الامتحان الوطني الموحد تحت المجهر.. في ندوة الاثنين الحوارية بدار البعث د. دشاش: ليس عقوبة وبات ضرورة لتحقيق الأمان الأكاديمي للشهادة الجامعي
آراء ومقترحات ووجهات نظر مختلفة تؤكد أهمية الامتحان ولكن بشروط
نحتاج لنشر ثقافة التقويم بعيداً
عن النمطية في التعليم
منذ اعتماده كشرط للتخرج في الكليات الطبية والهندسية وبعض التخصصات الأخرى أثار الامتحان الوطني الموحد ضجة كبيرة في الشارع الطلابي، لم تهدأ لغاية اليوم، بعض الطلبة يعتبرون الامتحان “مطباً” قاسياً لمصادرة أحلامهم وطموحاتهم بالتخرج، ومتابعة الدراسات العليا وبعضهم الآخر يطالبون به كضمانة للتميز والثقة بما حصلوه من علوم ومعارف، كما تصر وزارة التعليم العالي على أنه صمام أمان لحماية الشهادة الجامعية السورية التي أصبحت مصداقيتها على المحك، خاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة!.
وسط هذه الحالة من الجدل، استضافت “البعث” الدكتورة ميسون دشاش المدير العام لمركز القياس والتقويم بوزارة التعليم العالي في جلسة حوارية، أضاءت خلالها على الكثير من الجوانب والتفاصيل التي تتعلق بالامتحان الوطني، والدور الذي يقوم به المركز، وقضايا أخرى ذات صلة أثارها الزملاء.
“طواحين الهواء”
بداية قدّمت “دشاش” عرضاً سريعاً عن الاختبارات الوطنية منذ بدايتها عام 2007 ولغاية اليوم، مشيرة إلى أن الهدف منها كان في البداية التصدي للشهادات العابرة للحدود والتي أسمتها اليونيسكو “طواحين الهواء” صادرة عن الكثير من الجامعات الوهمية، لذلك أحدثت وزارة التعليم العالي مديرية للتقويم والاعتماد للبت بأمر تلك الشهادات، بالإضافة إلى الشهادات الصادرة عن الجامعات السورية الخاصة، الأمر الذي تطلّب – حسب قولها – وجود أداة معيارية تفند الجامعات الجيدة، والطلاب الأكثر تميزاً من الطلاب الأقل تميزاً من أجل تحفيز التنافس الإيجابي بين هذه الجامعات الحكومية والخاصة.
أمن أكاديمي
“دشاش” لم تخفِ الآثار الخطيرة التي تعرضت لها منظومة التعليم العالي منذ بداية الأزمة، وخاصة ما يتعلق بالشهادة الجامعية التي أصبحت على المحك وتحت المجهر، مشيرة إلى أن العديد من الجهات بدأت تشكك بالشهادة السورية، خاصة بعد ورود الكثير من التقارير من قبل منظمة اليونيسكو ومنظمة الصحة العالمية التي اشترطت وجود معايير أساسية، وهذه المعايير هي عبارة عن ضوابط من هيئات مستقلة بمعنى أن مسؤولية تخرّج الطلاب لا تقع على عاتق الجامعات فقط، بل أيضاً على عاتق جهة خارجية مستقلة.
ولفتت إلى وجود تصور عالمي في السنوات العشر الأخيرة يتطلب وجود فاحصين خارجيين، ومع عدم توفر المقيمين الخارجيين خلال فترة الأزمة في سورية، كان لابد من البحث عن ضوابط لجودة التعليم العالي لدينا كي نحافظ عليه، ويكون صمام أمان نسميه “أمناً أكاديمياً”، يقوم بالتحكم بضوابط الأمور، ويساهم في بقاء العملية التعليمية، والحفاظ على جودتها، فجاء إحداث “مركز القياس والتقويم” في الوزارة الذي يتمتع بهيئة مستقلة، ومن أولى مهامه قياس مخرجات التعليم العالي في جميع الاختصاصات للتأكد من أنها تحقق متطلبات المستفيدين، لذلك ركزت وزارة التعليم العالي على الامتحانات الطبية بشكل خاص بناء على تأكيدات منظمة الصحة العالمية التي طلبت من دول شرق البحر المتوسط ضرورة توفر أداة معيارية موحدة، لذلك تم التركيز على الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة والتمريض.
