كمال خلف: رأي اليوم
تعيش المنطقة عموما الآن حالة مخاض عسيره، تشي بيئتها السياسية والعسكرية أن ثمة احتكاك عسكري يرتسم بالأفق ، يدرك من يعرف “أ ب” السياسية أن استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري قد تمت بالتنسيق مع السعودية، وحسمت خلال الزيارة الخاطفة يوم واحد للسيد الحريري الى المملكة واجتماعه بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. ولكن هل هذه هي شارة الحرب المقبلة؟ قد تكون كذلك، وإنما هناك أكثر صراحة من عملية قلب الطاولة التي فعلها الحرير
الاسرائيليون، أكثر وضوحا في هذا المنحى، إذ تتحدث المستويات المختلفة العسكرية والسياسية والصحفية علنا عن النافذة التي بدأت تغلق على قرار إسرائيل شن الحرب على حزب الله في لبنان، وأن الحرب بالنسبة لإسرائيل اليوم أفضل منها غدا، وإن الحرب المقبلة يجب أن تبدأ من حيث انتهت حرب تموز 2006 . أي من بيروت .. قصف بيروت والبنى التحتية اللبنانية وربما الجيش اللبناني الذي يقول عنه الاسرائيليون انه بات ألعوبة بيد حزب الله، ويعني أيضا أن الهجوم الإسرائيلي المقبل سيبدأ من البر مع الجو بشكل متزامن.
تعرف إسرائيل جيدا ان عليها أن اتخذت قرار الحرب أن تكسبها بنسبة 100 بالمئة، لأن خسارة الحرب تعني كارثة على إسرائيل. وتعرف أسرائيل أيضا أن البيئة السياسية في العالم العربي اليوم، ليست كما كانت قبل حرب تموز، وإن إعداد العرب الذين سوف يصفقون لها ازداد عن السابق، بعد ضخ الماكينة الإعلامية الخليجية حملات شرسة على الحزب، حققت فيها نتائج تصب لصالح شيطنة الحزب، معتمدة على الحرب السورية، والاختلاف المذهبي والطائفي.
لكن هل هو التصفيق المتزايد فقط؟ أم أن التنسيق توضح وتصاعد، وقد يكون المصفقون السابقون، شركاء فعليون في العدوان على المقاومة؟ ولكن كيف؟ نعتقد أن” كيف هذه” يجري الأعداد لها جيدا وأمام اعيننا.
تقديراتنا تقول ان الحرب ستبدأ في الربيع المقبل، وأن الوضع الداخلي اللبناني معول عليه للعب دور لمصلحة إسرائيل بدعم خليجي كبير، وإن إسرائيل وضعت أهداف الحرب من الآن ، وهي الوصول إلى الشريط الحدودي قبل العام 2000، أي إعادة احتلال جنوب لبنان وصولا لنهر الليطاني. ليس هذا فحسب بل التقدم على الجبهة السورية وإعادة احتلال القنيطرة وصولا إلى خان ارنبه وتهديد طريق دمشق .بالمقابل لا يعلم إلا الله ماذا في جعبة حزب الله وحلفائه لمواجهة هذا السناريو، الثابت أن الحزب اليوم ليس هو حزب الله في 2006، الحزب كما هو معروف راكم الصواريخ والخبرات القتالية، وبراينا لن يقاتل الحزب في الحرب المقبلة بذات أساليب القتال في الحرب السابقة، لأن إسرائيل اشبعت ذلك بحثا ودراسة، ولم تتوقف منذ سنوات عن إجراء تقييمات للحرب السابقة والبحث عن مكامن الخلل الذي أدى إلى الهزيمة.
الحرب المقبلة التي تدق طبولها الآن بشكل مضطرد، ستكون الحرب الأخيرة ، فيها المنتصر والمهزوم، وفيها خرائط المنطقة وتحالفاتها الجديدة، ما نتمناه هو هزيمة منكرة لإسرائيل ومن معها ، وانتصار حاسم لمحور المقاومة، ولا نطيق الحرب ونبغضها، إلا أن من واجبنا جميعا وليس واجب رجال حزب الله أو الجيش السوري فقط أن نصدى لها بكل ما نستطيع.