن الواحد والعشرين, وعلى قاعدة هذا الصمود والإنجاز بدأت مرتسمات خريطة الجغرافيا السياسية للنظام العالمي الجديد والخريطة المصالحية العالمية التي بدأت مؤشراتها بالثبات والقوة والنفوذ الروسي والاتفاق الإيراني مع الدول الست وقوة وصلابة محور المقاومة وانهيار وتداعي مملكات وملوك وأمراء وسلاطين الإرهاب.