90 امتحاناً وطنياً
ونوهت “دشاش” أن المركز منذ إحداثه وحتى تاريخه أجرى /90/ امتحاناً وطنياً، من أجل التأكيد على وجود أداة معيارية واحدة، تحقق تكافؤ الفرص، وتؤمن العدالة، وتحقق المساواة بين كل الأطراف والجامعات الحكومية والخاصة، وأشارت إلى صدور قرار من مجلس التعليم العالي لجهة تطوير الامتحانات الوطنية، وجعلها مطلباً للتقدم للدراسات العليا من أجل تحقيق العدالة في توزيع المقاعد.
وبيّنت مدير مركز القياس والتقويم أن انتقال العديد من الجامعات الخاصة إلى مقرات مؤقتة وتركها لمقراتها الدائمة، فرض قواعد اعتماد خاصة بالمقرات المؤقتة، وخاصة مع نقص الكادر التدريسي، وضربت مثالاً على ذلك النقص الكبير باختصاص الصيدلة، حيث يوجد حالياً 44 أستاذاً فقط موزعين على كافة الجامعات السورية، علماً أنهم كانوا قبل الأزمة أكثر من 150 أستاذاً!.
وأوضحت أن الجانب الإداري شكّل تحدياً للمركز من خلال قيامه بإجراء الامتحان الوطني لـ/21/ جامعة وفي /5/ مراكز امتحانية بنفس الزمان والمكان، كل ذلك من أجل تحقيق الجودة، وإصدار النتائج بكل مصداقية، موضحة أن إدارة الاختبارات الوطنية كانت بمثابة عبء على الوزارة والمركز، ومع ذلك عملت وزارة التعليم العالي على إنجازها من أجل ضمان الحصول على الاعتراف بالشهادة السورية”.
بكل صراحة!
وبخصوص الجانب العلمي، لم تنفِ دشاش أن هناك مآخذ على الامتحان الوطني تتمثل بموضوع عدم توحيد المناهج، مؤكدة على أحقية بعض الشكاوى التي تصل إلى المركز، فالغاية، حسب رأيها، ليست توحيد المناهج، بل الوصول إلى “اللانمطية في التعليم”، لذلك عملت الوزارة على فكرة “الخطة الوطنية لتطوير برامج التعليم العالي ومناهجه”، إضافة إلى المعايير الوطنية التي تحدد الحد الأدنى للمعرفة، والمهارات التي يجب أن تكون متواجدة لدى الطلاب المتخرجين قبل الدخول إلى سوق العمل، مشيرة إلى أن أسئلة الامتحان الوطني يجب أن تمس الحد الأدنى من المعرفة والمهارات للطالب، لذلك تقول دشاش: لسنا بحاجة لتوحيد المناهج، وتوحيد الكتاب الجامعي، لأننا نأخذ الحد الأدنى من المعرفة والمهارات، فعلى سبيل المثال خريج كلية الطب من أية جامعة، سواء سورية أو غيرها، يجب أن يعرف كيف يتم سحب الدم، أو كيفية الاعتناء بالجرح.
وبخصوص الجانب التقني نوهت بالتسهيلات التقنية التي قدمتها وزارة التعليم والتي يستطيع الطالب من خلالها التسجيل الكترونياً على مدار 24 ساعة، وحتى من خارج سورية عن طريق نقاط نفاذ خارجية، وتم كل ذلك بالتعاون مع الجامعة الافتراضية.
وأشارت إلى منح شهادات (QR CODE) للطلاب خارج سورية من خلال برنامج (Android system)، حيث يستطيع الطالب أن يحصل على علامته وبشكل مباشر ومجاني من تصميم فريق مركز القياس والتقويم، كما يستطيع أن يتحقق من جودة الشهادة، وعدم حصول عمليات تزوير لشهادة الامتحانات الوطنية.
الأمر الآخر الذي أشارت له هو منظومة الشكاوى، والخطة التي يتبعها المركز عن طريق ثلاث نقاط نفاذ في جامعات “تشرين- البعث – دمشق”، وبيّنت أن الامتحان سيصبح محوسباً في آخر العام الجاري، وبالتالي يستطيع الطالب تقديم امتحاناته، والحصول على النتيجة بشكل مباشر،
وشددت على ضرورة نشر ثقافة الجودة والنوعية وأهمية القياس والتقويم من خلال التشجيع على أية فكرة جديدة، وفهم الأفكار، والهدف منها قبل نقدها.
