محمد البيرق: تشرين
لم يكن غزل «تسيبي ليفني» وزيرة «العدل» في الكيان الإسرائيلي في «مؤتمر الأمن» الذي عقد في ألمانيا سنة 2014 محصوراً بشخص تركي الفيصل، بل تعداه ليكون «تحرشاً» واضحاً بالنظام السعودي، فأمنيتها «لو كان الفيصل يستطيع الجلوس بجانبها على المنصة» بين أعضاء «وفدها»، حققها لها مسؤولو بني سعود، بظهور «خجل» في مؤتمرات سرية جمعتهم والإسرائيليين على طاولة واحدة، لكن «الحياء» لم يدم طويلاً، والحرام صار «مباحاً» مادامت «ضرورات المصالح» تبيح المحظورات، لتكون اللقاءات العلنية وتأثيراتها الواضحة في عقلية المسؤولين السعوديين، وليكونوا شركاء في واقعة الطغيان «الربيعي» بحسابات جغرافية وإيديولوجية، تؤكد خبثها سياسات الدول الإمبريالية.
وليكون الحضور السعودي مُستَثمراً – ومن الجميع- كان لابدّ لـ«إسرائيل» من «رشِّ القنبز» للفت الانتباه ليثمر «التحرش» الذي بدأ ملاطفة على هوامش الاجتماعات، ولينتهي بخلوات شبه أسبوعية «أنجبت» عقلية مخابراتية إسرائيلية تحرّك النظام السعودي الذي لم يكن يوماً إلا «عاقراً»، طبعاً إذا ما استثنينا «فقط» مخططاته ومقامراته حول لعبة الكراسي التي ترفد المملكة الوهابية بولي عهد جديد مقاسه يتلاءم مع المصالح المادية والشخصية لبني سعود ومن لفّ لفّهم من «زعماء الساعة» الإمبريالية اللحظية.
لا يختلف عاقلان على تحديد المسؤول عن صناعة «داعش» كـ«منتج» بدأ تصنيعه سعودياً، لكن تحركات «بيادقه الربيعية»، التي افتعلت «اهتزازاً» جيوسياسياً على رقعة الوطن العربي، كشفت ما تحت «العقال والعباءة العربية»، حيث ظهر واضحاً «العقل اليهودي» الراكن تحت «العقال الخليجي»..
فالاحتلال غير القانوني والوحشي للأراضي الفلسطينية، وفرضه الفصل العنصري لم يكونا ممكنين إلا من خلال الاحتلال الإسرائيلي الكامل «للعقل الأمريكي».
وبعيداً عن التعقيدات في شرح «كيف ولماذا» صار اللوبي الصهيوني «العقل السياسي» الأول في العالم، سنلقي الضوء الخافت على «السياسة» الجديدة لبني سعود لتحريض «حدقة» باتت جاهزة لاحتواء الصور الأوسع والأشمل لصهيونية النظام السعودي.
فهم، وبكل وقاحة، يعقدون في ديارهم مؤتمراً تحت عناوين «محاربة الإرهاب» و«الدعوة للحوار مع الأديان» و«التسامح والمحبة»، بينما هم «الرحم» الأول الذي غذّى التّطرف، وهيّأ المناخ المناسب لولادته، ويركبون «موجة» الإعلام المسيس ويستثمرونه كوسائل تحاكي المنابر الإسرائيلية التي تعتمد التضليل والكذب، واستثمار الأموال للحضور الافتراضي الذي يماثل المدرسة الصهيونية التي تصدّر صورتها كـ«ضحية»، بينما الفلسطيني «إرهابي» يقلق «سلمها»!.
ومع بساطة مثالنا، فإن مسلسلاً مثل «غرابيب سود» لم يكن إلا مادة إعلامية انتقائية البث في شهر رمضان المبارك ليكون متابعاً بطريقة شبه مثالية، وهو المسلسل المعنون بجملة قرآنية «غرابيب سود- سورة فاطر»، وهو إن أظهر أنه يحكي عن فظاعة تنظيم «داعش» الإرهابي، لكنه يحمل بين حلقاته «سمّ حواريات» تُظهر المنتسبين للتنظيم كلهم – مع كبر عددهم- وكأنهم «ضحايا لا حول لهم ولا قوة» في «اعتناق» التطرف والولاء لـ«داعش».
الشريك الاستراتيجي والإعلامي للنظام السعودي في صناعة الإرهاب والفكر الوهابي التكفيري هو «إسرائيل»، أما شراكتهم فمبنية على مبدأ «من عندكم المال ومن عندنا العقل المدبر»..!!