وبرأيها أن مديرية الامتحانات في الكليات تعطي النتائج التي تعكس الدرجات الامتحانية التي يحصل عليها الطالب، لكنها لا تستطيع أن تعكس مستوى الطالب أو الأستاذ أو المنهاج، مؤكدة أن المشكلة هي في بيئة التعليم أو الكتاب الجامعي، “في مديرية الامتحانات نرى القياس، ولكن لا نرى التقويم، حيث لا يوجد عميد كلية يعقد اجتماعاً، ويناقش في مقرر من المقررات الامتحانية أسباب المشكلة، وما هي الإمكانية لتطوير وتحديث المنهاج الجامعي”، وهذا برأيها يسبب إشكالية في مركز القياس، “نحن نمتلك ثقافة القياس، لكننا بحاجة إلى ثقافة التقويم، وهذه أكبر مشكلة نواجهها!”.
ثقافة غير موجودة!
الزميل غسان فطوم المتابع لقضايا الشباب والطلبة، طرح عدة نقاط هامة، تمحورت حول الصعوبات التي تمنع تطبيق الامتحان الوطني بالطريقة الصحيحة التي تحقق الغاية المرجوة منه!.
وأيّد رأي الدكتورة دشاش بخصوص عدم امتلاكنا لثقافة القياس والتقويم، ومن وجهة نظره فإن أية خطوة، وإن كانت إيجابية باتجاه تصحيح المنظومة التعليمية، ستواجه بالرفض من قبل الطلبة بحجج كثيرة، أولها أننا الآن لسنا في وارد تطبيق هكذا أمر في هذه الفترة العصيبة، وهذا أحد الأسباب التي جعلت الطلبة يطالبون بإلغاء الامتحان الوطني كشرط للتخرج، لأنهم يعتبرونه عائقاً أمام تحصيلهم العلمي، أو الدخول إلى سوق العمل.
وقال: من حيث المبدأ نحن مع الامتحان الوطني، ولكن بشرط أن يقدر، ويراعي ظروف الطلبة في ظل الأزمة، حيث تأذوا منها كثيراً، وبالوقت نفسه يجب ألّا ينسينا الاهتمام بجودة تعليمنا، خاصة بعد الإنذارات التي تلقتها وزارة التعليم العالي من منظمة اليونسكو!.
وبرأيه أن الطالب لديه كل الحق ليبدي الملاحظات على هذا الامتحان وبالوقت نفسه الوزارة معها الحق في التشدد بضبط جودة المخرجات التعليمية للحفاظ على هيبة الشهادة الجامعية.
وسأل: لماذا الطالب السوري يبدي ملاحظات على الامتحان الوطني، ويعتبر عثرة وضعتها الوزارة في طريق تخرجه؟!.
وبيّن أن الطلاب يعترضون من منطلق أنه من غير المعقول وبعد خمس سنوات من الدراسة أن يكون سؤال واحد هو من سيحدد مصيرهم بالتخرج!!.
حفظ وتلقين!
كما بيّن أن الواقع الحالي للمناهج الجامعية لا يساعد على تحقيق أهداف الامتحان الوطني، الذي يعتمد على قياس المهارات والكفاءات، كونها تعتمد على الحفظ والتلقين، ولا تعلّم الطالب كيف يبدع ويحلل، بمعنى أن الطالب لم يتلقَ علوماً نوعية ذات جودة عالية يمكن على أساسها أن يدخل الامتحان الوطني لقياس مهاراته!.
وأكد فطوم على أهمية وجود بنك أسئلة للخلاص من مشكلة اختلاف المناهج بين الجامعات، وتمنى التخلص من الأخطاء أثناء الامتحان، والنظر بمشكلة تأخر تخرج الطالب، وضياع فرصته في إكمال تحصيله العلمي.
وخلص الزميل فطوم: الامتحان الوطني بحاجة إلى تصويب ليكون بالفعل فلتراً حقيقياً لتصفية الشهادة الجامعية من الشوائب التي علقت بها، خاصة بعد أن كثر الفساد في امتحانات الشهادة الثانوية، وكثر الغش الامتحاني في الجامعة، داعياً إلى التنسيق الفعلي بين وزارتي التعليم العالي والتربية، لجهة إصلاح المناهج التي تعتبر من أهم أسس وركائز نجاح الامتحان الوطني!.
مهم لكن لا يردم الفجوة!
د. عبد اللطيف عمران مدير عام دار البعث رأى في مداخلة له أن الامتحان الوطني لا يردم الفجوة التي قضاها الطالب في سنوات الدراسة، ولا يستطيع لوحده أن يقوّم الاعوجاج الحاصل في سنوات الدراسة الجامعية، واعتماد الامتحان لتلافي النقص الحاصل سابقاً هو مبرر غير كاف، لذا يجب على المعنيين في الوزارة مراقبة الطالب والمناهج والمقررات من السنة الأولى، لأن الطالب ربما يتعرّض لموقف ما يتكرر خلاله رسوبه في الامتحان الوطني، لذلك هذه الذريعة يجب أن تسقط تماماً من مسوغات الامتحان الوطني على أهميته وضرورته، وأشار الدكتور عمران إلى أن قطاع التعليم العالي له حساسية خاصة، فالعمل في الوزارة المعنية به مختلف تماماً عن غيرها من الوزارات، لأنها الوزارة الوحيدة التي لا توجد في مديرياتها مركزية قرار، فلا يستطيع حتى الوزير التنكر لرأي المجالس المختصة المتسلسلة للوزارة، فالقرار هنا يغربل أكثر من باقي الوزارات، مشيراً إلى ضرورة التمييز في الرأي العام عند الطلبة بين الرأي العلمي، والرأي القطيعي.
إشارات استفهام!
الزميل محمد كنايسي رئيس التحرير أثار نقطة مهمة تتعلق بمعادلة الشهادة الثانوية التي يحصل عليها الطالب من الدول العربية، ولاسيما من السعودية، وحسب معرفته أن بعض السوريين الذين لم يكونوا بمستوى كاف من الكفاءة، وذهبوا إلى السعودية، حصلوا على شهادة ثانوية عامة بعلامات ممتازة، وقاموا بمعادلة الشهادة، ودخلوا بقطاعات خاصة، كالطب، أو الهندسة، أو غيرها من التخصصات العلمية المهمة، معتبراً أن هذه أحد إشكالات الجامعات الخاصة، والتي ترسم إشارات استفهام كثيرة؟!.
وبرأيه أن الحل الجوهري والبنيوي للمسألة التعليمية في سورية هو إعادة إصلاح المناهج لأنه الأهم، ليس فقط في نطاق التعليم العالي، وإنما إصلاح المناهج التربوية، بدءاً من مناهج الروضة، “لن نتمكن من إصلاح المناهج من مرحلة التعليم العالي، هذه مسألة مستحيلة، لهذا نضطر للجوء لوسائل أخرى مثل الامتحان الوطني، هذه مشكلة حقيقية، لذا علينا أن نعلّم تلاميذ المدارس على أصول البحث والتفكير العلمي السليم”.
بعد غير علمي!
ومن وجهة نظر الزميل ناظم عيد مدير التحرير أن للسجال والجدل الدائر حول الامتحان الوطني بعداً آخر غير علمي، مشيراً إلى أن وزارة التعليم العالي تُقارب هذا الموضوع بالخط الأحمر من الداخل، وربما خجلة من أن تقولها علانية فيما يخص الجامعات الخاصة التي لديها نفوذ ووسائل ضغط على الوزارة، متسائلاً: لماذا لا نتكلم بشكل صريح وواضح، ونضع معايير للجامعات الخاصة، وننبئها أن هذا التعليم ليس مجرد استثمار، مبيّناً أن تلك الجامعات تعتمد الأعراف وليس القوانين، أي لا يجوز أن يرسب الطالب، والمهم ما يدفعه من المال، وبالتالي يتخرّج الطالب طبيباً، وهو لقب له بعد اجتماعي غالباً وليس بعداً مهنياً، أي أنه لن يعمل كي يقتات من هذه الشهادة.
وقال: نحن ندلف هذا النقاش، وهناك من يطالب بإلغاء الامتحان الوطني، أنا لا أتصور طالباً في جامعة حكومية له مصلحة في ذلك، لأنه توجد قوانين، أما في الجامعات الخاصة، المشكلة ليست كذلك!.
إقصاء دور الجامعة!
وكان للزميل تمام بركات وجهة نظر أخرى، فبرأيه أن الامتحان الوطني يقصي دور الجامعة السورية العريقة، بمعنى أن الجامعة غير قادرة على تجهيز طلاب من كافة الاختصاصات، بدليل إخضاعهم للامتحان الموحد، واعتباره شرطاً للتخرّج!.
ورأى الزميل فداء شاهين أن الامتحان الوطني يجب أن يكون شرطاً للتخرّج في الجامعات الخاصة فقط، بما أنه توجد سنة تحضيرية في الكليات الطبية بالجامعات الحكومية، موضحاً أن باعتمادنا للسنة التحضيرية والامتحان الوطني معاً نعطي دليلاً لليونسكو أن هناك خللاً بالجامعات السورية!.
أما الزميل بشير فرزان رئيس قسم التحقيقات فأشار إلى وجود حماس بالجامعات الخاصة للامتحان أكثر من نظيراتها الحكومية، ككلية طب الأسنان، لذا يريد الطلبة أن يتم تعزيز الجانب العملي على النظري.
وسأل الزميل قسيم دحدل عن الربط بين معدل التخرّج، ونتيجة الامتحان الوطني.
ردود وتوضيحات
في معرض ردها على الأسئلة أكدت الدكتورة دشاش أن الامتحان الوطني ليس عقوبة، داعية إلى الاعتراف به كأمر ثابت، مع السؤال: هل يعطي قيمة لخريجي الجامعات، أم أنه يسيء لهم؟!.. هل يطور لهم كفاءاتهم ومعلوماتهم، أم العكس؟!.
وعلّقت على المطالبة الملحّة بإلغاء الامتحان الوطني بأن هذه موضة، مشيرة إلى أن العديد من الطلبة الأوائل طالبوا الوزارة بعدم إلغاء الامتحان، أما مطالبة بعضهم بإلغائه فما هو إلا “بروباغندا” إعلامية أكثر من كونه مطلباً يستند إلى معطيات ومؤشرات حقيقية، وقالت: هنالك الكثير من الطلاب لم يكونوا مع الامتحان الوطني، والآن هم يؤيدونه، كذلك الأمر بالنسبة لبعض عمداء الكليات بعد أن أخذوا معطياتنا وأرقامنا، إضافة إلى عرض بعض التجارب العالمية عليهم.
وأضافت: من خلال تجربتنا مع الجامعات الخاصة، كانت نسبة نجاح الطلاب في البعض منها في الامتحانات الوطنية الأولى بطب الأسنان، والصيدلة 2%، وهي فقط كفاءة للحصول على مصدقة التخرّج، ولكن في الدراسات العليا ارتفعت لـ 29%، الآن هذه الجامعات نفسها وصلت نسبة النجاح فيها من 90-93% بالطب البشري، وطب الأسنان، لأن الطب البشري يعتبر الامتحان فيه شرطاً للتخرّج، لذا لم تظهر به الخضات التي ظهرت بباقي الاختصاصات.
وأشارت إلى وجود جامعتين خاصتين تدرّسان الطب البشري، هما الجامعة السورية، وجامعة القلمون، هاتان الجامعتان أصبحتا تقدمان برنامجاً يتضمن دورات تدريبية، وذات مرة أرسلنا لواحدة منها ملاحظة تتضمن أن طلابها لديهم نقطة ضعف بطب الأطفال، فقامت بتطبيق برنامج صيفي ومكثف، وبرنامج تدريب سريري، ولم يتخرّج من طلبتها أحد قبل أن يخضع لهذا البرنامج، إذاً الامتحان الوطني قوة دافعة للجامعات الخاصة لكي تطور أداءها، وهي تتحسن، ونحن لا نقصد أن كل طلاب الجامعات الخاصة غير جيدين.
وبيّنت أن ليس كل طلاب الجامعات الحكومية بالدرجة أو السوية العلمية نفسها، مشيرة إلى وجود دراسة معمقة تبيّن من خلالها وجود ارتباط خطي بين معدل الطالب، وسنوات التخرّج.
لسنا ضد الفكرة
وبخصوص ما يتعلق بالمناهج، وعدم قدرتها على مواكبة الامتحان الوطني، أكدت أن المركز ليس ضد الفكرة، محمّلة المسؤولية للطالب، والأستاذ، والجامعة، “تخيّلوا أنكم تنجزون امتحاناً وطنياً كل سنة لستين مقرراً أحياناً، ومع ذلك تحدث المفاجأة بأن هناك 117 طالباً لم يتخرّجوا بعد، بالرغم من تقديمهم 7 مرات، فهذه إشكالية واضحة، نحن نضبط المدخلات والمخرجات، لكن العملية التعليمية هي مسؤولية الجامعة بالنهاية، والمقررات هي مسؤوليتهم، وعليهم أن يعرفوا نقاط الضعف والقوة لديهم.
وأشارت الدكتورة دشاش إلى وجود خطة وطنية لتطوير برامج ومناهج التعليم العالي تعمل عليها الوزارة، والتي كان من المفترض تطبيقها لولا الأزمة.
وأكدت أن مركز القياس وظيفته كشف الخلل، ونقاط القوة والضعف، لذلك كان من الضروري أن نظهر ونثني على الإيجابيات، وعدم الاكتفاء فقط بالحديث عن السلبيات، وأكدت على نقطة مهمة جداً تتعلق بالمدخلات والعملية التعليمية، والمخرجات، وعلى حد قولها: “المركز لا يتدخل أبداً بالعملية التعليمية”، متمنية أن يتم إحداث هيئة جودة وطنية تتمتع بالحيادية والاستقلالية، وتتبع رئاسة مجلس الوزراء، أي ألا تكون تابعة لا لوزارة التعليم العالي، ولا لأية جهة، وبذلك يقوم المركز بقياس المخرجات، لذلك من الضروري أن تكمله وبالتوازي هيئة جودة واعتمادية.
ورداً على اتهام الامتحان الوطني بتأخير وعرقلة مستقبل الخريجين، بيّنت أن الوزارة سمحت للطلاب أن يدخلوا “شرطياً”، والطالب هنا لا يتأخر تخرّجه، فالطالب الذي كان تنقصه أربع مواد سمح له سابقاً بالتقدم، وبالتالي لا يتأخر تخرّجه، وهذه تعتبر نقطة إيجابية حسب رأي الدكتورة، أما بالنسبة لخدمة العلم فالوزارة تعطي للطالب أربع فرص لتأجيل خدمة العلم قبل أن يتم سحب الطالب إلى الخدمة الإلزامية، وبموضوع الأخطاء الامتحانية، كل الأسئلة التي تضمنت أخطاء امتحانية تمت إعادتها وحذفها، وبالتالي تدارك هذا الموضوع، وفيما يتعلق ببنك الأسئلة الوطني، قام مركز القياس والتقويم بمراسلة كل قواعد البيانات “واسكوبس”، وتمت الموافقة على ترجمة كل الكتب العالمية مثل هيرسون التي ستترجم إلى اللغة العربية حتى نستطيع من خلالها أن نحدث بنك أسئلة وطنياً، وستكون بمتناول الطلاب، وسيكون هناك 300 سؤال من كل اختصاص تأتي الأسئلة منهم بالطبع.
وختمت: “للأسف نحن مازلنا خلال السنوات الست نناقش الامتحان لجهة إلغائه، أو الإبقاء عليه بدلاً من تطويره والدخول في مرحلة الامتحانات المحوسبة”.
بيئة متكاملة
من جانبه أوضح الدكتور وضاح الخطيب مدير مركز الأبحاث واستطلاع الرأي بدار البعث بخصوص ما يتعلق بالمناهج أن القضية ليست إصلاح مناهج فقط، بل يجب توفر بيئة متكاملة: “المدرّس، والمنهاج، والقاعة، ونسبة عدد الطلاب في القاعة إلى المدرّس، فما الفائدة من منهاج يدرّس بأهم الجامعات الأمريكية، والمدرّس يدخل خطيباً على مدرج مليء بـ 500 طالب؟!”.
وفيما يتعلق باستفسار أحد الزملاء حول ما إذا كان طلبة الجامعات الخاصة يشترون الشهادات، وليست لديهم الكفاءات اللازمة، ويأتي هذا الامتحان ليعطيهم المصداقية التي يبغونها، أوضح أن الكثير من الجامعات الخاصة تبذل المجهود الكبير، وتؤيد وبشدة الامتحان الوطني، وأضاف: في حال كان كلام الزميل صحيحاً، فلا توجد في المركز دراسة باستطلاع رأي حقيقي لمعرفة هل غالبية طلاب الجامعات الخاصة أكثر قبولاً للامتحان من طلاب الجامعات العامة، وكل ما يتداول هو انطباعات فقط!.